العنوان إشراقة الثلاثاء وجبة خفيفة كل ثلاثاء
الكاتب محمد إبراهيم نصر
تاريخ النشر الثلاثاء 14-مايو-1974
مشاهدات 15
نشر في العدد 200
نشر في الصفحة 45
الثلاثاء 14-مايو-1974
أخي صديق إشراقة الثلاثاء:
سلام الله عليك ورحمته، أدعو لك في بداية حديثي أن يجملك الله بالطهر، وأن يجعلك طاهرًا في الأولين، وطاهرًا فى الأخرين، وأن يسبغ عليك حلة من نوره، ويفيض عليك بإشراقة، فى نفسك، وفى ملبسك، وفى منظرك، و أن يجذب القلـوب إليك.
أدعوك هذا الثلاثاء يا صديقى إلى لون أخر من ألوان الذوق العام والسلوك المهذب، ينعكس أثره على نفسك وإحساسك، وينعكس أثره على إخوانك وغير إخوانك، يطبع جماعتك بطابع خاص، ويجعل لأمتك سمة بارزة، وعلامة مميزة، ترفع شأنها، و تعلي قدرها.
أدعوك أن تلبس أجمل ما أعددت من الثياب، وأن تتطيب بأعبق ما عندك من الطيب، وأن تحرص على أن يكون منظرك جميلًا دائمًا، وثوبك نظيفًا دائمًا، ولا ينبعث منك إلا أطيب الريح، فذلك يعزز ثقتك في نفسك، ويعزز حب الغير لك، ورغبته فى لقائك، والتودد إليك، والنظافة يا أخي فضلًا عن أثرها في درء الأخطار والأمراض، فإنها تهب الأمة احترامًا، وتجعل لها مكانة ومنزلة، ولعلك تعرف موقف الدين من هذه السمة؟ إن دينك يا أخى هو دين الطهر دين النظافة، يحرص على طهارة البدن حرصه على طهارة النفس، فجعل الوضوء شرطًا أمام كل صلاة، وفي الوضوء تغسل كل أعضائك الظاهرة التي تتعرض لعوامل التعرية، فيتجدد نشاطك، ويقوي عزمك، ويصح بدنك، وأرشدك نبيك الكريم إلى طهارة فمك دائما، فالسواك مطهرة للفم ومرضاة للرب، و دعاك إلى تخليل الأسنان، وتخليل الأصابع فقال صلى الله عليه وسلم: «تخللوا فإنه نظافة، والنظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة».
وفى الإجتماعات الكبرى، في يوم الجمعة، أو في أيام الأعياد، لا بد أن تتهيأ لها بزيك الجميل، ومنظرك الحلو الممتع، وتبعد عن نفسك ما تتقزز منه الجماعة، و ينفر منه الناس. «من أكل بصلًا أو ثومًا فليعتزلنا، أو فليعتزل مساجدنا، وليقعد في بيته. هذا حديث رواه البخاري ومسلم.
ألم أقل لك أن دينك هو دين الذوق كله، وتربية الإحساس بالجمال، وتنمية الشعور بالفن الجميل، ما أروع أن تنظر إلى المصلين في يوم الجمعة، أو فى أيام العيد، أو فى صلاة الجماعة، فتراهم كالملائكة طهرًا، ونقاء وجمالًا، وتراهم وقد خرجوا يتصافحون، ويتعانقون، حقًا إنه دين الحب، والتضامن، والإخاء والجمال، واستمع إلى هذا النداء العلوي إلى بني آدم: ﴿۞ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ ( سورة الأعراف: 31 ) ويقول بعد ذلك بقليل ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ (سورة الأعراف: 32). والتعبير القرآني لم يقصر الزينة والجمال على هذا الوقت فقط ولكنه لفت نظرك إلى المساجد لما فيها من اجتماعات، ففى كل اجتماع عام تلتقي فيه بإخوتك ينبغى أن تتزيا بزيك الجميل، ما استطعت إلى ذلك يوم سبيلًا.
بقى أن تعرف حقيقة الزينة ما هى؟
الزينة المتفق عليها هي ما اصطلح عليها عرف بلادك، وناسبت الذوق العام المشترك ، لا تلك الزينة المنكرة ، فإطالة الشعر ليست زينة للشاب لأنها تباعد بينة وبين الرجولة وتقرب بينه وبين الجنس الناعم، والملابس الضيقة التي تبرز من جسمه ما يجب أن يستتر ليست زينة، بل هى هدر للكرامة والقيمة، ومن الجمال أن تجتنب ما ينفر منه الذوق الإسلامي الأصيل.
ولعلك يا أخى قد أدركت من بلاغة الآية الكريمة إنها لم ترسم حدودًا للزينة لتتركها للعرف والتقليد، عرف بلادك التى تعيش فى ظلها، لا عرفًا طارئًا، ولا تقليدًا مستوردًا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل