; إقالة أويحيى تمهد للتمديد لبوتفليقة | مجلة المجتمع

العنوان إقالة أويحيى تمهد للتمديد لبوتفليقة

الكاتب محمد يعقوبي

تاريخ النشر السبت 03-يونيو-2006

مشاهدات 34

نشر في العدد 1704

نشر في الصفحة 36

السبت 03-يونيو-2006

توقعات بصعود الإسلاميين في انتخابات ۲۰۰۷

طموحات أويحيى للرئاسة ورفضه تعديل الدستور ومحاولات تقويض مؤسسة العسكر وراء إقالته السريعة.

أربع وعشرون ساعة كانت كافية ليقدم رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى استقالته للرئيس بوتفليقة ثم يقبلها الرئيس ويكلف بديلًا عنه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم بتشكيل حكومة جديدة. ولم تمض ساعات قليلة عن هذا التكليف حتى أعلن بلخادم عن تشكيلته الجديدة القديمة التي لم يتغير فيها سوى رئيس الحكومة الذي تولى وزارة الإعلام، وربما هي المرة الأولى في تاريخ الجزائر المستقلة التي يتم فيها تعديل الحكومة بهذه السرعة وهذه الطريقة أيضًا!

أصبح واضحًا أن رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى هو المطلوب الوحيد لدى الرئيس بوتفليقة وحزب جبهة التحرير الوطني، صاحب الأغلبية الانتخابية، بدليل الاحتفاظ بنفس التشكيلة الحكومية التي كان يقودها أويحيى ليتسلم بلخادم فقط مهمة تسييرها بنفس الطاقم ووفق نفس البرنامج، بعد زوبعة من التصريحات المضادة لرئيس الحكومة المستقيل: متهمة إياه بتعطيل برنامج رئيس الجمهورية وإعاقة مسار التنمية للتأثير على شعبية الرئيس وبالتالي على حظوظه في ولاية ثالثة.

الحملة ضد أحمد أويحيى خاضتها طيلة الأسابيع الماضية، قيادات حزب جبهة التحرير الوطني المسيطر على أغلبية المجالس المنتخبة في البلاد. وبعد سنوات من قبولها بسياسة الأمر الواقع، واستغنائها عن رئاسة الحكومة لصالح الأقلية التي يقودها أويحيى، فتح الجبهويون النار على زعيم التجمع الوطني الديمقراطي، وطالبوه بالاستقالة من رئاسة الحكومة وتسليمها لحزب الأغلبية، مهددين بحجب الثقة عن حكومته، بعد عرضه لبيان السياسة العامة، وهي الحملة التي اشتدت ضراوة عندما أصر رئيس الحكومة على تقديم حصيلة حكومته بين يدي النواب، والتأكيد على أنها حصيلة لكل أحزاب التحالف الرئاسي الحاكم، وليست حصيلة حزبه فقط، وأن الحساب يسري على الجميع، وليس على وزراء حزبه فقط.

ووسط هذه المعركة الطاحنة بين قيادات جبهة التحرير ورئيس الحكومة المستقيل فضل رئيس حركة مجتمع السلم أبو جرة سلطاني أن يغسل يديه من صراع شريكيه في التحالف الحاكم، فقال إن نوابه ليسوا معنيين بالنقاش حول تحريك ملتمس الرقابة ضد الحكومة، وتحدى الجميع في قوله: «مستعدون للمحاسبة عن القطاعات الوزارية التي نسيرها»، وهي التصريحات التي جعلت أبو جرة يبدو غير منحاز لأي من طرفي الصراع؛ رغم أن حزبه من أكثر الأحزاب تضررًا من أويحيى خلال المواعيد الانتخابية الماضية.

وقع الرجل ضحية طموحاته الجارفة فهو يرى في نفسه رئيسًا للجمهورية، ولا يخفي ميوله الاستئصالية التي نُعت بها عندما تبنى خيار المواجهة الأمنية لجماعات العنف والمسلحين في الجبال. وقبل أن يسميه خصومه به صاحب المهمات القذرة» عندما اقتطع من أجور صغار العمال ليدفع الرواتب المتأخرة لكبار موظفي الحكومة نهاية التسعينيات، محدثًا أزمة اجتماعية واجهها أويحيى بقهر الطبقة العمالية البسيطة، ثم خاض حربًا ضروسًا تحت مسمى «حملة الأيادي النظيفة» كان ظاهرها محاربة الفساد والرشوة والمحسوبية، وباطنها إقصاء الكفاءات التي يشك في انتمائها الإسلامي، وتصفية بعض الحسابات مع بارونات اقتصادية متصارعة على رپع البترول. 

وبالإضافة إلى طموحاته السياسية الجارفة التي أزعجت الرئيس بوتفليقة، يبدو أويحيى غير متحمس لفكرة تعديل الدستور التي ترفعها جبهة التحرير الوطني شعارًا، دونه «الموت السياسي» للحزب، فالرجل لا يعارض من حيث المبدأ تجديد ولاية الرئيس بوتفليقة للمرة الثالثة، لكنه لا يريد تبني فكرة تعديل الدستور لإلغاء المادة التي تحدد مدة الولاية الرئاسية بعهدتين اثنتين، الأمر الذي قرأه المتحمسون لبوتفليقة على أنه نوع من المكر يمارسه أويحيى ضد الرئيس.

ومن المساوئ التي استغلتها قيادات جبهة التحرير الوطني من تاريخ أويحيى ضده، ما تعلق بسمعته السيئة في تنظيم المواعيد الانتخابية، فاستخرج له نواب الجبهة ورقة تزويره لانتخابات عام ١٩٩٧ التي أشرف عليها وأعطى نتائجها لحزبه المولود حديثًا، بينما خرجت جبهة التحرير ومعها الإسلاميون يقودهم الشيخ محفوظ نحتاج -يرحمه الله- بنتائج هزيلة لم تعكس شعبيتهم الانتخابية الكبيرة، وحدث حينها أن خرج وزراء الجبهة ونواب البرلمان للاحتجاج على تلك الانتخابات المزورة. فما كان من أويحيى في تلك اللحظة إلا أن أمر قوات الأمن بمواجهتهم بعنف شدید.

وبجانب موقف أبوجرة سلطاني المتوازن، بدعوته إلى تعيين شخصية محايدة على رأس الحكومة تشرف على تنظيم الانتخابات القادمة، بعد أقل من عام، فإن عبد الله جاب الله رئيس حركة الإصلاح الوطني أعلن مساندته لجبهة التحرير الوطني، الأمر الذي فسره البعض برغبة جاب الله في الالتحاق بالتحالف الرئاسي بعدما أعينه أدوار المعارضة. 

الرابط المختصر :