العنوان إلى الذين لا يقرأون التاريخ.. ما أشبه الليلة بالبارحة
الكاتب د. محمد علي البار
تاريخ النشر الثلاثاء 11-مايو-1982
مشاهدات 9
نشر في العدد 570
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 11-مايو-1982
بيان من جورج الخامس إلى العرب وبيان من لينين إلى المسلمين
في أثناء الحرب العالمية الأولى اتفق الحلفاء «بريطانيا وفرنسا وروسيا» على اقتسام العالم الإسلامي والتهام تركيا مركز الخلافة الإسلامية وبموجب الاتفاقات السرية التي عقدت بين بريطانيا وفرنسا وروسيا في ١٠ أبريل ۱۹۱٥ والتي أكدتها اتفاقية سايكس بيكو في سنة ١٩١٦م تم تقسيم العالم الإسلامي أو بالأصح ما بقي من العالم الإسلامي بين هذه الدول الثلاث التي كانت قد التهمت من قبل أجزاء واسعة منه. فروسيا القيصرية قد احتلت من قبل جميع أراضي المسلمين على نهر الفولجا وفي القوقاس والقرم وفي حوض نهر الأورال وامتد سلطانها إلى سهول كازاخستان وجميع بلاد ما وراء النهر «جيحون أو أموداريا» والمناطق الواقعة على نهر سيحون وأراضي التركمان الواقعة فيما كان يعرف بخراسان.. كما امتد سلطانها ليشمل الأراضي عبر القوقاس «أذربيجان» والأراضي عبر قزوين «طبرستان».. كما شملت إمبراطوريتها الأراضي الواقعة على البحر الأسود حتى باطوم.. وامتلكت كثيرًا من الأراضي التي كانت تابعة للخلافة العثمانية وبسطت عليها سلطانها مثل مولدافيه وفاليسيا.
وأما بريطانيا فقد امتلكت الهند التي كانت محكومة من قبل دولة المغول الإسلامية «أحفاد تيمورلنك» وبسطت نفوذها على مصر والسودان وإمارات الخليج وإيران وعدن والملايو وسنغافورة وبدأت تمد نفوذها إلى أفغانستان وإلى الجزيرة العربية ذاتها.
وأما فرنسا فقد امتلكت شمال إفريقيا المسلم وبسطت سيطرتها على تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا.. وبدأت توسع نفوذها بواسطة المارون في لبنان وسوريا.
وتم الاتفاق بين الحلفاء على تقسيم ما بقي من تركية «رجل أوروبا المريض» وهو الاسم الذي أطلقه نيقولا الأول إمبراطور روسيا على تركيا.
وفي هذه الاتفاقيات السرية أعطيت روسيا تركيا بما فيها البوسفور والدردنيل وإسطنبول «القسطنطينية» ذاتها لتعيدها عاصمة للمسيحية الأرثوذكسية وتعيد مسجد أيا صوفيا إلى وضعه السابق لما قبل فتح محمد الثاني لها الذي تم سنة ١٤٥٣.
وأما بريطانيا فقد أعطيت العراق وإيران وفلسطين والخليج العربي والجزيرة العربية وأكد نفوذها على الهند والملايو ومصر والسودان..
وأما فرنسا فقد أعطيك سوريا ولبنان بالإضافة إلى ممتلكاتها في المغرب العربي الكبير «تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا».
والغريب أن بريطانيا العظمى صديقة العرب كما كانت تدعي.. قامت بإعطاء اليهود أرض فلسطين والتي لا تملكها بوعد بلفور المشؤوم سنة ۱۹۱۷م وهكذا أعطى من لا يملك من لا يستحق. وفي نفس الوقت قامت بريطانيا بإعطاء الشريف حسين عهودها ومواثيقها لإقامة دولة عربية تشمل الجزيرة العربية بأكملها وسوريا ولبنان وفلسطين والعراق ما عدا بعض الموانئ التي أصرت على إبقائها تحت نفوذها مثل عدن والبصرة والكويت.
وقد أصدرت بريطانيا ببياناتها المتكررة إلى العرب والمسلمين تحثهم على الانضمام تحت لوائها.. والوقوف ضد تركيا.. ومن ذلك البيان الذي أصدره جورج الخامس ملك بريطانيا العظمى وإمبراطور الهند في ١٣ شباط «فبراير» سنة ١٩١٥ م «١٣٣٤هـ»..
إلى أصدقائنا سكان بلاد العرب
قد علمتم تمامًا أننا معشر الإنجليز لم نخض غمار هذه الحرب الطاحنة ضد ألمانيا إلا لأنها اعتدت على الممالك الصغيرة والمتاخمة لها وهاجمتها لغير ما ذنب مع أن ألمانية نفسها كفلت ضمان استقلال تلك الممالك بالعهود والمواثيق الأكيدة.. ولا يغيب عن بالكم أن ألمانيا لما اكتنفتها الأخطار وأحاطت بها الأزمات احتالت بدهائها على الحكومة التركية لتأخذ بناصرها وتشد أزرها.. وقد استطاعت أن تصل إلى مآربها بفضل المبالغ الطائلة من المال والأماني الكاذبة وكانت ترمي بذلك إلى الحصول على أمر بالجهاد من سلطان تركيا ضدنا وضد حلفائنا لأن رايتنا تظل الملايين العديدة من المسلمين الذين انضم إلى جيوشنا الآلاف المؤلفة منهم.. وأصبحوا يحاربون معنا الألمان جنبًا إلى جنب.. وهي ترجو من وراء ذلك أن ينقلب المسلمون ويكونوا علينا لا لنا..
ولا شك أن كل مسلم صميم ملأت العقيدة الإسلامية قلبه يربأ بنفسه من أن يستخف بعقيدته ويكون ألعوبة في يد دولة أجنبية تجعله قربانًا على مذابح مطامعها الأشعرية!!
وليس جميع المسلمين من رعايا بريطانيا العظمى وفرنسا وروسيا وحليفاتها وحدهم قد أظهروا آيات الإخلاص والولاء بإرسال زهرة شبائهم لمساعدتنا في ميدان القتال ضد تركيا وغيرها.. بل إن الطبقة الرشيدة من الأتراك سخطت على سوء سلوك تركيا إلى هذا الحد ولعل بينكم من يتساءل عن نوايانا بعد أن تطفأ جذوة هذه الحرب فلدفع الالتباس نصرح بما يأتي:
إن حكومة جلالة ملك بريطانيا العظمى وإمبراطور الهند قررت أنه عند انتهاء الحرب ستجعل من شرائط الصلح ومواده الرئيسية أن تكون شبه جزيرة بلاد العرب ترفل في ثياب الحرية وتستعيد رقيها القديم ونضرتها الأولى.. بربكم أفلم يكفكم ذلك؟
لقد صرح لنا بعض مشايخ العربان برغبتهم في التخلص من يد الأتراك وبعضهم يشد اليوم أزر جيوشنا بحد سيفه.. أما الذين يرغبون فينا منكم ويخافون المجاهرة بما في نفوسهم فإلى هؤلاء نسوق حديثنا هذا.
لا يداخلكم ريب من جانبنا وترقبوا سنوضح الفرصة المناسبة فهي آتية لا ريب فيها وعندها تخلعون عنكم رداء الظلم وتنفضون عنكم غبار الاستبداد.. وإنا لا نألو جهدًا في مد يد المساعدة إليكم كما إنا نعدكم وعدًا صادقًا بأنكم ستصيرون بحول الله وقوته أمة متمتعة بكل معاني الاستقلال.
أنتم على شوق إلى معرفة نوايانا من جهة دينكم الكريم إلا فاعلموا أن الديانة الإسلامية قد احترمها الإنكليز أجل احترام وأكبرتها كل الإكبار والتاريخ أكبر شاهد على صدق ما نقول.
ملك بريطانيا وإمبراطور الهند
«جورج الخامس»
وقام لورنس المشهور بلورنس العرب صاحب كتاب أعمدة الحكمة السبعة بإقناع الشريف حسين وابنه فيصل بالثورة ضد تركيا وكتبت المواثيق والعهود فقام الشريف بثورته ورغم وعود بريطانيا بإعطاء السلاح إلا أنها أخلفت مواثيقها وأمدته بالبنادق فقط.. ورغم هذا كان الفيلق العربي السبب في دخول اللبني القائد البريطاني منصرًا في دمشق..
ولم يكد يدخل اللنبي دمشق وفلسطين حتى وضع قدمه النجسة على قبر صلاح الدين وقال مصرحًا بحقده الدفين «الآن انتهت الحروب الصليبية يا صلاح الدين».
ومن هذه العجالة ترى كيف وقعت بريطانيا مواثيق ومعاهدات متناقضة في وقت واحد ففي أحد هذه المعاهدات والمواثيق جعلت فلسطين للشريف حسين وفي اتفاقية سايكس بيكو جعلتها تحت الانتداب البريطاني.. وفي وعد بلفور جعلتها وطنًا قوميًا لليهود..
وأما لينين فقد أصدر أول بيان له إلى مسلمي روسيا والشرق بعد أقل من شهرين من استيلائه على السلطة وحاول فيه أن يتقرب إلى المسلمين ويصور لهم أن ثورته البلشفية ليست إلا في صالحهم.. وأنه يقف معهم ضد الاستعمار الغربي.. ويعترف. بحريتهم واستقلالهم، بل ويدافع عن اسلامهم وقرآنهم.. يقول لينين: «يا مسلمي روسيا. يا مسلمي الشرق..
أيها الرفاق.. أيها الإخوة
إن أحداثًا عظيمة تحدث الآن في روسيا. إن العهد الدموي «الحروب العالمية الأولية» الذي بدأ بسبب أطماع الاستعماريين والإمبرياليين في أرضكم قد قارب النهاية.. تحت ضربات الثورة الروسية فإن النظام الاستعبادي الاستبدادي يتقوض بناؤه الآن وإن حكم أيها الرفاق.. أيها الإخوة إن أحداثا عظيمة تحدث الآن في روسيا. إن العهد الدموي للحروب العالمية الأولية الذي. بدأ بسبب أطماع الاستعماريين والإمبرياليين في أرضكم قد قارب النهاية..
تحت ضربات- الثورة الروسية فإن النظام الاستعبادي- الاستبدادي يتقوض بناؤه الآن وأن حكم الطغاة والمستبدين ومصاصي دماء الشعوب يقترب من أيامه الأخيرة الآن. وإن عالمًا جديدًا يولد الآن.. عالم العمال والأحرار وعلى رأس ثورة الفلاحين والعمال يقوم مجلس الشعب الممثل بالقوميسار الروسي..
إن عهد الرأسماليين والإمبرياليين يتداعى وإن الأرض تميد من تحت أرجلهم وتشتعل الثورة من تحت أقدامهم.
وفي خضم هذه الأحداث العظام تلتفت إليكم يا مسلمي روسيا والشرق الذين استرقكم الاستعمار واستلب أموالكم وأراضيكم
یا مسلمي روسيا، ويا تتار القولجا والقرم ويا أيها القرغيز وسكان سيبيريا والتركستان يا سكان القوقاس الأبطال وقبائل الشاشان وسكان الجبال الأشداء.. أنتم يا من هدمت مساجدكم وحطمت معابدكم.. ومزق القياصرة الطغاة قرآنكم وحاربوا دينكم وأبادوا ثقافتكم وعاداتكم ولغاتكم.
ثوروا من أجل دينكم وقرائكم وحريتكم في العبادة؟! إننا هنا نعلن احترامنا لدينكم ومساجدكم وأن عاداتكم وتقاليدكم حرة لا يمكن المساس بها.. ابنوا حياتكم الحرة الكريمة المستقلة دون أي معوقات.. ولكم كل الحق في ذلك.. واعلموا أن جميع حقوقكم الدينية والمدنية مصونة بقوة الثورة ورجالها والعمال والفلاحين والجنود وممثليهم..
لهذا نطلب منكم تأييد الثورة ومساندتها لأنها تقوم من أجلكم ومن أجل حريتكم الدينية والمدنية!!
یا مسلمي الشرق. يا مسلمي إيران وتركيا وبلاد العرب والهند.. أنتم يا من تاجر مصاصي الدماء الأوروبيين المستعمرين بحياتكم وأوطانكم وحرياتكم لعدة قرون من الزمان.. أنتم يا من يتآمر عليكم هؤلاء اللصوص الذين يتقاسمون أرضكم ويشعلون نار الحرب لتكونوا أتونها ثم يستلبوا بعد ذلك أرضكم وثرواتكم..
أما نحن فنعلن بأعلى صوتنا أن الاتفاقيات السرية التي أبرمت بين روسيا القيصرية وبين فرنسا وبريطانيا الاستعماريتين والتي بموجبها اقتسموا أراضيكم أيها المسلمون واستلبوا ثرواتكم ونهبوا خيراتكم. نعلن أنها باطلة.. ونعلن أن خطط القيصر المخلوع وحكومة كيرنسكي التي أزاحها الشعب للاستيلاء على القسطنطينية «عاصمة الخلافة الإسلامية» باطلة ولاغية..
إن حكومة جمهورية روسيا الثورية ومجلس الشعب الأعلى فيها يعلنون أنهم ضد احتلال أراضي الغير بالقوة ونعلن أن القسطنطينية ينبغي أن تبقى بيد المسلمين.. كما نعلن أن الاتفاقية السرية بين بريطانيا وروسيا القيصرية لاقتسام إيران بينهما لاغية وباطلة.. ونعلن أننا سنسحب قواتنا من إيران بمجرد انتهاء العمليات العسكرية.. ونضمن استقلال إيران الكامل وأننا نعلن أيضًا أننا ضد تقسيم تركيا واقتطاع أرمينية منها وأن هذه الاتفاقيات السرية باطلة ولاغية ليس من روسيا أيها المسلمون- سيأتي استعبادكم، بل من الدول الأوروبية الاستعمارية.. من هؤلاء اللصوص مصاصي الدماء الذين استعمروا أرضكم واستلبوا ثرواتكم.. وزجوا بأبنائكم في أتون حرب لا يأتيكم منها إلا الدمار وفي مقابل ذلك كله يقتسمون ما بقي من أرضكم وثرواتكم وكأنكم وبلادكم غنائم الحرب المنتظرة..
ثوروا ضد هؤلاء الطغاة الكفرة الذين سرقوا ثروات بلادكم واستعبدوا أوطانكم.. نعم ثوروا الآن في هذا الوقت الذي تشتعل فيه الثورة وينهدم فيه بنيان الطغيان والاستبداد ويتقوض فيه نظام الاستعمار.
ثوروا فإن أي شرارة الآن ستكون حريقًا يلتهم بنيان الطغيان والاستبداد والاستعمار أن الهنود المسلمين الذين ذاقوا الذل والاستعباد لقرون طويلة يثورون الآن ضد بريطانيا العظمى.. ويرفضون أن يبقوا حول أعناقهم الأغلال التي غلتهم بها بريطانيا لعدة قرون من الزمان..
اليوم لا يمكن السكوت على هذا الظلم وعلى هذا الاستعباد.. إنه وقت الثورة ضد المستعمرين الإنجليز الغاصبين لأوطانكم المحاربين لدينكم المستبيحين لمقدساتكم الناهبين لثرواتكم.
الآن يا أيها الرفاق الإخوة هو الوقت المناسب للثورة ولصنع مستقبلكم الحر الباسم بأيديكم..
تقدموا أيها المسلمون لتحرير أوطانكم وارفعوا إعلام ثورتكم فإن إعلامنا وبنودنا قد رفعت من أجل حرية المستعبدين والمظلومين.
یا مسلمي روسيا ويا مسلمي الشرق هلموا إلينا.. إلى طريق الحرية والعدالة لتبني هذا العالم من جديد على أسس الحق والخير والعدل.
التوقيع
جوزيف ستالين
فلادمير لينين
ومعروف موقف لينين وستالين بعد ذلك من مسلمي روسيا.. كيف أقاموا لهم المجازر وأبادوا مئات الآلاف عن بكرة أبيهم وشردوا تتار القرم وأبادوا سكان خوقند بكاملهم عندما قاومت جيوشهم.. وكيف دبروا المجاعات حتى أكل المسلمون الكلاب والحيوانات ثم أكلوا بعد ذلك موتاهم في مجاعة ۱۹۲۲ في القرم، والمجازر البشعة المرعبة التي أقاموها في التركستان وعن مأساة القرم التي أبادوا فيها شعبًا بكامله ومجزرة مارس ۱۹۱۸ في أذربيجان حيث أبادوا ۰۰۰,۱۸ مسلم..
لقد استعرضنا هذه البيانات التي تخطب ود المسلمين سواء كانت من بريطانيا أو من روسيا وتدافع عن حريتهم ودينهم واستقلالهم. بل وتوقع معهم العهود والمواثيق على ذلك ولما يجف مداد هذه العهود والمواثيق يتآمرون في الخفاء علينا ويقتسمون أرضنا فيما بينهم.
ولا يزال هؤلاء الأعداء سواء كانوا في الشرق أو في الغرب يتآمرون علينا ويقتسمون بلادنا وثرواتنا فيما بينهم.. ويسخرون منا وهم يصدرون لنا البيان تلو البيان لتطميننا..
إنهم جميعًا ضدنا.. اليهود والشيوعيون والصليبيون والمشركون.. فهم لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة.. يرضونكم بأفواههم وأكثرهم فاسقون.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل