العنوان إلى الشباب المسلم
الكاتب إبراهيم سعد المعثم
تاريخ النشر الثلاثاء 08-أبريل-1975
مشاهدات 33
نشر في العدد 244
نشر في الصفحة 22
الثلاثاء 08-أبريل-1975
الشباب يا أخي المسلم هم عنوان الأمة وهم الصورة التي تمثل المجتمع الذي ينتسب إليه فبقدر ما يكون الشباب آخذًا بنصيبه من الخلق والاتزان بقدر ما يكون للأمة شأنها ومركزها ومكانتها.
وإذا كان بعض الشباب المنتسبين إلى الإسلام أو الذين هم من أبناء المجتمع الإسلامي قد تاهت بهم السبل وتفرقت بهم في كل ناحية فأصبحوا يلهثون أمام البريق الخادع سعيًا وراء الحضارة المزيفة وأصبحوا مبتعدين عن الحقيقة التي يجب أن يكونوا أقرب ما يكونون إليها فإنهم لا زالوا ولن يزالوا يتيهون في حلقة مفرغة لا نهاية لها، حيث أنهم يزعمون أنهم يبحثون عن الحقيقة وبينها وبينهم كما بين المشرق والمغرب، نظرًا لسلوكهم طريقًا غير طريقهم ومضيهم إلى عكسها.
ومن المؤسف جدًا أن نرى هؤلاء الشباب أصبحوا بعيدين عن واقعهم وعن حياتهم التي أرادها لهم الله عز وجل وهي الحياة الإسلامية بمعناها الصحيح، فالكثير منهم قد انخدعوا بالمظاهر ولم يكشفوا ما وراءها من الأباطيل والترهات وما وراءها من الدسائس والمؤامرات التي حاكها ويحركها أعداء الله ورسوله وأعداء الإنسانية وأعداء الحضارة الإسلامية الحقة، وقد تغيروا عما كانوا عليه بالأمس حيث كانوا في الماضي أشد تمسكًا بحبل الله وبدينه الأغر.
فسادوا الأمم وقادوها إلى طريق التقدم والحضارة.
إخواني الشباب إنه يجب علينا أن نتمسك بعقيدتنا وأن نعض عليها بالنواجذ وأن نأخذ من هدى رسول الله عليه الصلاة والسلام وسيرته دروسًا وعبرًا نستضيء بها في طريقنا إلى الحياة السعيدة، وأن نجعل من سيرة سلفنا الصالح نورًا نمشي به للمضي في تلك المسيرة المباركة وأن لا نهتم إلا بأمر هذا الدين الإسلامي العظيم الذي جاء لإسعاد البشرية وإنقاذها من حظيرة الشقاوة في الدنيا والآخرة، فنحن أولى الناس في البحث عن الضالة المنشودة والسعي إليها وهي السعادة، وبالتالي فنحن أولى الناس بالدعوة إليها ونشرها بين العالمين. وتلك الضالة لن تكون في غير ما دعانا أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين إلى اتباعه والأخذ بمنهجه وهو الدين الإسلامي الحنيف.
لذا أدعوك يا أخي الشاب أن تتذكر دائمًا أن دين الإسلام يدعو إلى المثل العليا والأخلاق الرفيعة. ويربأ بالمسلم عن مواطن السفالة والرذالة والانحطاط، فمن عرف واقع هذا الدين أدرك إدراكًا تامًا أن فيه كل ما تطمح إليه البشرية في جميع المجالات الدنيوية والأخروية، وما علينا إلا أن نتمسك بديننا فلندرك هذه الحقيقة.
وعلينا أن نطبق ديننًا تطبيقًا عمليًا تظهر آثاره في تصرفاتنا وسلوكنا وأعمالنا وأن نعتز ونفتخر به من دون أن نخاف في الله لومة لائم، فالمسلم مرفوع الرأس أينما وجد، وأن نصبر على ما يعترينا من أذى ومكروه كما صبر أولوا العزم حتى نصل إلى أهدافنا والله مع الصابرين.
ويجب علينا يا أخي أن نتمسك بالأخلاق الفاضلة والمبادئ النبيلة التي دعانا إليها ديننا الحنيف، وأن نبتعد كل البعد عن كل ما ينفرنا من ديننا ويجعل منا غرضًا لسهام أعداء دين الإسلام الذين يريدون النيل من ديننا وكرامتنا فهؤلاء آلوا على أنفسهم ألا أن يقوضوا دعائم الإسلام ويستأصلوا جذوره، فهاهم وقد بدت منهم الآثار التي تدل على أنهم قد نجحوا في أول الطريق، وذلك يظهر جليًا في أوساط مجتمعاتنا الإسلامية التي غزيت في عقر دارها، بما بث فيه من سموم وآراء لا تتفق ومبادئ الدين الإسلامي.
ومن المؤسف حقًا أن كثيرًا من الشباب قد وقعوا في وطأة ذلك الغزو الذي كان من الواجب علينا أن نصده بكل الوسائل الممكنة بعزيمة صادقة وإيمان ثابت.
أخي الشاب المسلم، أجدد الدعوة لنفسي أولًا ولك ثانيًا إلى التمسك بعقيدة الإسلام والاهتداء بهديها والمضي في طريقها التي أرادها الله.
ولا يغرنك يا أخي كثرة الناس الذين خرجوا على دينهم وابتعدوا عنه فالمسلم في هذا اليوم غريب، ورسول الله صلوات الله وسلامه عليه يقول:«بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ» ولا شك أن الغريب في هذا الوقت قد يجد من المشقة بعضها يجده المسلمون في أول عهد الإسلام، ولكن الله عز وجل سوف يؤيدك ويعينك وقد ورد عن قائد البشرية محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام أنه قال ما معناه: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى تقوم الساعة»
والله سبحانه وتعالى قد أمرنا بأن لا نغتر بأولئك الذين شقوا عصا الطاعة وخرجوا على دين الله حيث قال جل من قائل: ﴿لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾(آلعمران:196)، وقال تعالى محذرًا من اتباع الناس على ضلالتهم لكثرتهم:﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ﴾(الأنعام: 116).
أخي المسلم مهما رميت به من الأوصاف التي يطلقها بعض الشباب المنحطين فيجب أن تجعل من ذلك حافزًا لك على مضاعفة جهدك والمضي في طريقك حتى يأتيك اليقين، فالجيل الفاسد الذي تربى على الأخلاق الدنيئة وعاش في أوساط الجاهلية الجهلاء وهي التي تسمى بجاهلية القرن العشرين هذا الشباب لا ينفك عن رميك بالتأخر والجمود والعصبية فدع أذاهم وتوكل على الحق الذي لا يموت فيه بصرك وبه عزتك، ولا شك أنك يا أخي المسلم لم ولن تأبه بهذه الأوصاف الدنيئة التي يطلقونها ولا بهذه النعرات التي يقولونها لأنك تعلم أنك على الحق وأن الله مع الحق دائمًا وأبدًا، فامض في طريقك وتوجه إلى خالقك طالبًا منه الرضا و مستمدًا منه العون، مهو الذي يتولاك ويؤيدك وينصرك.
وإلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل