العنوان إنسانية الإسلام في الحروب
الكاتب سعد النشوان
تاريخ النشر الجمعة 01-أبريل-2022
مشاهدات 13
نشر في العدد 2166
نشر في الصفحة 66
الجمعة 01-أبريل-2022
أنا من الجيل الذي عاش عدة حروب في المنطقة العربية والعالم، ومنها الحرب العراقية الإيرانية، والاجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982م، وحرب تحرير الكويت، والاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين، وحرب البوسنة.. وغيرها الكثير، وآخرها الغزو الروسي لأوكرانيا، وقد شاهدت ما نقلته وسائل الإعلام لأحداث تلك الحروب، ووجدنا أن جُلها بعيد كل البعد عن الإنسانية والرحمة، بل الدمار والخراب والقتل والتشريد لبني الإنسان.
قالت منظمة «يونيسف»: إن %47 من ضحايا الحروب من الأطفال، غير تجنيدهم دون السن القانونية، وبين عامي 2005 و2020م تم التحقق من تجنيد أكثر من 93 ألف طفل، واستخدامهم من جانب أطراف النزاع، بالإضافة إلى هدم المدارس ودور العبادة والمستشفيات، وعدم التزام قوى الصراع بالقانون الدولي الذي ينص: "على القوات المسلحة والجماعات المسلحة اتخاذ تدابير لحماية المدنيين، بمن فيهم الأطفال، وهم الفئات الأكثر ضعفاً إبان أوقات الحرب".
وهنا تذكرت الجانب الإنساني للإسلام والمسلمين الذي أطّر قبل أربعة عشر قرناً القوانين الإنسانية للبشرية جمعاء حتى وقت الصراع والحروب، فمثال ذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحاربين: "لا تغُلُّوا ولا تغدِروا ولا تُمثِّلوا ولا تقتُلوا وليداً ولا امرأةً ولا شيخاً" (صحيح مسلم)، وعندما أرسل النبي صلى الله عليه وسلم الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني جذيمة ليدعوهم إلى الإسلام ولم يحسنوا القول له، وقالوا: "صبئنا صبئنا"، فقتل منهم خالد مَنْ قتل، فعندما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال: "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد".
وبذلك يضع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الإطار الحقيقي للحروب، فالمدنيون والأطفال والنساء والضعفاء ليس لهم شأن في تلك الحروب، وعندما نرى الأطراف المتحاربة لا يهمها إلا الانتصار حتى في ظل سقوط المبادئ، فهل تذكرون كيف قُتل الطفل محمد الدرة في فلسطين من قبل الصهاينة في حضن والده؟! وكيف قُصفت المساجد في أفغانستان؟! وما زلت أتذكر التصرفات الوحشية للنظام العراقي البائد تجاه الشعب الكويتي عام 1990م.
إن اندلاع الحروب قائم، وسيظل قائماً، ولكن تبقى الإنسانية فوق كل اعتبار، فإنسانية الإسلام وقوانينه في الحروب يجب تدريسها في الكليات العسكرية، ليس في العالم الإسلامي فقط، وإنما في العالم أجمع، ففيها خارطة طريق للقادة العسكريين والجنود، وكذلك يجب أن تقدم دراسات للعالم وللأمم المتحدة والأحلاف العسكرية حول دور الإسلام الإنساني في الحروب.
استغربت كثيراً من التنديد الدولي للغزو الروسي لأوكرانيا، وهو مستحق، ولكن الكيل بمكيالين يجعل الميزان مختلاً، فالصهاينة غزوا واحتلوا فلسطين العربية الإسلامية منذ أكثر من 70 عاماً، ولم نجد تنديداً لذلك الاحتلال المستمر إلى اليوم، فالمطلوب من الأمة الإسلامية الوقوف عند مسؤولياتها، وأخذ موقف حازم من الصهاينة، ولكن قبل ذلك لا بد من حل المشكلات العربية العربية، والفلسطينية الفلسطينية، حتى نتحد ضد عدونا.
موضوعات متعلقة
مشاهدة الكل