; إن هذه الصلاة.. لا يصلح فيها شيء من كلام الناس | مجلة المجتمع

العنوان إن هذه الصلاة.. لا يصلح فيها شيء من كلام الناس

الكاتب سليمان سعيد

تاريخ النشر الثلاثاء 27-سبتمبر-1977

مشاهدات 16

نشر في العدد 368

نشر في الصفحة 20

الثلاثاء 27-سبتمبر-1977

تقديم:

* نرى كثيرًا من الناس يُدخلون كلامًا في الصلاة ليس منها؛ فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

1- قول: رب اغفر لي ولوالديّ عند قراءة الإمام قوله تعالى: ﴿صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ﴾ (الفاتحة: 7)

هذا شيء من كلام الناس ليس ثابتًا في الصلاة.

2- قول: ربنا لك الحمد والشكر -بعد قول الإمام- سمع الله لمن حمد -فكلمة- والشكر- غير ثابته في الصلاة، وهي زيادة من كلام الناس.

3- قول الإمام في صلاة القيام أو أي صلاة أخرى:- لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد- يفصل بها بين قصار السور عند قراءته للقرآن في الصلاة، والمأمومون يرددونها بعده، هذا شيء من كلام الناس أيضًا.

فهذه الاستحسانات التي استحسنها الناس وأدخلوها في الصلاة أمرها خطير وفعلها تغير الدين، وإضلال للناس عن المنهج الذي شرعه رب العالمين، ويقول الإمام الشافعي رحمة الله عليه: من استحسن فقد شرع.

قلت: وهذا باب خطير قد يُوقع الكثير من الناس في الشرك والعياذ بالله.

والشيطان يستدرج الذين يستحسنون هذا الفعل بحجة أنه زيادة في الذكر، وأنه ليس فيه شيء وأنه.. وأنه..

حتى يزين لهم هذا الفعل الخطأ بأنه فعل صواب، وأنا أحذر هؤلاء بقوله تعالى: ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا ۖ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۖ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ (فاطر: 8).

وإني أدعو نفسي، وأدعوكم جميعا أيها المسلمون إلى الالتزام بأمر الله وأمر رسوله وأن نعمل صالحًا يرضاه الله منا، ولا نبتدع فإن الاتباع خير من الابتداع.

فعن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع رسول ل الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم. فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم.

فقلت: واثكل أمياه. ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم.

فلما رأيتهم يصمتونني -أي يسكتونني- لكني سكت.

فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبأبي هو وأمي. ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه. فوالله. ما كهرني –أي قهرني-، ولا نهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن. رواه مسلم وأحمد وأبو داود وغيرهم، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عن زيد بن أرقم، قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه، وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾ (البقرة: 238) وقال ابن فارس في المقاييس: وسمّى السكوت، في الصلاة والإقبال عليها، قنوتا فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام. رواه مسلم.

في الحديثين المتقدمين بيان أن كلام الناس في الصلاة كان مباحًا ثم جاء الأمر من الله سبحانه والرسول صلى الله عليه وسلم يمنع كلام الناس في الصلاة، وحدد الكلام في الصلاة بقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: «إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».

وأنا أستعرض لكم في هذه الكلمة مواطن الكلام في الصلاة وما يجب أن نقول فيها بصورة وجيزة ومختصرة، وأذكر لكم المرجع لمن أراد التوسع بحدود المشروع من الكلام في الصلاة:

1- استفتح الصلاة بقولك :«الله أكبر» وهو ركن، لقوله صلى الله عليه وسلم «مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم».

2- ثم قل «سبحانك وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك». وهذا دعاء الاستفتاح، وهناك أذكار أخرى تقال في هذا المقام راجع «صفة صلاة النبي».

3- ثم قل: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم»، ثم قل: «بسم الله الرحمن الرحيم».

4- ثم اقرأ سورة الفاتحة، وقراءة سورة الفاتحة في كل ركعة، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن في الركعتين الأوليين وبعد ذلك اسكت سكتة لطيفة ثم اركع قائلا: «الله أكبر».

5- ثم قل في الركوع : «سبحان ربي العظيم ثلاث مرات أو أكثر»، وهناك أذكار أخرى تقال في الركوع، راجع للتوسع كتاب «صفة صلاة النبي» للألباني.

6- ثم ارفع صلبك من الركوع وقل في أثناء اعتدالك: «سمع الله لمن حمده»، فإذا اعتدلت مطمئنًا حتى يأخذ كل عظم مأخذه في هذا القيام قل «ربنا لك الحمد»، وهناك أذكار أخرى تقال هنا، فراجع «صفة صلاة».

7- ثم اهوِ إلى السجود قائلا :«الله أكبر» وقل في السجود :«سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات أو أكثر، وهناك أذكار أخرى تراها في «صفة صلاة النبي»، ثم ارفع رأسك من السجود قائلاً: «الله أكبر».

8- ثم اجلس مطمئنًا حتى يرجع كل عظم إلى موضعه وقل: «رب اغفر لي، رب اغفر لي» ولك أن تقول: «اللهم اغفر لي، وارحمني واجبرني، وارفعني، وعافني، وارزقني»، ثم اسجد السجدة الثانية وقل: «الله أكبر»، وقل في السجدة الثانية ما قلت في السجدة الأولى «سبحان ربي الأعلى» ثلاث مرات أو أكثر، ثم ارفع رأسك من السجود إلى القيام قائلا: «الله أكبر» وافعل ذلك في الركعات الباقية.

أما قولك في التشهد فصيغته:

«التحيات لله، والصلوات والطيبات السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد. كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد».

ثم قل بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال».

ثم التسليم بقولك: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن يمينك السلام عليكم ورحمة الله عن يسارك». فلاحظ أن ما قلته لا يخرج من كونه تسبيحًا وتكبيرًا وقراءة قرآن، وبذلك تكون قد التزمت بحديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه :

«إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن».

ولا يجوز لك أن تُدخل أي كلام غير هذا إلا بدليل شرعي نص قراني أو حدیث نبوي، ومن ذلك :

* جاء في فتح الباري في كتاب الأذان «باب ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب» بعد أن ذكر الحديث مبينًا صيغة التشهد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو»، وكذا جاء في مسلم في كتاب الصلاة «باب التشهد في الصلاة» بلفظ «ثم يتخير من المسألة ما شاء»، وفي رواية «ما أحب»، وفي رواية «ثم يتخير بعد من الدعاء».

فهذا دليل على جواز تخير المسألة والدعاء بعد التشهد فادع لنفسك بما بدا لك مما ثبت في الكتاب والسنة، وهو كثير طيب، فإن لم يكن عندك شيء منه فادع بما تيسر لك مما ينفعك في دينك أو دنياك ..

* عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء» رواه مسلم .

وفي الحديث استحباب للدعاء في السجود أيضا فادع لنفسك بما بدا لك مما ثبت في الكتاب والسنة فإن لم يكن عندك شيء منه فادع بما تيسر لك .

ملاحظة: لا يجوز أن يقرأ القرآن في الركوع مطلقًا، أما في السجود فيجوز إذا كان دعاء، مثال على ذلك قوله تعالى :﴿وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ (البقرة: 201).

أما غير ذلك فلا يجوز أيضا.

التحذير من الغلو في الدعاء :

عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك» رواه أبو داود بإسناد جيد، وقال الحاكم: صحيح وأقره الذهبي وجود إسناده النووي في الأذكار والرياض وصححه ابن حيان. وما يرشد إليه الحديث واضح في أدعية الرسول صلوات الله وسلامه عليه .

وعن ابن سعد قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذا وكذا، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سيكون قوم يعتدون في الدعاء» فإياك أن تكون منهم، إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها من الخير، وإن أعذت من النار أعذت منها وما فيها من الشر. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وقال الألباني في صحيح الجامع الصغير حديث حسن.

قال عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذاك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثًا» قال ففعلت ذلك فأذهب الله عني. رواه مسلم وأحمد. قال النووي رحمه الله «في هذا الحديث استحباب التعوذ من الشيطان عند وسوسته مع تفل عن اليسار ثلاثا».

* عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت يركع عند المائة ثم مضى... إلى أن قال حذيفة: إذا مر بأية فيها تسبيح سبح. وإذا مر بسؤال يسأل. قلت في هذا الحديث استحباب عند مرور العبد بآيات التسبيح يسبح وعند مروره بآيات السؤال سأل وعند مروره بآيات التعوذ يستعيذ وهو يقرأ القرآن في الصلاة.

أخي المسلم

إن الزيادة في العبادة كالنقصان منها سواء بسواء، فكما أن الزيادة في العبادة مخالفة للصواب، فالنقصان منها مخالفة للصواب أيضا، والصواب هو الامتثال لقوله تعالى: ﴿وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ (الشوري:15)، وقوله أيضا: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا ۚ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (هود: 112) وقوله أيضا: ﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ۞ ُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ۞نُزُلٗا مِّنۡ غَفُورٖ رَّحِيمٖ﴾ (فصلت: 30، 31، 32).

فعلينا كمسلمين لله عز جل أن نعبد الله وحده وأن لا نعبده إلا بما شرع لنا والاتباع خير لنا من الابتداع، ولا يغيب عن بالنا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: صلوا كما رأيتموني أصلي ...

1- إن كلام الناس في الصلاة كان مباحًا ثم جاء الأمر بالنهي عنه.

2- لا يجوز للعبد أن يتكلم في الصلاة إلا بالكلام المشروع فيها.

3- لا ينبغي للعبد أن يدخل في الصلاة أي كلمة إلا بدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

4- الابتداع في الصلاة بالزيادة فيها أو النقصان منها ضلالة، وكل ضلالة في النار.

5- أهم الأعمال عند الله الصلاة؛ ولذا فإن المستقيم على أمر الله فيها مبشر بالجنة.

وفقني الله وإياكم إلى الاتباع والالتزام بالعبادة التي شرعها الله لنا وبالكيفية التي بيّنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يرزقنا الإخلاص في ذلك له سبحانه وتعالى، والله المستعان.

 

الرابط المختصر :

موضوعات متعلقة

مشاهدة الكل

كيف أعود ولدي الصلاة؟!

نشر في العدد 2

53

الثلاثاء 24-مارس-1970

الوحدة وصلاة الجماعة في المدارس

نشر في العدد 4

24

الثلاثاء 07-أبريل-1970

الأسرة

نشر في العدد 3

31

الثلاثاء 31-مارس-1970