أبو دجانة.. صاحب عصابة الموت

محرر أعلام

28 يوليو 2025

583

الصحابة هؤلاء الذين اصطفاهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومجاورته، والدفاع عنه، فكانوا حصناً منيعاً لا يتصدع، ضحوا بأموالهم وأولادهم وأنفسهم نصرة للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان لهم باع كبير في نشر الإسلام، ووصول رسالته للعالم أجمع.

ومن بين هؤلاء الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، الفارس المقدام أبو دجانة سِماك بن خرشة، الذي أخذ سيف النبي صلى الله عليه وسلم بحقه، ليفلق به هام المشركين، أبرز من أنجبت المعارك، كان شجاعًا مغواراً لا يشق له غبار، وشارك في قتل مسيلمة الكذاب، وكان يعدل ألفًا من الفرسان.

بين «الأنا» المذمومة والمحمودة |  Mugtama
بين «الأنا» المذمومة والمحمودة | Mugtama
في كتاب «كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس؟»، للأمر...
mugtama.com
×

أبو دجانة في غزوة «بدر»

شارك أبو دجانة في غزوة «بدر»، وكانت له بطولات متنوعة، وشجاعة فائقة في الميدان، فقتل عددًا من شجعان المشركين وكبارهم، ومنهم أبو مسافع الأشعري حليف بني مخزوم، وعامر بن عوف أخو عاصم بن ضبيرة، كما قتل من بني سهم أبا العاص بن قيس، وغيرهم من المشركين، فكان قدوة لمن اشترى الآخرة بالدنيا، حاملًا على عاتقة الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ونصرة الإسلام والمسلمين.

أبو دجانة في غزوة «أُحد»

رغم مشاركته في عديد من الغزوات، فإن غزوة «أحد» هي التي جعلت اسم أبي دجانة يسطّر في التاريخ بأحرف من نور، نتيجة لشجاعته وقبوله سيف النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ سيفًا يوم «أُحد» فقال: «من يأخذ مني هذا؟»، فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول: أنا أنا، قال: «فمن يأخذه بحقه؟»، قال: فأحجم القوم، فقال سماك بن خَرَشَة أبو دجانة: أنا آخذه بحقه قال: فأخذ ففلق به هام المشركين.

أبو دجانة وغيرة الزبير

حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من يأخذه بحقه؟»، قال الزبير بن العوام: وجدت في نفسي حين سألت النبي صلى الله عليه وسلم السيف فَمَنَعَنِيه وأعطاه أبا دجانة، وقلت: أنا ابن صفية عمته ومن قريش، وقد قمت إليه وسألته إياه قبله، فأعطاه أبا دجانة وتركني، فأراد الزبير أن يعرف سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم أبا دجانة، فقال: والله لأنظرن ما يصنع، ثم اتبع أبا دجانة، فوجده أخرج عصابة له حمراء، فعصب بها رأسه، فجعل لا يلقى أحدًا إلا قتله، حينها قالت الأنصار: أخرج أبو دجانة عصابة الموت، وهكذا كانت تقول له إذا تعصب.

في ذلك الوقت أخذ أبو دجانة يردد:

أنا الذي عاهدني خليلي                ونحن بالسفح لدى النخيل

أن لا أقوم الدهر في الكيول           أضرب بسيف الله والرسول

منهج النسبية في الدعوة |  Mugtama
منهج النسبية في الدعوة | Mugtama
تحظى الدعوة إلى الله بأهمية كبيرة في الشريعة الإسل...
mugtama.com
×

أدب أبي دجانة مع امرأة مشركة

كاد أبو دجانة يوم «أُحد» أن يقتل هند بنت عتبة، زوج القائد العام لجيش مكة، يقول أبو دجانة: رأيت يوم «أُحد» إنسانًا يحمّس الناس حماسًا شديدًا فصمدت له، فلما حملت عليه بالسيف ولول (صاح صيحة الفزع)، فإذا امرأة، فأكرمت سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أضرب به امرأة، وكانت المرأة هند بنت عتبة.

وقال الزبير بن العوام: رأيت أبا دجانة قد حمل السيف على مفرق هند بنت عتبة ثم عدل عنها، فأي أخلاق هذه! وأي دين هذا! وأي فارس مغوار هذا!

واليوم، يُتهم المسلمون بالإرهاب والتشدد، رغم إبادتهم في فلسطين، وتجويعهم في غزة، وهدم منازلهم فوق رؤوسهم، وعلى الرغم من كل هذا فإننا في قفص الاتهام، وأننا الظالمون، وهم المظلومون، والمجتمع الدولي يتأرجح بين تصفيق حاد وصمت مميت.

أبو دجانة يضحي بنفسه لأجل النبي

أُبلي أبو دجانة بلاءً حسنًا، وأظهر بطولة نادرة في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ساعة المحنة، وثبت معه ساعة الشدة، فحينما رأى أبو دجانة السهام منهالة على النبي صلى الله عليه وسلم، جعل من نفسه درعًا واقيًا له صلى الله عليه وسلم، وعرض جسمه لسيل نبال العدو المنهمر من أقواس المشركين، فأن تشق هذه السهام ظهره، خير أن تمس شعرة من النبي صلى الله عليه وسلم.

وذكر المؤرخون أن نبال المشركين المصوبة نحو النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقع في ظهر أبي دجانة وهو ملتف حول النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لا يأبه لها، على الرغم أن سربًا منها انهال على ظهره، حتى إن بعضهم شبه ظهر أبي دجانة بظهر القنفذ لكثرة السهام المزروعة فيه دفاعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم!

لقد جسّدت حياة أبو دجانة صورة الفارس المسلم الحقيقي، الذي يغار على دينه، ورسوله، ووطنه، أما الآن، أين ذهبت عصابتنا الحمراء؟ وأين اختفت همتنا؟ وأين اندثرت شجاعتنا؟ متى ستأخذ الأمة سيف نبيها بحقه؟

 



___________________

1- السيد بن حسين العفاني، أنوار الفجر في فضائل أهل بدر.

2- يوسف بن محمد السوسي، عقد اللجين في ذكر من ثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة