أسعار الذهب.. هل تُواصل القفز إلى أرقام قياسية؟!

محرر المنوعات

22 أكتوبر 2025

68

في عالم مضطرب مليء بالأحداث والصراعات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية، يعود المعدن النفيس ليحتل صدارة المشهد المحلي والعالمي كملاذ آمن، فالناظر إلى أسواق الذهب خلال الأسابيع الأخيرة، يرى أن الأسعار ترتفع تدريجيًا بوتيرة سريعة، حيث تجاوزت الأونصة 4300 دولار أمريكي، لتسجل أرقامًا لم تسجل عبر التاريخ، ورغم تصاعد أسعار الذهب بين الحين والآخر، فإن القفزة هذه المرة ليست مجرد موجة عابرة، بل نتيجة معقدة بين السياسة والاقتصاد وسلوك المستثمرين حول العالم.

أسعار الذهب.. أرقام غير مألوفة

بحسب تقرير وكالة «Reuters»، فقد وصل سعر الأونصة إلى مستويات قياسية في منتصف أكتوبر لعام 2025م، حيث تجاوزت أسعار الذهب 4300 دولار للأونصة، في حين أن أسعار الذهب كانت مستقرة في مطلع العام نفسه عند نحو 2600 دولار فقط.

عكست هذه القفزة حجم التحولات العالمية التي دفعت الحكومات والمستثمرين والأفراد إلى الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا وعملة الأزمات، ولكن لماذا ارتفعت أسعار الذهب؟

أسعار الذهب والتوترات الجيوسياسية

ارتفاع أسعار الذهب يرجع إلى عدة أمور، على رأسها الاضطرابات الجيوسياسية والتوترات المتصاعدة في مناطق متفرقة حول العالم، حيث إن النزاعات التجارية بين الولايات المتحدية الأمريكية والصين، إضافة إلى حرب الإبادة والتجويع واغتصاب الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوترات الإقليمية والعالمية الأخرى، عززت الشعور بعدم اليقين؛ الأمر الذي دفع المستثمرين بشكل تقليدي إلى الذهب، وهذا ما أكده تقرير «Times of India» من أن الأجواء الجيوسياسية المشحونة ساهمت بشكل مباشر في رفع الطلب على الذهب بشكل ملحوظ.

أسعار الذهب والدولار الأمريكي

يرتبط الذهب ارتباطًا مباشرًا بسعر الدولار الأمريكي، فكلما ضعف سعر الدولار؛ زادت جاذبية الذهب كأصل استثماري، كما أن زيادة التوقعات بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، تدفع المستثمرين إلى تنويع محافظهم بالذهب كمحاولة فعالة لتعويض تراجع العوائد على الأصول التقليدية، وذلك ما أشارت إليه العديد من الصحف الاقتصادية من أن توقعات تيسير السياسة النقدية أسهمت في تسريع وتيرة الطلب المؤسسي على الذهب.

أسعار الذهب وطلب البنوك المركزية

حديثًا اتجهت البنوك المركزية لا سيما في آسيا إلى شراء كميات ضخمة من الذهب لتعزيز الاحتياطي لديها، هذا الطلب المتزايد يضغط على المعروض في الأسواق ويجعل الطلب على الذهب مرتفعًا؛ ما يؤدي إلى زيادة أسعاره، وفي السياق نفسه، كشفت «Reuters» أن التدفقات الداخلة إلى صناديق الذهب المتداولة في أكتوبر الحالي كانت الأعلى منذ 5 سنوات.

ارتفاع أسعار الذهب وتأثيرها على الأفراد

وبطبيعة الحال، لا ينعكس الارتفاع العالمي لأسعار الذهب على كبار المستثمرين فحسب، بل يطول الأفراد أيضًا، فإذا ما نظرنا إلى الدول التي تعاني من انخفاض قيمة العملة، أو تعتمد بشكل أساسي على الاستيراد، نجد أن أفرادها يشعرون بارتفاع أسعار الذهب أضعاف غيرهم، لا سيما وإن شهدت السوق المحلية لهذه الدول إقبالًا شديدًا على الأسعار؛ فعلى سبيل المثال، تخطى احتياطي الذهب في الهند الأرقام القياسية المعهودة، وفي الدول العربية ازداد أيضًا الإقبال على الشراء كوسيلة ادخارية آمنة وسط مخاوف من التضخم.

أسعار الذهب إلى أين تتجه؟

وانقسم المحللون حو اتجاهات أسعار الذهب إلى قسمين؛ الأول يرى أن استمرار التوترات الجيوسياسية سيبقي الأسعار مرتفعة، بل ربما يدفعها إلى مستويات قياسية جديدة، أما الفريق الآخر فيحذر من احتمالية تصحيح سعري في حال تحسين الاقتصاد العالمي أو تشديد السياسة النقدية مجددًا.

وخلاصة القول في هذا الأمر: إن أي استقرار سياسي أو اقتصادي سيدفع أسعار الذهب إلى الانخفاض بشكل تدريجي، لكن الطلب القوي من المؤسسات وزيادة إقبال البنوك المركزية على الذهب سيدعم الارتفاع المستمر للسوق.

من هنا يتبين أن أسعار الذهب ستواصل القفز طبقًا للتوترات الجيوسياسية، وسعر الدولار، وطلب البنوك المركزية، وعلى الرغم من أنه ملاذ آمن دائمًا، فإنه يجب أن يكون الشراء أو الاستثمار في الذهب ضمن إستراتيجية متوازنة، وليس كرد فعل عاطفي للأخبار.




_______________

1- https://n9.cl/5okzf.

2- https://n9.cl/nz4rh.

3- https://n9.cl/9jd2u

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة