الأكاديمي الياباني أكيفومي نومورا لـ«المجتمع»: عدد المسلمين في اليابان يتزايد.. وهذا هو السبب

عندما تذكر اليابان، يذكر معها عالم الروبوتات والذكاء الاصطناعي في كل مجالات الحياة، حيث تعتبر ثاني أكبر سوق للروبوتات الصناعية في العالم بعد الصين.

وبحسب إحصاءات حديثة، فإنه يعمل في مصانع اليابان 435299 روبوتاً صناعياً، يتم تشغيلها بشكل كبير لتعويض نقص اليد العاملة في كل المجالات لتشمل الخدمات والرعاية الصحية.

هذه الدولة المتقدمة آسيوياً وعالمياً، لا يعرف الكثيرون عن أحوال المسلمين فيها شيئاً، وكيف أن الإسلام دخل إليها، على يد الصحفي أوسوتارا نودا، المعروف بعبدالحليم أفندي، وهو مراسل جريدة «بيجي شيمبون»، في عام 1891م، الذي اعتنق الدين الإسلامي عقب مناظرة أجراها معه رئيس المسلمين في ليفربول عبدالله كيليام أفندي.

«المجتمع» تواصلت مع أكيفومي نومورا، الأستاذ المشارك في جامعة «تاكوشوكو»، لمعرفة المزيد عن أحوال المسلمين هناك، الذين يمثلون أقلية في البلاد؛ بنسبة 1% من جملة عدد السكان الذين يتجاوزون 130 مليون نسمة.

  • لا يعرف الكثيرون شيئاً عن أحوال المسلمين في اليابان، حدثنا عنها عن قرب.

- لا توجد إحصاءات رسمية دقيقة، لكن التقديرات تفيد بوجود نحو مائتي ألف مسلم في أنحاء البلاد، والعدد إلى تزايد عاماً بعد عام، ويعود السبب الرئيس إلى تنامي اعتناق الإسلام بسبب الزواج.

وفي المجتمع الياباني، يكون السكن في معظم الحالات محدّداً حسب طبيعة العمل، ولذلك لا توجد مناطق سكنية يقطنها المسلمون اليابانيون حصراً، ونتيجة لذلك، يعيش المسلمون موزعين في أنحاء البلاد كافة، ويزداد حالياً عدد المسلمين من الجيلين الثاني والثالث، ومن بين هؤلاء نسبة قليلة من أبناء اليابانيين المعتنقين للإسلام، لكن الغالبية هم أبناء وُلدوا في أسرٍ لمسلمين أجانب.

يوجد نحو مائتي ألف مسلم ينتشرون في أنحاء البلاد

ومع واقع ازدياد عدد المسلمين وتزايد الزوّار الوافدين السياح الأجانب في السنوات الأخيرة، أصبح الكثير من أبناء البلدان الإسلامية يزورون اليابان، واستجابة لهذه المتطلبات، أُنشئت أماكن للصلاة في المتاجر الكبرى والمطارات وغيرها، كما ازداد عدد المطاعم المتوافقة مع الحلال بسرعة في المناطق الحضرية الكبرى.

  • ما السبب الرئيس في تزايد عدد من يعتنقون الإسلام سنوياً؟

- لحسن الحظ، يتزايد عدد المسلمين في اليابان تدريجياً، والسبب الرئيس هو الزواج، غير أن هناك أيضاً من يتعرف إلى الإسلام عبر التواصل البشري ويهتم به ثم يعتنقه، ويعني ذلك أن القبول بالإسلام لا يحدث غالباً عبر الدعوة المباشرة التي يقوم بها علماء الدين ورجاله.

فسياسة اليابان بعد الحرب العالمية الثانية لم تسعَ إلى إدماج الدين ذاته بنشاط في المؤسسات العامة أو التعليم، فعلى الرغم من وجود جانب ذي طابع ديني رسمي الذي كان يُدرّس ضمن التعليم الإلزامي، لكنه استُبدل به تعليم الأخلاق والقيم.

وبسبب النمو الاقتصادي في اليابان وتطوره سريعاً، فقد كثير من الناس معنى الحياة وغايتها، وأضحى من الصعب نيل الطمأنينة في أوقات الشدة، وفي هذا الفراغ الروحي ظهرت جماعات أو أفراد منحرفون استغلوا الحاجات الدينية للناس لمصالح شخصية ومكاسب مادية، فأساؤوا إلى صورة الدين في اليابان إساءة بالغة، ونتج عن ذلك ترسُّخ تصوّرٍ قوي في اليابان مفاده أن الدين «غسل دماغ وطائفة منحرفة»؛ فانتشرت صورة مناقضة للمعنى الأصيل للدين، وبسبب هذه الخلفية، فإن اليابانيين شديدو الحساسية تجاه الدين أصلاً.

وفي الواقع، يمكن القول: إن كثيراً من المعتنقين الجدد لا يأتون عبر الدعوة المباشرة، التي يقوم بها المتخصصون في الدراسات الدينية، بل من خلال تفاعلات ممتعة مع عامة الناس تنشأ معها عفوياً اهتمامات بالثقافة العربية أو الثقافة الإندونيسية، وفي ثنايا ذلك يكتشفون الإسلام.

  • المسلمون في اليابان يعتبرون أقلية، هل هناك مضايقات تواجههم؟

- صحيح أن المسلمين أقلية، لكن إن سُئل: هل توجد مضايقات مباشرة على نحوٍ عام؟ فالجواب: ليس كذلك، فاليابان ليس لها تاريخ من مواجهة مباشرة مع العالم الإسلامي على أساسٍ ديني؛ لذا لا يمكن القول: إن صراعات عنيفة أصبحت حالة مألوفة.

ارتفاع عدد أماكن الصلاة في المتاجر والمطارات الكبرى

لكن عند إحراق الجثامين كعادة مألوفة في اليابان، في الوقت الذي يسعى فيه المسلمون إلى إنشاء مقبرة مخصصة للمسلمين، تنشأ أحياناً احتكاكات مع السكان المجاورين، ومع أن هذا لا يقتصر على التحيز الديني وحده، فإن السبب الرئيس يتمثل في نقص الفهم تجاه الثقافات المتعددة.

  • كيف تنتشر اللغة العربية في اليابان؟ وما الصعاب التي تواجهكم؟

- تجرى بلا شك في اليابان دراسات عن الإسلام واللغة العربية، غير أن كثيراً من المتخصصين في الإسلام درسوه ضمن الرؤية التاريخية الغربية، ولذلك توجد فجوات بين هذه الرؤية ومنظومات القيم الأصيلة في العالم الإسلامي.

ومن المثير للاهتمام أنه عند مطالعة أدبيات الباحثين اليابانيين في الإسلام قبل الحرب العالمية الثانية، نجد تصويراً للنبي صلى الله عليه وسلم بصورة بطولية، حيث يظهر أن اليابان وجدت جاذبية كبيرة في فكرة أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم أسَّس بمفرده جماعة ضخمة، فاهتمّت بإنجازاته بوصفه رجل دولة أكثر من كونه رجل دين.

  • من المشهور عن الشعب الياباني أنه دقيق ومنظم ومبتكر، أين المسلمون من هذه المنظومة؟

- نظراً لقلة عدد المسلمين بين اليابانيين، فلا تبرز علاقة خاصة لافتة بين الطابع القومي والإسلام، لكن إذا نظرنا إلى المضمون عامة يمكن العثور على نقاط اشتراك، مثل تعظيم شأن الأدب واحترام القواعد.

الكويت موَّلت بشكل كامل بناء مسجد في هوكايدو

كذلك، تتمتع اليابان بحرية دينية، ولا يلزم الأفراد بالإفصاح عن ديانتهم؛ لذا لا يظهر عادة في مجالات العلوم والتقنية والاختراع، إلى أي دين ينتمي صاحب الإنجاز، وحسب علمي لا توجد تصنيفات أو إعلانات من هذا القبيل.

  • ما الجهات الداعمة والمنظمة لأحوال المسلمين في البلاد؟

- هناك هيئات مثل جمعية المسلمين في اليابان، إضافة إلى إنشاء مساجد في مختلف أنحاء اليابان لا سيما في المدن الكبرى، وغالباً ما تشكّل المساجد المحلية مرجعية يُرتَكَن إليها في أعمال التكافل والنشاطات.

  • هل يتلقَّى المسلمون في اليابان دعماً ثابتاً من بلدان عربية وإسلامية؟

- حسب علمي، تقدّم الإمارات والسعودية دعماً مباشراً للأنشطة من خلال برامج شهر رمضان ونحوها، موجَّهة إلى جمعية المسلمين في اليابان والمساجد في شتى المناطق.

أما الكويت على وجه الخصوص، فقد قدمت دعماً في بناء مسجد في هوكايدو شمالي اليابان، الذي بني بدعم كامل من الحكومة الكويتية.



اقرأ أيضاً:

لماذا اليابان مهيأة لاعتناق الإسلام؟

أول مؤتمر علمي عن الإسلام في اليابان

الإسلام في اليابان.. حوار مع الشيخ أحمد مائينو مدير معهد جامع طوكيو

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة