رأي «المجتمع»..

الأمة.. وحماية المسجد الأقصى

مجـلة المجتمع

25 أغسطس 2025

174

المسجد الأقصى ليس مجرد معلم ديني أو أثر تاريخي؛ إنه قلب الأمة النابض، ومهوى أفئدة المؤمنين، ومسرى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم، وأولى القبلتين، وثالث المساجد التي تشد إليها الرحال، وقد جعله الله تعالى آية من آيات البركة في كتابه: (الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء: 1)، ليكون رمزاً لوحدة الأمة وكرامتها.

لكن واقعنا اليوم يكشف أن الأمة تراجعت عن دورها القيادي في حمايته، حتى غدا يرزح تحت اعتداءات يومية، وحصار يهدف إلى طمس هويته الإسلامية، بل وهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه، واستعادة هذا الدور ليست ترفاً سياسياً، وإنما واجب شرعي، وضرورة وجودية.

أولى خطوات الاستعادة إحياء الوعي بمكانة «الأقصى»، عبر التربية والإعلام والمناهج التي تغرس في النفوس حُبّه وفداءه، ثم توحيد الصف الإسلامي وتجاوز الخلافات التي فرّقتنا، فـ«الأقصى» لا يحميه إلا أمة متماسكة، ولا بد من دعم صمود المقدسيين الذين يقفون في خط الدفاع الأول، بتأمين احتياجاتهم الاقتصادية والتعليمية والصحية، وحماية وجودهم في مدينتهم من التهويد، كما يجب تفعيل المؤسسات الإسلامية بالعالم لإطلاق حملات ومشاريع تفضح جرائم الاحتلال وتُبقي «الأقصى» في صدارة الاهتمام الدولي.

وفي موازاة ذلك، فإن الحراك الشعبي والإعلامي قادر على تحريك الضمير العالمي، وفرض ضغط سياسي على الحكومات، بشرط أن يكون منظماً ومستمراً، أما على الصعيد القانوني، فيجب ملاحقة الاحتلال في المحاكم الدولية، ورفض كل أشكال التطبيع التي تمنحه شرعية زائفة.

إن «الأقصى» أمانة في أعناق المسلمين جميعاً، ولا خيار لنا إلا أن ننهض بدورنا كما فعل أسلافنا الذين حرروه مرات عديدة عبر التاريخ.

فلتكن حماية «الأقصى» مشروع أمة، لا قضية شعب وحده، حتى يأتي يوم يُرفع فيه الأذان من مآذنه في فضاء حر طليق، وتعود البهجة إلى قلوب الملايين من المؤمنين.

وعلى ذكر المسجد الأقصى، نذكر غزة التي أشعلت حرباً من أجله فأطلقت «طوفان الأقصى»، وها هي المعركة تقترب من نهايتها التي نتوقع أن تنتهي بانتصار الثلة المؤمنة، إن شاء الله، على أعتى جيوش العالم؛ أمريكا و«إسرائيل» وعدد من الدول الأوروبية، رغم فارق القوة الرهيب، ورغم الدمار والحصار، وحين ينقشع غبار المعركة في غزة، يبدأ امتحان أصعب من الحرب ذاتها؛ امتحان «اليوم التالي».

نتوقع يوماً تتجلى فيه صلابة الغزيّين في إعادة البناء، وصمودهم في مواجهة الحصار والدمار، ويقينهم بأن وعد الله حق: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً {5} إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح).

نتوقع يوماً يدعم فيه العرب والمسلمون غزة، لا بالكلمات وحدها، بل بمشاريع إعمار، ومواقف سياسية، وحماية لحقها في الحياة والحرية.

ونتوقع يوماً يُدرك فيه العالم أن غزة ليست مجرد قضية إنسانية، بل عنوان لصراع حق وباطل، وميزان لكرامة الأمة ومصداقيتها.

إن «اليوم التالي» في غزة لن يكون نهاية المأساة، بل بداية نهضة إن أحسنت الأمة اغتنامه، أو بداية انتكاسة إن تركت غزة وحدها.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة