التجويع للتهجير.. نتنياهو يفضح مخططه الذي لم يعد سراً!

في لقائه بمجموعة من ضباط الاحتياط، في 8 مايو 2025م، لم يجد رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو ما يدافع به عن وجهة نظره في استئناف وتصعيد الحرب على قطاع غزة، إلا أن يُفصح عن مخططه السري الذي رصده محللون من قبل، لكنه أصبح الآن مخططاً مكشوفاً بتصريح رسمي وليس فقط بتحليل سياسي.

نتنياهو قال مدافعاً عن مخططه: إن التدمير في غزة لم يأتِ ردَّ فعل على عمليات الإرهاب الفلسطيني، بل هو ضمن مخطط مدروس يهدف إلى تهجير أهل القطاع، مضيفاً بحسب ما نشرته «هاآرتس»، في 9 مايو: نحن ندمر غزة عن بكرة أبيها، ويجب ألا يكون لهم مكان سليم يعودون إليه ويعيشون فيه، يجب أن يرحلوا.

إذن، التهجير هو الهدف النهائي لما يجري من وحشية وإبادة صهيونية ضد قطاع غزة بكل ما فيه؛ من بشر وحجر، وبنية تحتية، ومؤسسات طبية وإنسانية، وهيئات دولية إغاثية، هذا هو الهدف، وأما إستراتيجية التنفيذ فهي جَعْل القطاع مكاناً غير قابل للحياة! أما الوسائل فهي القتل والإبادة، والإفراط في استخدام القوة، والاستقواء على المدنيين، وهدم المؤسسات ومراكز الإيواء، ومنع مؤسسات الإغاثة الدولية عن القيام بواجبها، إضافة إلى الضغط بالتجويع.


المجاعة تضرب غزة تزامناً مع تشديد الحصار وتضييق الخناق على السكان |  Mugtama
المجاعة تضرب غزة تزامناً مع تشديد الحصار وتضييق الخناق على السكان | Mugtama
تسير الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة نحو أسوأ ما يمك...
mugtama.com
×


التجويع بعد الضغط بالنار

نعم، طوال 15 شهراً من العدوان المتواصل الهمجي، لم يتورع الكيان الصهيوني عن استخدام القوة الغاشمة والمفرطة، ليس فقط للانتقام من القطاع وحاضنته الشعبية على ما جرى يوم السابع من أكتوبر، وإنما لتجريف الأرض من السكان ومن كل مظاهر الحياة، بحيث يصبح القطاع مجرد مكان فارغ بلا شعب وبلا تاريخ، تماماً كما جرى لاحقاً في مدينة رفح؛ وبالتالي، لا يعود القطاع مصدر تهديد أو إزعاج للكيان، ويصبح من السهل إعادة تشكيله على معايير سياحية واستثمارية!

إستراتيجية الكيان الصهيوني في الحصار والتجويع تهدف إلى إجبار الغزيين على قبول التهجير

لكن الإبادة الجماعية التي جرى تنفيذها بقوة النار والقنابل الفتاكة لم تفلح في كسر إرادة الفلسطينيين وإجبارهم على التخلي عن أرضهم؛ بل رأينا الجموع تزحف عائدة لمدنها وقراها التي هُجِّرت منها، بعد سريان الهدنة مطلع العام الجاري، في مشهد مهيب أنعش الذاكرة الفلسطينية التي عرفت التهجير ولم تعرف العودة.

وبعد هذا الصمود الأسطوري الغزاوي، اتخذ الكيان الصهيوني من التجويع سياسة قذرة لإجبار الفلسطينيين على قبول ما رفضوه بضغط النار؛ وذلك عبر فرض حصار محكم على القطاع، ومنع إدخال المساعدات، حتى أصبحنا نفتقد تلك المظاهر من المساعدات التي كانت تتم بطريقة أقرب للهزلية مثل الإنزال الجوي، التي ترتب عليها إزهاق أرواح، ومشاهد تجرح الكرامة!


https://mugtama.com/articles/%D8%AA%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D8%BA%D8%B2%D8%A9_%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B9%D8%A9_
mugtama.com
×


منع المؤسسات الدولية

إضافة إلى الحصار الخانق، عمل الكيان الصهيوني على منع مؤسسات الإغاثة الدولية من مواصلة تقديم الدعم، رغم أنه بالكاد يلبي الحد الأدنى من حاجات القطاع.

وفي تقرير مفصل نشره موقع «مونت كارلو الدولية»، في 9 مايو، فإن عشرات المطابخ الخيرية في غزة أغلقت أبوابها، بسبب نقص الإمدادات الناتج عن الحصار «الإسرائيلي» الخانق على القطاع؛ مما أدى إلى قطع شريان حياة يستخدمه مئات الآلاف من الناس، وأثار المخاوف من المزيد من الوفيات المرتبطة بسوء التغذية.

ونقل التقرير عن بيير كرينبول، المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر، قوله: إن على الحكومات التحرك فوراً لوقف الفظائع في غزة، وإن المعاناة هناك وصلت إلى حد يشكك في إنسانيتنا من جذورها، مضيفاً للصحفيين في جنيف: إنها لحظة حاسمة لأن ترفض الدول والجهات الفاعلة العالمية والأطراف المعنية السماح باستمرار هذا الرعب المتواصل دون انقطاع، يجب أن يشعر الجميع بأنه قد طفح الكيل إزاء ما يحدث في غزة، إذا كان هذا هو مستقبل الحرب فيجب أن نشعر جميعاً بالرعب.

وفي السياق نفسه، أعلنت مؤسسة «ورلد سنترال كيتشن» الخيرية، ومقرها الولايات المتحدة، نفاد المكونات اللازمة لتوفير الوجبات المجانية التي تشتد الحاجة لها، وأن «إسرائيل» منعتها من جلب المساعدات.

«الأورومتوسطي»: تزايد الوفيات في غزة بسبب انهيار الرعاية الصحية وتفشي الجوع وسوء التغذية

وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة أمجد الشوا، لوكالة «رويترز»: إن معظم تلك المطابخ في القطاع وعددها 170 أغلقت أبوابها بعد نفاد مخزون المواد الغذائية لديها، بسبب الحصار «الإسرائيلي» المستمر على غزة، موضحاً أن قرار «ورلد سنترال كيتشن» وإغلاق المطابخ الخيرية من شأنه أن يتسبب في انخفاض يتراوح بين 400 ألف و500 ألف وجبة مجانية يومياً لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

وأضاف: الكل في غزة جوعان، وعلى العالم أن يتحرك الآن لإنقاذ الناس في غزة، والبقية من المطابخ المجتمعية سوف تغلق أبوابها قريباً أيضاً، والناس يخسرون المصدر الوحيد للطعام.


غزة تحت أنياب الجوع.. طفولة اغتالتها المجاعة! |  Mugtama
غزة تحت أنياب الجوع.. طفولة اغتالتها المجاعة! | Mugtama
يا له من زمنٍ غريبٍ هذا الذي نحياه، تُذبح فيه الطف...
mugtama.com
×


موت صامت!

وفي بيان له، في 10 مايو، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن قطاع غزة يشهد موجة «موت صامت» تحصد أعداداً متزايدة من أرواح كبار السن والأطفال، نتيجة الظروف المعيشية القاتلة التي تفرضها «إسرائيل» عمداً بهدف إهلاك السكان؛ وعلى رأسها جرائم التجويع، وإحداث المعاناة الشديدة، والحرمان من الرعاية الصحية، والحصار الشامل.

وأشار المرصد إلى أن الحصار المشدد المفروض منذ أكثر من شهرين يخلف آثاراً مدمرة وطويلة الأمد، تطال بشكل خاص الفئات الأكثر هشاشة في قطاع غزة، في ظل سياسة «إسرائيلية» منهجية تقوم على تدمير مقومات الحياة والقضاء على أي بدائل ممكنة للبقاء؛ ما يعمّق الكارثة الإنسانية ويحولها إلى أداة رئيسة في تنفيذ جريمة الإبادة الجماعية.

ووثّق المرصد وفاة 14 مسناً فلسطينياً في القطاع؛ نتيجة مضاعفات الجوع وسوء التغذية ونقص الرعاية الطبية.

ولفت المرصد إلى أن عدداً متزايداً من كبار السن والأطفال والمرضى يلقون حتفهم كنتيجة مباشرة لانعدام الرعاية الصحية وسوء التغذية والجوع؛ لكن لغياب آلية فعالة لدى وزارة الصحة بغزة لرصد هذه الحالات، فإنه يتم تسجيلها كوفيات طبيعية، رغم أنها في الواقع نتيجة مباشرة لسياسات التجويع المتعمد وتدمير النظام الصحي، وتشكيل نمط من أنماط القتل العمد المحظور بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي.

إذن، هذه هي إستراتيجية الكيان الصهيوني في تشديد الحصار وفرض التجويع، وهي إستراتيجية تهدف إلى إجبار الفلسطينيين على قبول التهجير الذي رفضوه تحت ضغط القصف والقنابل الفتاكة، ورغم أن الموقف العربي أعلن رفضه للتهجير، فإنه صمتَ أمام التجويع، وجاء صمته بما يبدو أنه أقرب إلى التواطؤ منه إلى العجز!


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة