مغامرات «عمر وجدو» الرمضانية (4)

الدعاء عبادة عظيمة

في غرفة الجلوس الجميلة حيث الأزهار التي تفوح برائحة الياسمين وضعتها فاطمة على طاولة خشبية مدورة الشكل، عادة يحب جدو الجلوس فيها خاصة أن أشعة الشمس الدافئة تحل كل يوم ضيفة عزيزة على قلب جدو، فهو يجلس في ساعات الصباح الباكر بالقرب من النافذة المزينة بأوراق نبات اللباب، ويحب كذلك سماع صوت العصافير، فقد علم حفيده عمر الاعتناء بها والحرص على نظافة القفص وتقديم الطعام والشراب لها، فإنه بذلك يرشد حفيده على أخلاق الشريعة الغراء التي أوصت بحقوق الطير والحيوان.

في هذه الجلسة الهادئة الجميلة، كان جدو يسند ظهره على مقعده المفضل المريح ذات الوسادة الخضراء، وهو يتلو بصوته الندي آيات الذكر الحكيم من سورة «البقرة»: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة: 186).

كان بالقرب منه يستمع حفيداه الجميلان عمر، وريتال، لقد تعلما من جدهما الإنصات عند سماع القرآن الكريم، هذه الآية العظيمة جلبت مسامع عمر في الرغبة بمعرفة معناها، فرغم أنه طفل فإنه ذكي ويحب المعرفة والتعلم؛ الأمر الذي جعله يطلب من جدو الحنون أن يفسر له هذه الآية.

نظر جدو بفخر كبير إلى عمر وهو يسأل الله تعالى أن يكون مثل ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقد سماه والداه بذلك تيمناً به، وقال: قبل أن أفسر لكما الآية فلا بد أن تجلسا في مكانكما المفضل في حضن جدو، وبسرعة أسرع من البرق قفزاً بهدوء إلى جدو، ذلك جعل جدو يضحك، فهو يحب حفيديه كثيراً، خاصة أنهما يحترمانه، ويحبانه، ويسمعان كلامه.

والآن اسمعا: وإذا سألك -أيها النبي صلى الله عليه وسلم- عبادي عني فقل لهم: إني قريب منهم، أُجيب دعوة الداعي إذا دعاني، فليطيعوني فيما أمرتهم به ونهيتهم عنه، وليؤمنوا بي؛ لعلهم يهتدون إلى مصالح دينهم ودنياهم.

وفي هذه الآية إخبار منه سبحانه عن قربه من عباده، القرب اللائق بجلاله.

ابتسم عمر، وهو يسأل جدو: هل يستجيب الله تعالى لكل دعاء؟

أجاب جدو بكثير من الحب: الله عزوجل القادر على كل شيء فلا مستحيل عنده، إنما يقول للشيء كن فيكون، فالله تعالى لا يرد الأيدي التي ترفع له بالدعاء صفراً، فإما أن يستجيب لك ما دعوت به، أو يصرف عنك سوءاً، أو يجعله لك في الآخرة خيراً وأبقى.

واعلما أن الله تعالى لا يقدّر إلا خيراً، فلو استجاب لكل دعاء لهلك المسلمون، فكثير ما يكون دعاء الإنسان لنفسه بالشر وهو لا يعلم، فإن استجاب له لهلك، فرحمة من الله تعالى ألا يستجيب كل دعاء.

لكن تذكر أن الإنسان يؤجر على الدعاء، فهي عبادة عظيمة يتقرب بها المسلم طاعة لربه.

وهنالك أوقات ذات أفضلية، وهي أحرى في استجابة الدعاء، فالدعاء في رمضان تفضيل زمان، خاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم بشرنا باستجابة دعوة الصائم.

في هذه اللحظة فرح عمر جداً بذلك، فهو صائم، وسوف يكثر من الدعاء، فأخذ يردد: يا رب يشتري لي والدي الدراجة الهوائية!

ضحك جدو وأخذ يردد: «آمين»!

كان والد عمر يجلس في ذات المجلس ليس ببعيد عن والده وولديه، وهو ينظر ويسمع باهتمام لكلام والده، وفطنة عمر، واهتمام ريتال، فقد شعر قلبه ينغمر بالفرح لذلك.

أما فاطمة، فكانت تسأل الله تعالى أن يحفظ لها عائلتها ويجعلها كما يحب ويرضى، وأن يبارك في صحة وعمر جدو، فهو حنون كثيراً على حفيديه ويتعلمان الكثير منه كل يوم.

هل تعلم أن القرآن ربيع القلب؟ هل جلست بالقرب من جدك وسألته عن تفسير بعض الآيات؟ إن لم تفعل سابقاً فماذا تنتظر؟!


كلمات دلاليه

تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة