السلطات الهندية تستولي على ممتلكات الكشميريين المسلمين

تعيش معظم
العائلات المسلمة في جامو وكشمير منذ قرون في بيوتها ومزارعها ومتاجرها المملوكة
لها، إلا أنّ الأمور تغيّرت جذرياً بعد الضمّ غير القانوني لكشمير عام 2019م، حيث
تصاعدت بشكل ملحوظ عمليات مصادرة ممتلكات المسلمين من قبل السلطات الهندية.
ويؤكد السكان
المحليون أنّ القوات الهندية والأجهزة الإدارية تستخدم ذرائع قانونية مختلفة
للاستيلاء على هذه الممتلكات، في مقدمتها اتهامات الإرهاب أو تمويل الجماعات
المسلحة، إضافة إلى تطبيق قانون المخدرات والمواد المؤثرة عقلياً (NDPS)، وقانون
الأنشطة غير المشروعة (UAPA).
ذرائع قانونية وأهداف سياسية
يقول الأهالي:
إن هذه القوانين تُستخدم لأغراض سياسية لا أكثر، وغالباً من دون أي دليل قانوني؛
ونتيجة لذلك، يفقد الكشميريون ممتلكاتهم التاريخية، من منازل ومحالّ وأراضٍ زراعية؛
ما يهدّد مصادر رزقهم وأمنهم الاجتماعي.
وأوضح مثال على
ذلك، أن السلطات الهندية صادرت في منطقة بيجبهارا بمقاطعة أنانتناغ ممتلكات تبلغ
قيمتها أكثر من 6.6 ملايين روبية، تعود لأسرة مكوّنة من أب وابنه، بحجة تطبيق
قانون «NDPS».
ووفقاً لوكالة
خدمة إعلام كشمير (KMS)، شملت المصادرة منزلاً سكنياً من طابقين
ومبنى تجارياً من طابق واحد في قرية تولخن.
وأعرب السكان
المحليون عن غضبهم، مؤكدين أنّ مثل هذه الحملات أصبحت حدثاً يومياً متكرّراً في
كشمير، حيث تُستخدم تهم الإرهاب وتمويل المقاتلين أو تهريب المخدرات كغطاء سياسي
لمصادرة الممتلكات، من دون شفافية أو رقابة قضائية.
تغيير ديموغرافي ممنهج
يرى السكان أنّ
الهند تستخدم هذه الإجراءات لانتزاع ممتلكات الكشميريين وتسليمها لغير المقيمين من
أجل تغيير التركيبة السكانية في المنطقة المحتلة، وقد وصفت منظمات حقوق الإنسان
هذه المصادرات بأنها عقاب جماعي يهدف إلى بثّ الخوف وقمع الأصوات المعارضة.
في المقابل،
تدّعي الشرطة الهندية أن هذه المصادرات مرتبطة بجرائم تهريب مخدرات، بينما يؤكد
الأهالي أن الاستخدام المتكرر لقانوني «UAPA» و«NDPS» يكشف عن
طابع سياسي واضح لهذه الحملات.
حوادث المصادرة الأخيرة
خلال الفترة
الأخيرة، سُجِّلت عدة عمليات استيلاء جديدة على ممتلكات الكشميريين المسلمين، من
أبرزها:
- 30 سبتمبر
2025م: صادرت وكالة التحقيقات الوطنية الهندية (NIA) ممتلكات
أحد سكان منطقة شوبيان، بذريعة أن القضية قيد التحقيق وفق قانون «UAPA»، رغم غياب
أي إجراءات قانونية شفافة.
- 8 أكتوبر
2025م: نفّذت وكالة التحقيقات الخاصة بالولاية (SIA) مداهمات
متزامنة في مناطق أنانتناغ، وشوبيان، وكولغام، وسوپور، وبانديبورا، بدعم من الشرطة
وقوات «CRPF»، ضمن قضية مسجلة تحت رقم (FIR 1/2025)، وفق قانون «UAPA».
ورغم الادعاء
بأن المصادرات جاءت ضمن قضايا تهريب مخدرات، يؤكد السكان أن الاتهامات ذات دوافع
سياسية.
- 10 أكتوبر 2025م: استولت الشرطة على أراضٍ زراعية مساحتها 4.11 كنال تعود لأحد السكان، فاروق أحمد، في منطقة دومكي-سومبار بمقاطعة رامبان، بذريعة تطبيق قانون «UAPA».
واعتبر محللون
هذه العملية جزءاً من سياسة ترهيب طويلة الأمد تمارسها حكومة حزب بهاراتيا جاناتا
(BJP) ضد الكشميريين، بهدف إفقارهم وحرمانهم من
أراضيهم.
- 4 أكتوبر
2025م: صادرت شرطة جامو وكشمير منزلاً سكنياً من 3 طوابق في منطقة «HMT» قرب
سريناغار، مملوكاً لأسرة سجاد غول، أحد قادة «جبهة المقاومة».
ووفق الشرطة،
بلغت قيمة المنزل نحو 20 مليون روبية، وقد تمت المصادرة استناداً إلى قانون «UAPA»، المادة (25)،
بحضور القاضي التنفيذي.
- 24 يونيو
2025م: صادرت الشرطة ممتلكات المتهم محمد شفيق في مقاطعة أودهامبور، وهو محتجز
حالياً بتهمة «الأنشطة غير المشروعة»، ووفق بيان رسمي، تم حظر بيع أو تأجير أو نقل
الملكية لأي طرف ثالث.
خلف السطور
يؤكد محللون أنّ
ارتفاع وتيرة تهريب المخدرات المزعوم في كشمير منذ عام 2019م، لا ينفصل عن التواجد
العسكري الكثيف في الإقليم، مشيرين إلى تورط بعض عناصر الأجهزة الأمنية في تسهيل
هذه التجارة واستخدامها كذريعة لحملات أمنية تستهدف المدنيين المسلمين.
ويصف ناشطون
محليون هذه الإجراءات بأنها أداة لإضعاف الاقتصاد الكشميري وتحويل السكان الأصليين
إلى أقلية مهمشة، بينما تُمنح الأراضي المصادرة للمستوطنين الهنود الجدد.
إن ما يجري في
كشمير اليوم ليس مجرد تنفيذ لقوانين مكافحة الإرهاب أو المخدرات، بل هو جزء من
مشروع هندوسي، قومي منظّم يهدف إلى تغيير هوية كشمير الإسلامية وطابعها السكاني، وبينما
ترفع نيودلهي شعار «حكم القانون»، يعيش الكشميريون مأساة حقيقية؛ من مصادرة بلا
محاكمات، واتهامات بلا أدلة، وقمع باسم القانون.