السمنة في الكويت... أزمة صحية وطنية تهدد الأجيال

لم تعد السمنة في الكويت مجرد مشكلة صحية فردية، بل باتت تحديًا وطنيًا يهدد جودة الحياة والصحة العامة للأفراد من مختلف الفئات العمرية. ومع ارتفاع معدلات الإصابة بشكل مقلق، تحذر الأوساط الطبية من التداعيات الجسيمة لهذا المرض المزمن، وتدعو إلى تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لمواجهته.

معدلات مقلقة وانتشار متسارع

كشفت استشارية الغدد الصماء والسكري ورئيسة رابطة السمنة الكويتية، د. أسرار السيد هاشم، أن معدلات الإصابة بالسمنة بين البالغين في الكويت بلغت 43%، فيما وصلت إلى 25% بين الأطفال، وهي من أعلى النسب المسجلة على مستوى المنطقة، ما يجعل القضية أولوية صحية ملحة.

وأوضحت د. أسرار، في تصريح صحفي على هامش فعالية توعوية نظمتها رابطة السمنة الكويتية في مجمع الأفنيوز، أن وفرة الطعام، ونمط الحياة قليل الحركة، والمناخ الحار، والعوامل الوراثية، من أبرز أسباب انتشار السمنة في البلاد، محذّرة من تجاهلها أو التعامل معها كأمر طبيعي بحسب القبس.

فعالية توعوية... بمشاركة نخبة من الأطباء

نُظمت الفعالية بمشاركة استشاريين متخصصين في الغدد الصماء، وأطباء جراحة السمنة، وأخصائيي التغذية، حيث قدّموا استشارات طبية مباشرة لزوار الفعالية، واستعرضوا الخيارات العلاجية المختلفة، وأكدت د. شيماء العصفور، نائب رئيس رابطة السمنة، أهمية اتباع استراتيجيات شاملة في مكافحة السمنة، تتضمن التثقيف الصحي، وتوفير العلاجات المناسبة، إلى جانب دعم المجتمع بأساليب وقائية وتوعوية، كما أشار أمين سر الرابطة، د. خليفة مال الله، إلى أن العلاج الجراحي يُعد خيارًا مطروحًا للحالات التي لم تستجب للعلاج التقليدي، محذرًا من اتخاذ أي قرار علاجي دون استشارة طبية متخصصة.

300 مرض مرتبط بالسمنة

السمنة ليست مجرد زيادة في الوزن، بل ترافقها أكثر من 300 مرض مزمن، وفق ما تؤكده د. أسرار السيد، ومن أبرزها: السكري من النوع الثاني، ارتفاع ضغط الدم، دهون الكبد، آلام المفاصل، واضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب، إضافة إلى زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطان.

أرقام عالمية... والكويت في الصدارة

بحسب التقرير السنوي الصادر عن الاتحاد العالمي للسمنة لعام 2023، فإن الكويت تحتل المرتبة الأولى خليجيًا وعربيًا، والعاشرة عالميًا من حيث نسب الإصابة، بواقع 45.3% من السكان. كما بيّن التقرير أن السمنة بين الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 13 عامًا تصل إلى 40.6% بين الذكور، و28.3% بين الإناث.

دعوات لتفعيل سياسات داعمة

طالبت د. أسرار السيد الجهات الحكومية بدعم جهود مكافحة السمنة من خلال:

توفير مرافق رياضية في المناطق السكنية بأسعار مناسبة.

توفير وجبات صحية في المدارس والجهات الحكومية.

اعتماد برامج توعوية منتظمة.

توفير الأدوية الحديثة لعلاج السمنة للمحتاجين.

تعزيز التعاون بين الأسر والمدارس لتثقيف الأطفال.

الرياضة أسلوب حياة

شددت رئيسة الرابطة على ضرورة إدماج الرياضة في الحياة اليومية للأطفال والكبار، مشيرة إلى معوقات مثل قلة الوقت، وندرة المرافق الرياضية، خصوصًا للأطفال، ما يتطلب تحركًا عاجلًا من الجهات المعنية لتوفير بنية تحتية داعمة.

سبل الوقاية: خطوات بسيطة بتأثير كبير

أشارت د. أسرار إلى أن الوقاية من السمنة تبدأ من:

اعتماد نظام غذائي متوازن.

ممارسة الرياضة بانتظام.

تجنّب الأغذية المصنعة والمشروبات السكرية.

الحصول على قسط كافٍ من النوم.

مراجعة الأطباء بانتظام.

اللقاح المنتظر... أمل قادم؟

من جانب آخر، كشف باحثون أمريكيون عن لقاح تجريبي جديد قد يساهم في علاج السمنة، إلا أن الخبراء، مثل استشاري جراحات السمنة د. عامر الدرازي، حذروا من التعويل عليه حاليًا، مؤكدين أنه لا يزال في مرحلة التجارب على الحيوانات، وأن الاعتماد على نمط حياة صحي يظل الأساس في العلاج.

ختامًا... دعوة لحماية الأجيال

السمنة لم تعد خيارًا شخصيًا، بل مسؤولية مجتمعية ووطنية، تتطلب تفاعلًا من الأسرة، والمدرسة، والمؤسسات الصحية، والجهات التشريعية. فكل كيلوغرام إضافي قد يعني سنوات من المعاناة، وكل خطوة نحو الوقاية هي خطوة نحو مستقبل أكثر صحة ورفاهًا للمجتمع الكويتي.

 

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

جميع الأعداد

ملفات خاصة

مدونة