العدوان «الإسرائيلي» على إيران والتضليل الإستراتيجي.. حلقة من سلسلة أهداف إسلامية وعربية
تهدف «إسرائيل»
من خلال عدوانها على إيران إلى القضاء على أي قوة نووية إسلامية أو عربية لضمان
بقائها القوة الوحيدة المهيمنة، كما تهدف الى إسقاط النظام الإيراني، والقضاء على
البرنامج النووي كما حدث مع العراق وسورية في الماضي، لضمان بقائها القوة المهيمنة
الوحيدة في المنطقة.
الهدف
التالي باكستان
في عام 2011م،
أعلن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو في مقابلة تلفزيونية أن باكستان
هي الهدف التالي بعد إيران، قائلاً: مهمتنا الكبرى هي منع الأنظمة الإسلامية من
الحصول على الأسلحة النووية، إيران وباكستان دولتان تشكلان تهديداً لـ«إسرائيل».
لقد نجحت «إسرائيل»
تاريخياً في بقائها القوة النووية الوحيدة في المنطقة، واستطاعت امتلاك السلاح
النووي بمساعدة فرنسية سرية، ففي الخمسينيات أرسلت فرنسا مئات الفنيين والخبراء
إلى «إسرائيل»، وقدمت لها مفاعلًا نوويًا بقوة 24 ميجاوات، وشرعت في الأعمال
الإنشائية عام 1958م، وفقاً لتقارير فرنسية، لتصبح بهذا القوة النووية المسيطرة في
الشرق الأوسط.
فـ«إسرائيل» تمتلك
ترسانة نووية تتألف من حوالي 100 رأس نووي دون أي رقابة دولية، وتتبنى ما يُعرف
باسم «مبدأ بيغن»، القائم على امتلاك السلاح النووي ومنع أي دولة إقليمية أخرى من
امتلاكه، وقد شاهدنا هذا عام 1981م عندما قامت بقصف مفاعل «تموز 1» العراقي، ثم
موقع «الكبر النووي» السوري عام 2007م.
ويأتي العدوان «الإسرائيلي»
على إيران في خضم هذا الهدف لضمان التفوق العسكري واستمرار سياسة البلطجة «الإسرائيلية»
دون أي عقاب دولي، لكن تظل الحال مع إيران مغايرة تماماً لما حدث مع العراق وسورية.
سياسة
الخداع والتضليل
استطاعت
الولايات المتحدة و«إسرائيل» تضليل إيران قبيل الهجمات «الإسرائيلية»، من خلال
إجراء مفاوضات وهمية لصرف انتباهها عن أي استعدادات للتصدي لأي هجوم «إسرائيلي»
محتمل، فقد كشف مسؤول «إسرائيلي» لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، منذ أيام قليلة، أن «تل
أبيب» وواشنطن نفذتا حملة تضليل واسعة، بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، بهدف
إقناع إيران بأن أي هجوم على منشآتها النووية لن يكون وشيكاً، وأذاع الإعلام «الإسرائيلي»
تسريبات مضللة تدعي أن ترمب حذر نتنياهو من مهاجمة إيران، كجزء من عملية الخداع.
وتعمدت «تل أبيب»
تضليل إيران عبر الإعلان عن بقاء نتنياهو في إجازته، حيث خدعت «إسرائيل» إيران بالإعلان
عن بقاء نتنياهو في عطلته شمالي البلاد، واستمرار التحضيرات لحفل زفاف ابنه أفنير،
وكشف المسؤول عن ضلوع ترمب في التحضيرات للهجوم قائلاً: «ترمب لعب اللعبة معنا»،
واصفاً مستوى التنسيق بين الطرفين بأنه وثيق وشامل.
أمريكا
و«الناتو» متورطان
لكن قبل
أسبوعين، حذّرت وسائل إعلام روسية من تحركات استخباراتية غير مألوفة لحلف «الناتو»
قرب إيران، وكان ذلك تحضيرًا لضربات «إسرائيلية»، قام «الناتو» برصد دفاعات إيران
من خلال طائرات «أواكس»، وطائرات بدون طيار، وعمليات مسح عبر الأقمار الصناعية.
وقال نتنياهو في
رسالة مرئية مسجلة: «أترك الموقف الأمريكي للأمريكيين، لقد أبلغناهم بشكل مسبق
بالهجوم، فقد كانوا على علم بالهجوم، ماذا سيفعلون الآن؟ أترك ذلك للرئيس (دونالد)
ترمب، فهو يتخذ قراراته باستقلالية».
ترامب:
الهجوم على إيران ممتاز
أما ترمب، فقد
وصف، يوم الجمعة الماضي، الهجوم «الإسرائيلي» على إيران بأنه ممتاز، داعياً إياها
إلى إبرام اتفاق بشأن برنامجها النووي، معتبراً أن الفرصة لا تزال مواتية لمنع
مزيد من الصراع مع «إسرائيل»، ورداً على سؤال: هل من دور أمريكي في الهجوم على
إيران؟ قال: «لا أريد الرد على ذلك»، وأضاف ترمب أنه حذّر طهران من أن الولايات
المتحدة تصنع أفضل وأكثر الأسلحة فتكًا في العالم، وأن «إسرائيل» تمتلك كثيراً
منها، وسيصلها المزيد قريبًا، وهم يعرفون كيف يستخدمونها.
إذا كانت هناك
مخاوف من امتلاك أي بلد للسلاح النووي، فتأتي تلك المخاوف من «إسرائيل» التي لم
تقم بالتوقيع على المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تهدف إلى منع الانتشار
النووي رغم الضغوط الدولية عليها للقيام بذلك.
أما إيران فإنها
وقعت على معاهدة منع الانتشار النووي قبل عقود من الزمان، في حين انسحبت الولايات
المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2014م بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، كما
انسحبت أيضاً من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى مع روسيا عام 2019م.
باكستان..
وقطع العلاقات مع «إسرائيل»
في خضم الهجمات
البربرية على إيران، حث وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف، السبت الماضي،
كافة الدول الإسلامية على قطع العلاقات مع «إسرائيل» بسبب عدوانها على إيران،
مؤكداً دعم بلاده الكامل لها في مواجهة «إسرائيل»، قائلاً: نقف إلى جانب الدولة
الجارة إيران بكل السبل الممكنة.
وكانت الأهداف «الإسرائيلية»
في الماضي في العراق وسورية واضحة، كما كانت تلك المنشآت النووية في مراحل مبكرة
من البناء، أما البرنامج النووي الإيراني فيتميز باتساعه الجغرافي، واعتماده
المحلّي بشكل كامل، وتحصيناته الهندسية المعقّدة، كما أن المعرفة والخبرة البشرية
تراكمت لدى إيران، كل ذلك يجعل نجاح «إسرائيل» في تكرار السيناريوهات السابقة
أمرًا غير واقعي.
لذلك، فإن
الضربات الجوية، مهما بلغت قوتها، لن تحقق التدمير الكامل، الذي يعني إزالة
المنشآت النووية نهائياً وإنهاء القدرات التقنية والمعرفية الإيرانية.
التحديات
التي تواجهها إيران
هناك تحديات
خطيرة تواجهها إيران، فهناك خلايا تابعة لـ«الموساد الإسرائيلي» داخل إيران، فتشير
العديد من التقارير إلى وجود اختراق استخباراتي داخل الأراضي الإيرانية، فحالياً
يتحدث عملاء «الموساد» داخل إيران عن إشعال فتيل الفوضى وإثارة الاحتجاجات؛ لذا
على إيران سد تلك الثغرات الداخلية حتى تنجح في هذه الحرب ووقف المخطط الصهيوني الأمريكي.
إذا تخلى
المجتمع الدولي عن القيام بدوره المنوط به في وقف أي عدوان على دولة ذات سيادة،
وتخلى المسلمون عن نصرة إخوانهم المسلمين في كل مكان، فسيظل قانون الغاب هو السائد،
وسيتم فتح الباب أمام عالم فوضوي يُستهان فيه بالقانون الدولي وتنتهك فيه سيادة
الدول الواحدة تلو الأخرى.