العمل الخيري الكويتي والبيئة التنظيمية.. مسيرة رائدة وتجربة ملهمة

إبراهيم البدر

13 أكتوبر 2025

152

أضحى العمل الاجتماعي التطوّعي اليوم أحد أهمّ سبل النهوض بالمجتمعات، ولا سيما في الدول النامية التي قد تعجز حكوماتها عن تلبية احتياجات مواطنيها كافة، وقد أسهم ذلك في بروز جمعيات أهلية تنظّم جهود العطاء وتقدّم العمل الخيري التطوّعي بصورة مؤسسية.

يعرض هذا المقال تعريف العمل الخيري وأبعاده بشكل عام، إلى جانب استعراض البيئة التنظيمية له في دولة الكويت.

أولاً: تعريف العمل الخيري:

يُعرَّف العمل الخيري بأنه «إسهام المواطنين تطوعاً في أعمال التنمية، سواء بالرأي أو بالعمل أو بالتمويل أو بغير ذلك من صور المشاركة»، ومن ثمّ فهو نشاط تطوّعي يختار الأفراد الانخراط فيه للمساهمة في تنمية مجتمعاتهم العامة أو المحلية أو لخدمة فئات محددة، ولتحقيق ذلك، تبرز الحاجة إلى توفير قدر من الحرية لممارسته عبر مختلف جوانبه، وترسيخه كقيمة مشتركة بين الأفراد، مع إدراك أهميته في الحياة الإنسانية.

كما يُعرف بأنه: «كل مال أو وقت أو جهد يُبذل من أجل الصالح العام، وتقديم العون للفئات المحتاجة»؛ وبذلك فهو يجمع بين الشقّين المادي وغير المادي.

وتجدر الإشارة إلى أن بعض الدول، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تفرّق بين مفهومي الإحسان والعمل الخيري؛ إذ يُنظر إلى الإحسان باعتباره معالجة لآثار المشكلات الاجتماعية، بينما يُنظر إلى العمل الخيري على أنه معالجة لجذورها.

تجربة الكويت توازن بين التطوع الأهلي والدعم الرسمي والعطاء المنظم.. سر تميّز العمل الخيري الكويتي

ويُعدّ التبرع بالأموال أكثر أشكال العمل الخيري شيوعاً، ويتم تقديمه إما مباشرة إلى المستفيدين، أو عبر جهات خيرية متخصّصة تهدف إلى دعمهم وتلبية احتياجاتهم.

ويندرج العمل الخيري ضمن مفهوم أوسع هو العمل الاجتماعي، الذي يُعرّف بأنه: «إسهام الأفراد في أعمال الرعاية الاجتماعية والتنمية، سواء بالعمل أو بالرأي أو بالتمويل»، ومن أبرز سماته التعاون، وخدمة الآخرين طوعاً من دون انتظار مقابل.

ثانياً: تعريف العمل التطوعي:

العمل التطوعي هو: «الأنشطة أو الأعمال التي يقدّمها الأفراد طوعاً ومن دون أجر، خدمة لقضية عامة أو لمساعدة أشخاص خارج نطاق أسرهم المعيشية وأقاربهم المباشرين».

وغالباً ما يُمارس التطوع في إطار منظمات أو مجموعات، ويتأثر بدرجة كبيرة برأس المال الاجتماعي، وله دوافع متعددة، منها: الاهتمام بقضية عامة، أو التأثر الشخصي بمشكلات اجتماعية، أو الدافع الديني، أو الرغبة في تحسين المهارات الوظيفية واكتساب خبرات جديدة، إلى جانب دوافع أخرى تتكامل فيما بينها.

ثالثاً: المؤسسات الخيرية:

تُعرّف المؤسسات الخيرية بأنها: «جهود مجتمعية منظّمة، تجمع متطوعين مؤمنين بدورهم تجاه قضايا الإنسان ومسؤولياتهم المجتمعية، يدرسون احتياجات المجتمع ويوجّهون طاقاتهم وأموالهم لخدمته».

وتندرج هذه المؤسسات ضمن إطار أوسع هو مؤسسات المجتمع المدني، وهي: «مجموعة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل باستقلال نسبي عن إشراف الدولة المباشر، لتحقيق أهداف متنوعة قد تكون سياسية أو نقابية أو تنموية، ويقوم نشاطها في جوهره على العمل التطوعي».

التشريعات الكويتية ضمانة للشفافية والاستدامة والعمل الخيري انتقل من الممارسة الفردية إلى المؤسسة الراسخة

لقد شكّل العمل الخيري في الكويت تجربة رائدة وملهمة في المنطقة والعالم، بفضل بيئته التنظيمية التي وفّرت الأطر القانونية والمؤسسية الضامنة للشفافية والمساءلة، ورسّخت قيم العطاء في المجتمع.

كما تميّزت التجربة الكويتية بقدرتها على الجمع بين الجهود الأهلية والرعاية الرسمية؛ ما مكّنها من بناء نموذج متكامل يوازن بين المبادرات الفردية والعمل المؤسسي، ويسهم في معالجة التحديات الإنسانية والتنموية محلياً وعالمياً.

وبذلك، أصبح العمل الخيري الكويتي شاهداً حياً على ريادة الكويت في مجال العمل الإنساني، ودليلاً على أن التنمية المستدامة لا تتحقق إلا بتكامل الجهود بين الدولة والمجتمع.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة