الكويت صف واحد أمام الأزمات

«سحابة
صيف»...
هكذا
وصفت جميع الأطراف حال الأزمة بين الكويت والعراق بعد حوالي أسبوع من بدايتها،
ونحن نأمل أن تكون الأزمة كذلك، وأن تنجلي هذه السحابة سريعًا بدون ذيول تعكر صفو
الانفراج العام الذي تشهده المنطقة والعالم العربي بعامة.
فتصريحات
كافة الأطراف تشير إلى أن الأزمة في طريقها إلى التصفية من خلال محادثات ثنائية
مشتركة بين بغداد والكويت في ظل وساطة عربية مستمرة، وهي المحادثات التي نأمل أن
تتم في جو أخوي ودي لا تعكره الحملات الإعلامية المغرضة ولا أجواء الحشود العسكرية
ولا نفسية الغالب والمغلوب، بل الرغبة من قبل جميع الأطراف في الوصول إلى حل مرض
يحقق لجميع الأشقاء حقوقهم ومصالحهم المشروعة.
وإذا
كانت القمة النفطية لأعضاء منظمة أوبك المنعقدة مؤخرًا في جنيف قد أعطت مؤشرات
إيجابية أولية لحدوث اتفاق على مسألة تحديد أسعار النفط، وهي إحدى النقاط المثارة
من قبل العراق ضمن حيثيات الأزمة، فإننا نأمل أن تعطي المحادثات المتوقعة في جدة
بين العراقيين وأشقائهم الكويتيين نتائج إيجابية كذلك، فإن هذه الأزمة قد تنتهي
-إن شاء الله- بحسم كافة المسائل المختلف عليها بين الجارين الشقيقين وهي
الاختلافات التي وقفت في مناسبات عديدة في الماضي وراء النزاعات ولحظات سوء الفهم
والخصومة.
وإذا
جاز لنا أن ننعم بالتفاؤل بقرب انتهاء هذه الأزمة فإننا لابد أن نشير بكثير من
التقدير إلى الموقف الشعبي المتلاحم الذي شهدته الساحة المحلية في الكويت خلال
الأيام الماضية إزاء الضغوط التي تعرضت لها البلاد.
فبمجرد
أن بدأت وسائل الإعلام تنقل أخبار الموقف الخطير الذي استجد والذي بدأت الكويت
خلاله تتلقى الاتهامات الظالمة والادعاءات المغلوطة وسط أجواء من التهديد والوعيد،
سارع الشعب الكويتي عبر هيئاته وجمعياته الأهلية ليسجل دعمه للقيادة الكويتية إزاء
هذا الموقف، وليؤكد للأطراف الخارجية أن الكويت تقف كلها صفًّا واحدًا وأسرة واحدة
أمام أي تحديات.
ولقد
أصدرت جمعية الإصلاح الاجتماعي وجمعيات النفع العام بيانها بشأن الأزمة فور
حدوثها، وهذا يؤكد الموقف الصحيح للكويتيين تجاه الأزمة، ولقد قام ممثلون عن تلك
الجمعيات بزيارة لسمو أمير البلاد وزيارة لسمو ولي العهد لتأكيد تلاحم الشعب وراء
القيادة في ظل الضغوط الخارجية.
كما
أصدرت جهات أهلية أخرى بيانات تؤكد رفضها للأزمة المفتعلة بين البلدين وتدعو
العراق إلى حشد طاقاته لمواجهة التحديات الفعلية ضد العالم العربي.
وهذا
الموقف الإيجابي من الشعب الكويتي خلال أزمة مثل هذه يؤكد أن هذا الشعب على وعي
وإدراك كبير لدوره في مساندة القيادة السياسية حينما يكون التهديد موجهًا لكرامة
الكويت وسيادتها على أراضيها وحقوقها في ثرواتها الوطنية.
ونحن
إذ ننتظر الآن تطورات المباحثات بين الكويت والعراق والتي سيتم من خلالها طرح
مسائل خلافية عديدة للبحث، لنرجو أن يكون للأشقاء في العراق الرغبة الكاملة في
توطيد علاقات الأخوة وحسن الجوار مع الكويت، إذ إن مفتاح الأزمة كله في بغداد،
وعلى بغداد يقع العبء الأعظم في مسؤولية إنجاح هذه المباحثات وإنهاء الأزمة (1).
(1)
- منشور في العدد 976 بتاريخ: 9 محرم 1411هـ / 31 يوليو 19990م – ص 2.