المحدِّث الصغير!

سيناريو: أمين حميد

رسوم: عصام الشرقاوي


بخطوات كلها ثقة وبابتسامة كانت تنافس ضوء الشمس، كان الفتى عثمان يتقدم إلى منصة الإذاعة المدرسية ليلقي كلمة الطابور الصباحي يحث فيها زملاءه على التحلي بمكارم الأخلاق في تعاملهم مع معلميهم وزملائهم الطلاب.

وقد كانت كلمة بليغة انتقى كلماتها بعناية نالت استحسان الأساتذة والتلاميذ، غير أنه ختم الكلمة بقول نسبه للرسول صلى الله عليه وسلم، بينما هو في الحقيقة حكمة شائعة؛ ما جعل مدرسي التربية الإسلامية كل منهم يحدق في الآخر مستغرباً كيف يقع عثمان في خطأ كهذا!


وبمجرد أن توجه عثمان مع زملائه إلى فصلهم الدراسي لحقه مدرس التربية الإسلامية الذي صادف أن حصته هي الأولى في ذلك اليوم، وقبل أن يشرع في الدرس طلب من التلاميذ أن يتحدث إليهم عن كلمة اليوم.

في البداية، شكر التلاميذ على إعدادهم الجيد لإذاعة الطابور الصباحي وعلى إلقائهم الجيد لفقراته، ثم خص بالشكر الطالب المتميز عثمان، غير أنه توجه بالحديث إلى عثمان وقال له: لي ملاحظة مهمة على كلمة اليوم سأوجهها لك ولبقية زملائك:

أحبائي التلاميذ، تعرفون مكانة السُّنة النبوية في الإسلام، وكونها المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم، ولأهميتها فقد ألزمنا الله سبحانه بالعمل بها في آيات عديدة، منها قول الله عز وجل: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (الحشر: 7).   

قال أحمد، الذي كان في الصف الأول يسمع للمدرس بإنصات: وأنا سمعت والدي يخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نضَّر الله امْرَأً سمِع مقالَتي فوعاها وحفِظها وبلَّغها، فرُبَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقهُ منه» (رواه الترمذي).

قال الأستاذ: أحسنت يا أحمد.

قال عثمان: ولكن يا أستاذ، كيف أعرف أن الحديث صحيح أو غير صحيح؟

قال الأستاذ: هناك كتب جمعت الأحاديث الصحيحة بحيث إن كل ما فيها صحيح.

قال عثمان: وما أبرز تلك الكتب التي يمكن الثقة بكل ما فيها من حديث؟

قال الأستاذ: يأتي على رأس قائمة تلك الكتب كتاب الإمام البخاري رحمه الله، ثم كتاب الإمام مسلم رحمه الله، وهما أصدق الكتب بعد كتاب الله تعالى.

قال عثمان: وأيهما أكثر صحة يا أستاذ؟

قال الأستاذ: أصح كتاب بعد كتاب الله هو صحيح الإمام البخاري على الإطلاق.

قال عثمان: إذن، سأطلب من والدي أن يشتري لي كتاب البخاري وأعكف على قراءته حديثاً حديثاً حتى أنتهي منه إن شاء الله.

قال الأستاذ: فكرة رائعة، وإذا استطعت أن تحفظ من كل باب حديثاً تكون قد ألممت بمعظم أبواب الفقه والمعاملات والأخلاق والمواعظ.

قال أحمد: وتستطيع أن تلقي الحديث على مسامعنا في الإذاعة الصباحية أو في أي مكان وأنت مطمئن أنه صحيح، بل وفي غاية الصحة.

قال الأستاذ: وإذا واجهك أي لفظ أو معنى غير واضح فبإمكانك المجيء إليَّ لشرحه وتوضيحه، أو الاستماع لبعض شروح الحديث لبعض العلماء الثقات الذين لهم شروح على «يوتيوب».

قال طالب في نهاية الفصل: ولماذا لا نصنع نحن أيضاً مثل عثمان؟

التفت إليه الطلاب وقد لمعت في عيونهم نظرات الاستحسان، ثم قالوا للأستاذ: لن نحرم أنفسنا نحن أيضاً من هذا الخير، وسنجعل صحيح البخاري بحول الله في طليعة الكتب التي نطالعها بعد كتاب الله، وكما نحفظ في كتاب الله فسوف نجعل لسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم حظاً من الحفظ.

قال الأستاذ: أسأل الله أن يوفقنا جميعاً لهذا الخير، وسأكون معكم في هذا المضمار الذي نتسابق فيه على حفظ كتاب الله وحفظ سُنة نبيه عليه الصلاة والسلام.



تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة