المختصر المفيد في انتهاكات الكيان الصهيوني للقانون الدولي
تجري المحكمة الجنائية الدولية (ICC) تحقيقًا في جرائم مرفوعة ضد الكيان الصهيوني في فلسطين، بما في
ذلك غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، منذ عام 2021م.
وفي مايو 2024م، صدرت مذكرات توقيف من
المحكمة الجنائية الدولية ضد رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو، ووزير
الدفاع السابق يوآف غالانت، أما قادة «حماس» فقد جعلتهم قيد التدقيق، وهم يحيى
السنوار، ومحمد ضيف، وإسماعيل هنية، رحمهم الله.
وقد ارتكب الكيان الصهيوني انتهاكات
قانونية متعددة بموجب القانون الدولي، التي يُمكن رفعها مفصَّلة أمام المحاكم
الدولية مثل محكمة العدل الدولية (ICJ)، فضلاً عن المحكمة الجنائية الدولية، ويمكن أن نجملها في 5 أنواع
من الانتهاكات:
أولها: انتهاكات القانون الإنساني الدولي
وجرائم الحرب.
وثانيتها: انتهاكات القانون الدولي لحقوق
الإنسان.
وثالثتها: انتهاكات ضد نظام روما الأساسي؛
فقد انضمت فلسطين إلى نظام روما الأساسي عام 2015م، وأصبحت فلسطين عضوًا في
المحكمة الجنائية الدولية في العام ذاته، مانحةً المحكمة اختصاصًا على الجرائم
المرتكبة منذ 13/ 6/ 2014م، وهو تاريخ قبول الاختصاص بأثر رجعي، وكان حكم الدائرة
التمهيدية عام 2020، إذ أكدت المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها على غزة والضفة
الغربية والقدس الشرقية، على الرغم من اعتراضات الكيان الصهيوني.
ورابعتها: انتهاكات قرارات الأمم المتحدة
وقانون الاحتلال.
والخامسة: الإبادة الجماعية، وهي في قضية
محكمة العدل الدولية رفعتها دولة جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني في عامي 2023
و2024م، وهذا تفصيلٌ لتلك الانتهاكات في مختلف المجالات القانونية:
- الانتهاك المتكرر
للقانون الإنساني الدولي وارتكاب جرائم الحرب:
تعمّد الكيان الاحتلالي ذلك في 3 أمور:
1- الاستخدام غير المشروع للقوة والعقاب
الجماعي: تمثَّل في الحصار والعملية العسكرية؛ فالحصار والقيود المفروضة على غزة
منذ عام 2007م تُـعدّ عقابًا جماعيًا بموجب المادة (33) من اتفاقية جنيف الرابعة
(4th Geneva Convention)، أما العمليات العسكرية فقد أدت إلى خسائر مدنية غير مناسبة
للجانب العسكري مثل حروب غزة في الأعوام 2008-2009، 2014م في عملية «الجرف الصامد»،
و2021م في عملية «حارس الأسوار»، وهجوم غزة 2023-2024م.
2- استهداف المدنيين والبنية التحتية
المدنية: تعمده الكيان في هجماته على المستشفيات والمدارس ومرافق الأمم المتحدة
مثل مدارس «الأونروا»، عام 2014م، ومستشفى الشفاء عام 2023م، ومن ذلك استخدامه
المدفعية الثقيلة والغارات الجوية في المناطق المكتظة بالسكان.
3- الهجمات العشوائية: كانت في استخدامه
الفوسفور الأبيض في المناطق المدنية مثلما حدث في عامي 2009 و2023م، وكذلك
استخدامه «القنابل الغبية» في المناطق الحضرية.
- الانتهاك المتكرر
للقانون الدولي لحقوق الإنسان:
تقصَّد الكيان الغاشم ذلك في 4 أمور:
1- انتهاك الحق في الحياة والأمن: وهو
مخالف للمادة (6) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتمثل ذلك في
عمليات القتل خارج نطاق القضاء، مثل الاغتيالات الموجهة لقادة «حماس» مع إلحاق
أضرار جانبية بالمدنيين.
2- التعذيب وسوء المعاملة: وهو مخالف
لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، وقد ثبت ذلك في تقارير عن تعذيب
المعتقلين الفلسطينيين، على يد جهاز الأمن العام للكيان الصهيوني (الشاباك) وغيره
من الأجهزة.
3- انتهاك حرية التنقل: كسر به العهد
الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، المادة (12)، وتمثل ذلك في القيود التي
فرضها على التنقل في الضفة الغربية من خلال نقاط التفتيش، وجدار الفصل العنصري.
4- القوانين التمييزية: تمثل في قانون
الدولة القومية 2018م، الذي يُفضّل المواطنين اليهود على المقيمين غير اليهود.
- الانتهاك المتكرر لنظام
روما الأساس:
وهذا النظام من اختصاص المحكمة الجنائية
الدولية؛ إذ فلسطين فيه كدولة طرف منذ عام 2015م، وقد تمثلت انتهاكاته في 9 جرائم
كبيرة، هي: الجرائم ضد الإنسانية (المادة 7)، وجرائم الحرب (المادة 8)، والقتل
العمد، والتدمير الواسع للممتلكات، والترحيل غير القانوني، وسياسات الفصل العنصري
التي طرحتها من قبل منظمة العفو الدولية، ومنظمة «Amnesty
International»، وهيومن رايتس ووتش، والاضطهاد على أساس
العرق والجنس، وتوسيع المستوطنات (المادة ٨(2)(ب)(٨))، ونقل المدنيين الصهاينة إلى
الأراضي المحتلة كالضفة الغربية وهو انتهاك للمادة (49) (6) من اتفاقية جنيف
الرابعة، والهجمات على المواقع الثقافية والدينية مثل اقتحامات الصهاينة للمسجد
الأقصى مدعومين بعنف ووحشية شرطة الكيان الصهيوني ضد المصلين مثل مداهمات الأقصى
في عامي 2021، و2023م، مع تدميرهم المواقع التراثية الفلسطينية كمقابر القدس، وهو
انتهاك (للمادة 8(2)(ب)(9)).
- الانتهاك المتكرر
لقرارات الأمم المتحدة وفرض قانون الاحتلال:
شملت هذه الانتهاكات:
1- التهجير القسري: كان من أهم مظاهره
هدم المنازل، مثل منازل حي الشيخ جراح، ومسافر يطا.
2- إقامة المستوطنات: بما ينتهك قرار
مجلس الأمن (2334) عام 2016م، وتمثل في استمرار التوسع الذي يُـعدّ غير قانوني
بموجب القانون الدولي.
إصدار «قانون القدس» الذي ضمت بموجبه
القدس الشرقية عام 1980م، وهو مخالف للقانون الدولي في قرار مجلس الأمن رقم (478)،
وبعدها ضم مرتفعات الجولان عام 1981م، منتهكة بذلك قراري مجلس الأمن (242) عام 1967م،
و(497) عام 1981م.
- الإبادة الجماعية:
إنها قضية قدمتها لمحكمة العدل الدولية
دولة جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني خلال عامي 2023 و2024م، وفي مارس 2024م حذّر
المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من عرقلة وصول المساعدات إلى غزة،
مُشيرًا إلى احتمال ارتكاب جرائم تجويع، وقد حددت القضية أفعال الإبادة الجماعية
إذ تخالف المادة (2) من اتفاقية الإبادة الجماعية، وتمثلت الإبادة في عمليات القتل
الجماعي، والتجويع القسري كمنع وصول الغذاء والماء، وتدمير الخدمات الأساسية، فضلاً
عن تحريض وزراء ومسؤولي الكيان الصهيوني شعبهم على المدنيين الفلسطينيين بنشر خطاب
«الحيوانات البشرية».
ما الهيئات القانونية
الدولية التي يمكنها محاسبة الكيان الصهيوني؟
ارتكب الكيان الصهيوني جرائم واسعة
النطاق من شأنها أن تجره إلى المحاكمات الدولية بموجب القانون الإنساني الدولي،
وقانون حقوق الإنسان، ونظام روما الأساسي، مع وجود قضايا جارية أمام محكمة العدل
الدولية بسبب جرائم إبادة جماعية، وأمام المحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم حرب.
وتعتمد الإجراءات القانونية على مبادرة
الأفراد المتخصصين في القانون، والمنظمات، والدول، بالطعون القضائية، فضلاً عن
المبادرات القائمة على الإرادة السياسية التي يقوم بها السياسيون؛ أفراداً وجماعات
وأحزاباً ومنظمات ودولاً، ونلاحظ جُبناً عالمياً أمام هذه المسألة على الرغم من أن
الاتهامات وثقتها جيدًا هيئات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، وخبراء
القانون الدولي.
وهناك عدة هيئات قانونية دولية يمكنها
محاسبة الكيان الصهيوني على جرائمه في فلسطين، نذكر منها:
- المحكمة الجنائية الدولية (ICC): التهم التي يمكن محاسبة الكيان الصهيوني عليها هنا 4، هي: جرائم
حرب، والجرائم ضد الإنسانية، ونظام الفصل العنصري، والتوسع الاستيطاني.
- محكمة العدل الدولية (ICJ): التهم التي يمكن محاسبة الكيان الصهيوني عليها هنا 3، هي:
انتهاكات ضد اتفاقية الإبادة الجماعية، وقوانين الاحتلال، وانتهاك قرارات الأمم
المتحدة.
- لجان التحقيق التابعة لمجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة: من هؤلاء لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن
فلسطين التي يمكنها رفع قضايا في الاختصاص.
- الاختصاص القضائي العالمي: المقاضاة في
المحاكم الوطنية، مثل محاكم كل من إسبانيا وبلجيكا.
ومهما يكن الأمر، فإن من أهم عقبات هذا
المسلك 3:
أولاها: عدم تعاون الكيان الصهيوني؛ إذ
رفض الاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من كونه ليس عضوًا فيها.
ثانيها: الدعم الأمريكي والغربي للكيان
الصهيوني وذلك بممارسة ضغوط دبلوماسية على المحكمة الجنائية الدولية، وتخويف
شخصيات مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية برئاسة كريم خان، وتخويف مقرري
الأمم المتحدة مثل الإيطالية فرانسيسكا ألبانيزي.
وثالثها: بطء العملية القضائية إذ تستغرق
قضايا المحكمة الجنائية الدولية سنوات على غرار قضيتي دارفور، وكينيا.