المرأة الذكورية!

منى عبدالفتاح

22 أبريل 2025

199

نوع من النساء يُراد له أن يكثر ويتنامى في بعض المجتمعات العربية والإسلامية، مدعوماً بقوى النسوية المتطرفة، التي تريد التحرر من القيم والضوابط والأعراف والشرائع السماوية، وكل ما يمت للفطرة الإنسانية بصلة.

إنها «المرأة الذكورية» التي تناطح الرجال في جميع ساحات الحياة، تارة بدعوى المساواة مع الرجل، وتارة بدعوى تمكين المرأة، وتارة لإثبات تفوقها على «الذكر»، وفي أحيان كثيرة؛ رغبة في التقليد والمحاكاة لأنماط غربية مستحدثة وخبيثة، تحت لافتة التمدن والتحضر!

هذه المرأة تسير في ركب السقوط والانزلاق إلى الهاوية، فهي تبغض الزواج، وتكره رباط الأسرة، وتتململ من تربية الأبناء، وتتمرد على طاعة الزوج، وتكفر بقيمة الحياة الزوجية.

بل الأدهى من ذلك، ما تنادي به تحت شعارات المساواة مع الرجل، والمساواة في الميراث، وتحرير المرأة، وحرية الجسد، وحرية الجنس، وتعدد الأزواج، إلى أن تبلغ مبلغ الشذوذ، والانقلاب على كل ما جاء به الشرع، وأقرته الفطرة الإنسانية.

هذا النوع من النساء يراد له أن يخوض غمار بطولات الملاكمة، والمصارعة الحرة، وأن يرفع الأثقال، ويثب فوق الحواجز، ويتسلق الجبال، وغيرها من رياضات عنيفة وخطيرة، لن تضيف للمرأة السوية شيئاً.

لست هنا بصدد تحريم عمل المرأة، أو ممارستها الرياضة، أو مشاركتها في السياسة والاقتصاد والفن وغيره، وفق ضوابط شرعية، فالمجال لا يتسع لبحث هذه القضايا، لكني بصدد كشف ما يجري من مخطط لتدمير المرأة المسلمة.


النسوية الراديكالية.. مشروع لمعاداة الرجل واستئصال الأسرة |  مجلة المجتمع الكويتية
النسوية الراديكالية.. مشروع لمعاداة الرجل واستئصال الأسرة | مجلة المجتمع الكويتية
برزت الحركات النسوية في الغرب كرد فعل على ما تعرضت...
www.mugtama.com
×


أدوار غائبة

إن تهمة «الذكورية» التي تلاحق الرجال، باتت سيفاً مصلتاً على رقابهم، قد يتم اتهام الواحد منهم بأنه «ذكوري» لمجرد التزامه بضوابط الدين، أو حرصه على تقاليد المجتمع، أو رفضه عمل المرأة في مهن معينة.

هنا تحضر التهمة، وتعلو الأصوات، وتمارس أساليب القمع والتخويف بحق الرجال، فالذكورية ليست حكراً عليه، بل من حق المرأة نفسها تبني وتطبيق الأفكار الذكورية، هكذا تُحدث نفسها، إلى أن تفقد ذاتها وأنوثتها، فتصبح شكلاً ممسوخاً من امرأة سابقة.

خلال العقدين الأخيرين، زادت وتيرة تخلي المرأة عن أدوارها الأساسية، التي كانت عامل قوة وتماسك في بناء مجتمعاتنا العربية والإسلامية، خاصة ما يتعلق منها بقدسية الزواج، وتربية الأبناء، والحفاظ على الأسرة، ليحل محل ذلك العنوسة، والطلاق، والرهاب من الزواج (الجاموفوبيا)، والمزيد من التفكك الأسري، وتداعياته الخطيرة من تشريد الأبناء، والدفع بهم إلى دوامة الإدمان والإلحاد والجريمة.

غابت، أو بشكل أدق، تراجعت المرأة الزوجة، والمرأة الأم، والمرأة المربية، لصالح المرأة الموظفة، والمرأة السياسية، والمرأة اللاعبة، إلى آخره، من صور للمرأة في المحافل الدولية، جُلها يختبئ وراء ستار «الذكورية».

أيضاً، تراجعت في كثير من المجتمعات المرأة المحجبة، والمرأة السوية، والمرأة المتزنة، لصالح المرأة المتحررة، والمرأة الجريئة، والمرأة العارية، تحت شعارات النجومية والشهرة، إلى أن تظفر بلقب «المرأة الحديدية».


النسوية أختُ الإلحاد! |  مجلة المجتمع الكويتية
النسوية أختُ الإلحاد! | مجلة المجتمع الكويتية
لا نبالغ إذا قلنا: إن النسوية (الفيمنست) طريق ممهد...
mugtama.com
×


مهام وشروط

ما هكذا تورد الإبل، وقد اقتضت حكمة الله عز وجل أن يمايز بين الذكر والأنثى، فقال تعالى: (وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) (آل عمران: 36)، وهو ما ترتب عليه أحكام شرعية وفقهية، وضعت لكل طرف إطاره الاجتماعي والوظيفي في المجتمع المسلم، دون ظلم أو جور.

يقول المفسرون في تأويل قوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) (النساء: 34): إن تعليل القوامة له سببان؛ الأول: وهبي (بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)؛ أي بتفضيل الله الرجال على النساء، من كونه جعل منهم الأنبياء والخلفاء والحكام والغزاة، وجعل الانتساب إليهم، وجعل الطلاق بأيديهم.. وغير ذلك.

والثاني: كسبي (وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ)؛ أي ما ينفقه الرجال على النساء من مهر عند الزواج، ونفقة عند الطلاق، وكفايتهم إياهن مؤنهن، وغير ذلك مما لم تكن المرأة ملزمة به، فإذا تخلى الرجل عن ذلك، فقد حق القوامة عليها.

القوامة لها اشتراطات واستحقاقات، وليست لقباً أو منحة أو مكرمة للرجل، دون أن يقوم بما عليه من تكليفات وأوامر شرعية، وما يستتبع ذلك من أدوار سياسية واقتصادية واجتماعية، فإذا أحسن القيام بها، وأتقن صنعها كان من زمرة الرجال، وإلا فقد صفة الرجولة، فصار فقط من «الذكور».

كذلك المرأة، لها أدوار، وعليها تكليفات، ومنوط بها مسؤوليات، فإذا قامت بها، وأدت ما عليها، وأحسنت صنيعها، كانت نعم المرأة، دون حجر على حقها في العلم أو العمل أو تولي الوظائف العامة، وفق الضوابط الشرعية المتعارف عليها.

إن مجتمعاتنا في حاجة ماسة إلى استعادة أدوار المرأة الحقيقية، وإحياء أدوار قد اندثرت، كانت نموذجاً في العصر الذهبي للإسلام، وإبداع أدوار نسائية جديدة تضيف منجزاً حضارياً لهذه الأمة، لا أدوار «ذكورية» لا تغني ولا تسمن من جوع.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة