المناهج الوطنية والابتكار.. كيف نؤسّس لجيل يناسب «رؤية الكويت 2035»؟

سامح ابو الحسن

08 سبتمبر 2025

963

وطنٌ لا يتعلّم، يخسر ماضيه ومستقبله، ومع إطلاق «رؤية كويت جديدة 2035»، بات تحوّل المناهج إلى رسالة وطنية؛ من حفظ الهوية، وتأهيل العقل، وامتلاك أدوات الابتكار، نسعى هنا لاستكشاف كيف تضع الكويت أسس المناهج الوطنية التي تجمع بين الاعتزاز بالأصالة، والتمكين العلمي للغد.

إطار إستراتيجي شامل (2025 - 2040م)

في مسودة إستراتيجية التعليم الوطنية، أعلن قطاع المناهج عن خطة تمتد من عام 2025 إلى 2040م، تُرسّخ التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي داخل التعليم، وقد وضعت الإستراتيجية على أسس 6 أهداف منها تطوير المعلم، والمناهج، والبيئة المدرسية، وتكامل ذوي الهمم والمؤسسات التربوية.

وقالت وزارة التربية: إن إطلاق مشروع الخطة الإستراتيجية طويلة المدى 2025 - 2035م يأتي كخطوة وطنية محورية نحو بناء تعليم عصري يواكب تطلعات «كويت جديدة 2035»، ويعكس التزام الكويت بتحقيق أهداف التنمية المستدامة لدول مجلس التعاون الخليجي.

فالخطة ليست مجرد وثيقة إدارية، بل منظومة متكاملة تسعى إلى الارتقاء بالطالب والمعلم معاً، عبر تنمية المهارات والمواهب، ورعاية الفائقين وأصحاب الهمم، وتطوير المدارس الحكومية لتكون بيئة تعليمية مستدامة.

التربية: الخطة الإستراتيجية (2025 - 2035م) خطوة وطنية نحو بناء تعليم عصري يواكب تطلعات «رؤية 2035»

وأضافت «التربية» أننا نضع نصب أعيننا القضاء على التسرب الدراسي، ومواءمة المناهج مع التطور التكنولوجي، وتفعيل التعليم الإلكتروني والهجين كأحد أبرز محاور المستقبل، إلى جانب ربط التعليم بسوق العمل عبر تنويع المسارات الثانوية، كما تركز الخطة على تعزيز كفاءة الكوادر التعليمية والإدارية، وضمان جودة الأداء من خلال تطوير تشريعي وتنظيمي وإداري متكامل، مدعوم بالبيانات والأنظمة الذكية مثل «GIS» و«GFMIS».

واختتمت الوزارة تصريحها بالتأكيد على أن هذه الرؤية التعليمية بعيدة المدى ليست فقط استجابة لتحديات الحاضر، بل هي استثمار في مستقبل الكويت، وإعداد لجيل واثق، مبدع، قادر على أن يقود بلاده في مسار التنمية الشاملة، مستنداً إلى قيم أصيلة، ومعارف حديثة، وأدوات رقمية متقدمة.

المناهج الجديدة.. مهارات القرن الـ21 بوصلة وطنية

المناهج الجديدة صممت وفق الإطار الوطني لمعايير المناهج الذي يدمج الهوية والقيم الوطنية والمهارات الحياتية والمعرفة العالمية، فدروس «وطني» تعرّف الطالب بتاريخ بلاده، فيما العلوم تدمج التعلم الذاتي مع اختبار «TIMS» الدولي، أما اللغة العربية فانتقلت من نظام الحفظ لشرح المفهوم، وتحولت إلى نظام تدريسي يسعى إلى الفهم والتكرار عبر نصوص من شعراء كويتيين.

ويشهد التعليم في الكويت مرحلة مفصلية مع الإعلان عن الانتهاء من إعداد المناهج الدراسية الجديدة، المقرر تطبيقها ابتداء من العام الدراسي 2025/ 2026م، هذا التطوير يأتي استجابة لرؤية «كويت جديدة 2035»، والتزاماً بالإطار الوطني لمعايير المناهج الذي أعده قطاع المناهج والبحوث التربوية، ويهدف المشروع إلى بناء جيل يتمتع بمهارات القرن الحادي والعشرين، ويواكب التطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة، مع الحفاظ على الهوية الوطنية والقيم المجتمعية.

التزام بالإطار الوطني

اعتمدت التواجيه الفنية للمواد الدراسية على الإطار الوطني كمرجعية رئيسة لصياغة المناهج، بما يضمن انسجامها مع السياسات التعليمية للدولة ورؤية التنمية المستدامة، وقد خضعت بعض المناهج لتغييرات وصلت إلى 85%؛ ما يعكس تحولاً عميقاً في فلسفة التعليم، بعيداً عن الحفظ والتلقين، باتجاه التفكير النقدي، والإبداع، والابتكار.

المناهج الجديدة صممت وفق الإطار الوطني لمعايير المناهج الذي يدمج الهوية والقيم الوطنية والمهارات الحياتية والمعرفة العالمية

وركزت المناهج الجديدة على تنمية مهارات المتعلمين وفق احتياجاتهم المختلفة؛ من المتفوقين، والموهوبين، وأصحاب صعوبات التعلم، وذوي الاحتياجات الخاصة، بما يضمن شمولية المنظومة التعليمية.

تفاصيل المناهج بحسب المواد

- اللغة العربية: شهدت عودة «مع حمد قلم» لتدريس الصفوف الأولى، واعتمدت على التكرار لتعزيز الفهم، مع إدخال كراسة الخط، كما ركزت على الأناشيد والنصوص الشعرية لتعزيز الهوية الوطنية، مستعينة بنصوص شعراء كويتيين، أمثال فهد العسكر، ويعقوب السبيعي.

- اللغة الإنجليزية: اعتمدت على النظام الأوروبي المرجعي (CEFR)، وركزت على الطلاقة في المهارات الأربع (الاستماع، التحدث، القراءة، الكتابة)، كما اهتمت بربط التعليم بمواقف حياتية واقعية، وتشجيع التفكير النقدي وحب الاستطلاع، لتأهيل الطلبة لاجتياز الاختبارات الدولية مثل «IELTS» و«TOEFL».

- العلوم: جاءت المناهج العلمية متوافقة مع الاتجاهات العالمية، حيث أدرجت مفاهيم وأسئلة من الاختبارات الدولية مثل «تيمز»، و«بيلرز»، و«ميزة»، وركزت على التعلم الذاتي والتكامل مع مواد أخرى كالرياضيات والاجتماعيات.

- الاجتماعيات: بُنيت المناهج لتعزيز القيم الوطنية والتسلسل التاريخي لهوية الكويت، مع إدخال محتوى رقمي عبر «باركود» يتضمن فيديوهات تعليمية أعدها خبير الأرصاد عيسى رمضان، لشرح المناخ والطقس الكويتي.

فلسفة بناء المنهج الجديد

- تنمية مهارات التعلم والابتكار (التفكير الناقد، حل المشكلات، التواصل، التعاون).

- إدماج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الأنشطة التعليمية.

- الاهتمام بالقيم العليا مثل التسامح، والولاء للوطن، ونبذ العنف، وترسيخ الوسطية.

- تحقيق التوازن بين أبعاد المنهج الثلاثة: المعرفية، والوجدانية، والمهارية.

د. الحنيان: المناهج يجب أن تُركّز على تعليم ريادة الأعمال والتفكير المبدع لتخريج طلاب يمتلكون مهارات القرن الحادي والعشرين

مرجعيات التطوير

استندت عملية التطوير إلى عدة مرتكزات، أبرزها: الخطاب السامي لسمو الأمير، ودستور الكويت وقانون إلزامية التعليم، وأهداف التنمية المستدامة ورؤية «كويت 2035»، والخطة الإنمائية الثالثة وبرنامج عمل الحكومة 2022 - 2026م.

آليات التميز التعليمي

- تطوير مهارات المعلمين عبر التدريب وورش العمل.

- زيادة الأنشطة اللاصفية والتعلم العملي.

- تعزيز الشراكة بين المدرسة والأهل.

- مواءمة التعليم مع احتياجات سوق العمل.

- تحديث نظام التقييم ليشمل الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية.

التطلعات المستقبلية للمناهج

- إعداد طالب يمتلك مهارات الاستماع، والتحدث، والقراءة، والكتابة، ويستطيع المنافسة عالمياً.

- بناء رأس مال بشري نوعي يعزز القدرات الإنتاجية والمعرفية.

- تكامل التعليم مع التكنولوجيا الحديثة والصناعة.

- تعزيز الانتماء الوطني والاعتزاز بالهوية الثقافية.

التمكين الرقمي.. لبنة التعليم الحديث

حسب دراسة أكاديمية، فإن التمكين الرقمي لمعلمات التعليم المتوسط ضرورة لا ملاطفة فيها، ومعايير «رؤية 2035» تؤكد ذلك، للتحوّل يتطلب تأهيلاً للمعلمين، وتحديث البنية التحتية، ومحتوى رقمياً متكاملاً داخل الصفوف الدراسية.

المعلم.. الرأس في نظام المستقبل

أكد د. أحمد الحنيان، عميد كلية الدراسات التجارية، أن المناهج يجب أن تُركّز على تعليم ريادة الأعمال، والتفكير المبدع، والساعات العملية داخل الكليات، ليتم تخريج طلاب يمتلكون مهارات القرن الحادي والعشرين.

وأفاد بأن أبرز التحديات التي تواجه «رؤية الكويت 2035» الحاجة الملحة إلى المهارات والكفاءات العالية، وتغيير سياسات وأساليب التعليم والمناهج، وضرورة التركيز على التفكير الإبداعي في المناهج الدراسية والتكنولوجية، ومهارات التسويق الرقمي، مؤكداً ضرورة إصلاح نظام التعليم لإعداد الشباب بصورة أفضل ليكونوا أعضاء فاعلين يتمتعون بقدرات تنافسية وإنتاجية لقوة العمل الوطنية.

وأضاف أن رأس المال البشري يتطلب تغيير سياسات التعليم والتحول للتطبيق العملي واكتساب المهارات لدى المتعلمين، فضلاً عن التركيز على اقتصاد متنوع مستدام الذي يأتي من خلال رفع الإنتاج والصناعة ودعم المشاريع التكنولوجية والصناعية المبتكرة، مشدداً على ضرورة تطوير التعاون مع المؤسسات التعليمية المناظرة وقطاعات الأعمال الحكومية والخاصة، بما يحقق التنافسية المنشودة محلياً وإقليمياً، وتطوير إستراتيجيات التعليم وإضافة التكنولوجيا الحديثة للارتقاء بالعملية التعليمية.

البنى التحتية التعليمية.. أساس المستقبل

وضمن أهداف إستراتيجية التعليم، وضعت الوزارة خططاً لتعزيز البيئة التعليمية؛ من تنويع المسارات الثانوية، وإدماج ذوي الهمم، وبناء المدارس ذات جودة، وتحديث خرائط المدارس الجغرافية وربطها بنظام المعلومات الإداري.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة