الإباحية والمخدرات.. قرينان لا يفترقان!
رغم خطورة الإباحية وأثرها السلبي على
الفرد والمجتمع، فإنها ترتبط بداء آخر لا يقل خطورة عنها، بل ربما ينافسها في فتك
الجسد وتدمير العقل؛ إنه الإدمان وتعاطي المخدرات، هذه العلاقة التي شغلت كثيراً
من الباحثين حول العالم، لتؤكد النتائج أن درجة إدمان المواقع والأفلام الإباحية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمعدل تعاطي المخدرات، ومن ثم لا يواجه المجتمع مشكلة
واحدة، وإنما مصيبتان أقلهما خطورة أشد من أي داء آخر.
العلاقة بين الإباحية والمخدرات
توصلت العديد من الدراسات التي تم
إجراؤها حول الإباحية والمخدرات إلى وجود فروق دالة إحصائياً في درجة إدمان تصفح
المواقع الإباحية تبعاً لمعدل تعاطي المخدرات لصالح المتعاطين بصورة دائمة؛ أي أن
مدمني المخدرات هم أنفسهم مدمنو الإباحية، وكلما قلَّ التعاطي قلَّ التعرض
للإباحية، وكأن هذه العلاقة أشبه بالعلاقة بين مرض السكر والضغط، فإذا أصيب الشخص
بالأول، لا بد أن يصاب بالثاني، وكل يؤذي صاحبه.
وأكد متخصصون أن مدمني تصفح المواقع
والأفلام الإباحية هم أكثر عرضة لتعاطي المخدرات؛ أي لا يشترط أن يكون الشخص مدمناً
للمخدرات ليشاهد الإباحية، بل يمكن أن تكون العلاقة عكسية، حيث يبدأ بالإباحية
وينتقل إلى المخدرات، ولذا أوصى المتخصصون أن التعامل مع مدمني الإباحية لا بد أن
يتضمن أولًا التعامل مع المشكلات القائمة في حياتهم التي أدت إلى الإدمان للحد من
التعايش مع المشكلات المصاحبة كالقلق والاكتئاب وإدمان المخدرات والكحول.
الإباحية والمخدرات بين الذكور والإناث
حينما يتم التحدث عن الأفلام الإباحية
وتعاطي المخدرات تذهب العقول مباشرة إلى الشباب أو الذكور بشكل عام، إلا أن الواقع
يصدمنا بنتائج مغايرة تمامًا، مؤكدًا أن هذا الداء يصيب الإناث كما يصيب الذكور،
حيث توصلت بعض الدراسات إلى أن 57% من الإناث المصابات بإدمان تصفح المواقع
والأفلام الإباحية يعانون من تعاطي المواد الكيميائية المخدرة، بينما 74% من
الذكور المدمنين للإباحية يتعاطون المخدرات.
لماذا يلجأ مدمنو المخدرات إلى الإباحية؟
بعد تأكيد العلاقة بين إدمان المخدرات
والإباحية، لا بد من معرفة سبب لجوء مدمني المخدرات لمشاهدة الأفلام الإباحية،
وهذا ما سعى إليه أحد الباحثين حيث أثبت أن تعاطي المخدرات بشكل مستمر يؤدي إلى
وصول الشخص إلى مرحلة التعاطي القهري، ومن ثم ينتج عن ذلك رغبة في حصول المدمن على
قدر أكبر من المتعة من أجل الوصول إلى التهدئة وإحداث النشوة؛ الأمر الذي يترتب
عليه اللجوء إلى تكثيف الأنشطة التي من المعتقد أنها ستحقق النتيجة المرجوة، ومن
بين هذه الأنشطة تصفح الأفلام الإباحية.
لماذا يلجأ مدمنو الإباحية إلى المخدرات؟
أثبتت الدراسات أن مدمن الإباحية يتصف
ببرود تصرفاته، واللامبالاة بالآخرين، كما يكون غير قادر على إعطاء الحب أو قبوله،
وتنتشر في أوساطهم حالات البغاء والسرقة والشذوذ، إلى جانب عدم الثقة بالنفس
وتراكم العدوانية المدمرة لهم وللآخرين؛ الأمر الذي يدفعهم إلى تعاطي المخدرات
للتغلب على القهر الناجم عن تصفح المواقع الإباحية التي تستخدم في مداواة الذات ضد
مشاعر الغضب، وخيبة الأمل، والضجر، والقلق، والإجهاد، والشعور بالوحدة أو الحزن.
وهي ذات الأسباب التي تدفعهم لتعاطي
المخدرات، وهذا ما دفع المتخصصين والباحثين للقول: إن تعاطي المخدرات ينتج عن
سلوكيات جنسية خطيرة.
من هنا يتبين وجود علاقة مباشرة بين
الإباحية والمخدرات، بحيث إن الإصابة بأحدهما تجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة
بالآخر، فكلاهما يقوم على تحفيز مراكز المتعة في الدماغ بشكل مفرط؛ ما يؤدي إلى
ضعف السيطرة العصبية، وتبلّد الإحساس، والحاجة المستمرة لجرعات أقوى من الإثارة أو
النشوة.
انظر أيضًا:
______________________
دراسة: حليمة محمد إبراهيم، إدمان
تصفح المواقع الإباحية وتعاطى الطلاب الجامعيين للمخدرات، رسالة دكتوراة، جامعة أم
درمان الإسلامية، 2015.
تابعنا
