انسحاب الحريديم يضع ائتلاف نتنياهو على المحك.. هل تنهار الحكومة؟

سيف باكير

15 يوليو 2025

151

في تطور لافت تشهده الساحة السياسية الصهيونية، أعلن حزب «يهدوت هتوراه» انسحابه من الائتلاف الحكومي «الإسرائيلي»، في خطوة تهدد استقرار حكومة بنيامين نتنياهو، وتفتح الباب أمام احتمالات انهيارها أو الذهاب نحو انتخابات مبكرة.

جاء القرار على خلفية إخفاق الحكومة في إقرار قانون يُعفي طلاب المدارس الدينية (اليشيفوت) من الخدمة العسكرية، وهو ما اعتبره الحزب إخلالًا بالاتفاقات الائتلافية.

وقدم 6 من أعضاء الحزب الـ7 في الكنيست استقالاتهم، بعد أن سبقهم رئيس الحزب إسحاق غولدكنوبف بالاستقالة مطلع الشهر الماضي، ويُعد الحزب مزيجًا من فصيلي «ديغل هتوراه» و«أغودات يسرائيل»، الممثلين للتيار الحريدي (اليهود المتشددين).

هذا الانسحاب خفّض عدد مقاعد الائتلاف إلى 61 مقعدًا فقط من أصل 120؛ ما يجعله في وضع هش للغاية أمام أي تصويت حاسم في الكنيست.

هل تصوت الأحزاب الحريدية على حل «الكنيست» وإسقاط الائتلاف الصهيوني اليميني؟ |  Mugtama
هل تصوت الأحزاب الحريدية على حل «الكنيست» وإسقاط الائتلاف الصهيوني اليميني؟ | Mugtama
تعيش الساحة السياسية في دولة الكيان الصهيوني حالة من الترقب والقلق في ظل تصاعد الخلافات داخل الائتلاف الحاكم، خاصة بين مكوناته اليمينية والدينية، وفي قلب هذه التوترات تبرز الأحزاب الحريدية كطرف حاسم قد يقلب موازين القوى في الكنيست.
mugtama.com
×

وذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» أن مجلس حكماء التوراة في حزب «أغودات يسرائيل» أصدر، اليوم الثلاثاء، توجيهًا رسميًا لأعضاء الحزب بالانسحاب الفوري من الحكومة وتقديم استقالاتهم من جميع المناصب في الكنيست.

وجاء في الرسالة التي وجّهها سكرتير المجلس يعقوب وولزر أن قرار الانسحاب جاء على خلفية ما اعتبره المجلس تواطؤ الحكومة في اضطهاد عالم التوراة، وانتهاك التفاهمات السابقة، مضيفاً: في ظل عدم التزام الحكومة بوعودها المتكررة بتأمين وضع طلاب المدارس الدينية، وفي ضوء تقديم مشروع قانون لا يعكس موقف الحاخامات، فإن مجلس الحكماء يقرر إلزام ممثلي «أغودات يسرائيل» بالاستقالة الفورية من الائتلاف والحكومة والكنيست.

وفي سياق تنفيذ القرار، قدّم نائب وزير الثقافة يعقوب تيسلر استقالته رسميًا من منصبه، فيما ستدخل استقالة مئير بوروش، وزير شؤون القدس والتراث، حيز التنفيذ يوم الخميس المقبل.

وكان الحزب قد أعلن، مساء أمس، نيّته الانسحاب من الحكومة، مؤكدًا في بيان له أن مشروع قانون التجنيد المطروح لا يلبي تطلعات المرجعيات الدينية العليا في البلاد، وقد تقرر بناءً على ذلك مغادرة المناصب الائتلافية.

وجاء هذا التطور بعد أقل من ساعة واحدة من إعلان حزب «ديغل هتوراه» انسحابه بدوره من الحكومة، حيث دعا الحاخام لاندو، أحد أبرز مرجعيات الحزب، إلى إنهاء المشاركة في الائتلاف والاستقالة من كافة المناصب، احتجاجًا على عدم وفاء حزب الليكود بالتزامه المسبق بتمرير قانون إعفاء طلاب المدارس الدينية.

وأفاد موقع «واللا» العبري بأن انسحاب حزب «يهدوت هتوراه» من الائتلاف الحكومي أدخل النظام السياسي «الإسرائيلي» في مأزقٍ حقيقي، مرجّحًا أن تؤدي هذه الخطوة إلى انسحاب أحزاب أخرى، في حال فشل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في احتواء الأزمة.

وأشار الموقع إلى أن نتنياهو يسعى حاليًا لإيجاد حل مبتكر لأزمة الإعفاء من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية، في محاولة لتهدئة شركائه الحريديم، الذين بدؤوا فعليًا تنفيذ تهديداتهم، فقد أعلن حزب «يهدوت هتوراه» انسحابه رسميًا من الحكومة والائتلاف، عقب طرح مشروع قانون التجنيد الجديد، الذي لم يلبِّ مطالب المرجعيات الدينية.

بعد قرار التجنيد.. هل يشعل «الحريديم» حرباً داخلية في الكيان الصهيوني؟ |  Mugtama
بعد قرار التجنيد.. هل يشعل «الحريديم» حرباً داخلية في الكيان الصهيوني؟ | Mugtama
نجحت عملية «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر 2023م، في خ...
mugtama.com
×

صمت «شاس».. ومناورة سياسية محسوبة

في المقابل، يسود صمت لافت داخل حزب «شاس» (حريدي) رغم أنه كان من أكثر الأطراف تشددًا في التصريحات خلال الأيام التي سبقت الانسحاب، ورغم رسائل الحاخامات والتحذيرات العالية النبرة، لم ينضم زعيم الحزب أرييه درعي بعد إلى الخطوة التي اتخذها قادة «ديغل هتوراه» و«أغودات يسرائيل»، وعلى رأسهم غافني وبوروش وماكليف.

وبحسب تقديرات موقع «واللا»، فإن موقف درعي تحكمه اعتبارات سياسية وتكتيكية معقدة، تمنحه مساحة إضافية للمناورة، وتمنح نتنياهو فرصة أخيرة لتعديل المسار.

ويختلف نهج «شاس» عن الأحزاب الحريدية الأخرى، فقاعدته الانتخابية تضم شرائح تقليدية وأحيانًا علمانية، لا تؤيد بالضرورة إسقاط الحكومة بسبب قضية مثل التجنيد، كما أن الناخبين اليمينيين، الذين يشكلون العمود الفقري لكتلة نتنياهو، قد لا يتقبلون خطوة كهذه من «شاس».

مكاسب السلطة... وحسابات الانسحاب

يتمتع حزب «شاس» بثقل كبير في الحكومة الصهيونية، إذ يتولى 6 وزارات رئيسة، مقارنة بمناصب ثانوية يشغلها حزب «يهدوت هتوراه»، مثل نائب وزير أو رئيس لجنة، هذا الفارق يجعل درعي أكثر حذرًا في اتخاذ قرار بالاستقالة، لما له من تبعات سياسية وميدانية.

ويُرجح مراقبون أن هناك تفاهمًا غير معلن بين «شاس» و«يهدوت هتوراه» يقوم على الانسحاب المرحلي، لإبقاء الضغط قائمًا على نتنياهو، فبينما تنفذ «ديغل هتوراه» و«أغودات يسرائيل» خطوات الانسحاب أولًا، تحتفظ «شاس» بخيار الاستقالة كورقة أخيرة، تُستخدم عندما تصل الأزمة إلى ذروتها.

هذا السيناريو يمنح رئيس الوزراء فترة تكتيكية محدودة، لمراجعة القانون أو تقديم تسوية تُرضي الحريديم، وإذا لم ينجح في ذلك، قد يواجه انسحابًا ثانيًا قاتلًا من «شاس»، يُنهي فعليًا عمر الائتلاف.

وبحسب تقديرات سياسية، فإن درعي قد يُقرر موقفه النهائي نهاية هذا الأسبوع أو مطلع الأسبوع المقبل، مستغلًا الفترة المتبقية لصياغة نسخة معدلة من القانون، تُرضي الحاخامات دون أن تسقط الحكومة.

نقطة الانفجار

منذ شهور، تعيش حكومة نتنياهو أزمة متفاقمة بشأن مشروع قانون التجنيد، الذي يهدف لإنهاء الإعفاءات التقليدية الممنوحة لطلاب المدارس الدينية، والمستمرة منذ عقود، وكان قرار المحكمة العليا العام الماضي بإلزام وزارة الدفاع بتجنيدهم قد فجّر الخلاف داخل الائتلاف، وخصوصًا بين الليكود والأحزاب الحريدية.

ورغم انسحاب «يهدوت هتوراه»، لم يتضح حتى الآن ما إذا كان «شاس» سيلحق به، أم سيستمر في ممارسة دور «الوسيط المسؤول» كما يحرص درعي على تقديم نفسه.

ويرى مراقبون أن الحكومة ستدخل مرحلة تجميد فعلي بمجرد دخول الكنيست في عطلتها الصيفية من 27 يوليو وحتى نهاية أكتوبر؛ ما سيُصعّب من فرص حل الأزمة أو إسقاط الحكومة، حتى لو قدم نتنياهو تنازلات لاحقة.

خيار نتنياهو.. الوقت بدل الحل

ويختم «واللا» تقريره بالإشارة إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ربما يراهن على الوقت أكثر من الحلول، مستفيدًا من عطلة الكنيست المقبلة، التي تتيح له التحرّك دون معارضة برلمانية أو ضغوط داخلية مباشرة، ولو إلى حين.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة