انصروا غزة قبل فوات الأوان!

د. جاسم الشمري

23 سبتمبر 2025

53

منذ أكثر من 715 يوماً وقطاع غزة يعاني من حرب استمرار وتنامي جريمة الإبادة الجماعية «الإسرائيلية» الانتقامية، وأمام أنظار المجتمع الدولي.

والمذهل أن الخسائر البشرية في غزة لا يُمكن ضبطها لأنها ترتفع في كل دقيقة وليس في كل يوم، وقد خلّفت آلة الحرب الصهيونية على المدنيين، حتى اليوم، أكثر من 65 ألف شهيد، وأكثر من 166 ألف مصاب، غالبيتهم من النساء والأطفال، والحصار الاقتصادي الصهيوني قتل، حتى الساعة، 428 فلسطينياً بينهم 146 طفلاً!

ومَن يُتابع الهجوم البري «الإسرائيلي» الحالي على غزة والمستمر منذ منتصف سبتمبر 2025م، سيتأكد من حجم وقساوة الحقد الصهيوني الأسود ضد الإنسان الفلسطيني عموما، والغزّي خصوصاً!

إن هذا الهجوم المكثف والعميق على غزة، وعمليات تدمير المنازل والأبراج، واقتحام الدبابات المدعومة بالطائرات المدفعية، والتهجير الإجباري لأدلة قاطعة على أن «إسرائيل» قررت محو غزة، وتنفيذ سياسة الإخلاء لسكانها وتهجيرهم، ليس إلى داخل الأراضي المحتلة، بل، ربما، إلى دول أخرى لم تحدد بعد.

وهذا الهجوم الكاسح رافقه إغلاق المعابر الحدودية وتجفيف منابع الإمدادات الإنسانية وخصوصاً معبر «زيكيم» المعبر الوحيد المغذي لشمال غزة، حيث يتواجد غالبية الغزّيين؛ ما تسبب بتفاقم الأزمة الإنسانية وفقدان الغذاء والماء والدواء في القطاع.

ومن يتابع الصور المباشرة من غزة سيقف حائراً أمام حجم الدمار والخراب والقتل والنزوح والتهجير وضياع الإنسانية في زمن يَدّعي أهله أنهم يعيشون في عصر التقدم العلمي والفكري والحضاري!

التهجير الحالي في غزة صورة بشعة من صور انهيار المنظومة الأخلاقية والقانونية الدولية، وليس «الإسرائيلية» فقط، وإلا هل يمكن القبول بهذا الكم الهائل من القتل والتدمير وأمام أنظار العالم، وكأن «إسرائيل» تسارع الزمن لمحو غزة من خارطة الشرق الأوسط؟!

لم يعد هنالك أي مكان آمن في غزة، ولم يعد للكلمات أي قيمة في وصف المشاهد الإجرامية نتيجة لشلل الضمير الدولي، وكأن ما يجري جرى التوافق عليه بين بعض الدول، والحجة تخليص بضع عشرات من الأسرى الصهاينة ولو بقتل أكثر من مليون و800 ألف إنسان في غزة، فهل يعقل هذا؟!

غزة اليوم سحقت فيها كافة مظاهر الحياة، فهي بلا أمان، وبلا ماء، ولا كهرباء ولا أي بنى تحتية، وحتى المستشفيات ودور العبادة الإسلامية والمسيحية صارت من ضمن بنك الأهداف لجيش «إسرائيل».

هذه التطورات الميدانية والحصار الاقتصادي المدروس تسبب بإعلان المجاعة في القطاع، خاصة في مدينة غزة والمناطق المحاذية لها.

وقالت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة، يوم 16 سبتمبر: إن «إسرائيل» ارتكبت «إبادة جماعية» بحق الفلسطينيين في غزة، وخلص تقريرها إلى أن السلطات «الإسرائيلية» وقوات أمنها «ارتكبت أربعة من أفعال الإبادة الجماعية الخمسة» التي حددتها «اتـفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها» لعام 1948م، ومنها: «القتل، وإلحاق أذى جسدي أو عقلي خطير، وفرض ظروف معيشية متعمدة يراد بها تدمير الفلسطينيين كلياً أو جزئياً».

مجازر غزة ومذابحها قوبلت ببعض ردود الفعل الدولية الخجولة، ومنها تحذيرات الأمم المتحدة وبعض المؤسسات الإنسانية من أن أوضاع القطاع تفوق التصور خصوصاً مع احتمال انفلات أكبر للأزمة الإنسانية.

وطالبت بعض الهيئات الدولية بوقف فوري للهجمات «الإسرائيلية»، ووصفت أوضاع غزة بأنه «يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية»، ومع ذلك فقادة «إسرائيل» لا يسمعون ولا يغيرون أهدافهم!

فأين دول العالم الحرّ من هذه الجرائم المنافية لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية؟!

وحتى نثبت أن «إسرائيل» تريد كامل قطاع غزة، ننقل ما قاله بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية «الإسرائيلي»، الأربعاء 17 سبتمبر، بأنه بدأ التفاوض مع الولايات المتحدة بشأن تقاسم أراضي قطاع غزة، وأن الخطة مطروحة حالياً على مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، وأنهم يدرسون كيف يُصبح هذا المشروع غنيمة عقارية!

وبحيرة قاتلة نتساءل: هل زعماء «إسرائيل» فوق القانون، أم أن القوة هي التي تفرض كلمتها في الشرق الأوسط؟!

وبهذا، فإن الدول العربية والإسلامية عليها واجب التلاحم والتكاتف والعمل على إنقاذ غزة قبل فوات الأوان؛ لأن المخطط لن يتوقف حتى لو احتلت «إسرائيل» كافة الأراضي الفلسطينية، فحُلمها المعروف هو «من النيل إلى الفرات»!

فمَنْ سيوقف الزحف الصهيوني نحو تحطيم دول المنطقة واحدة تلو الأخرى؟


كلمات دلالية

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة