محاولات اغتيال رموز الحركة الأسيرة.. تعذيب ممنهج وظروف قاسية داخل سجون الاحتلال

منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة، زجت قوات الاحتلال قادة ورموز
الحركة الفلسطينية الأسيرة بالعزل الانفرادي، وبدأت بالاعتداء عليهم بشكل وحشي،
ضمن مخطط صهيوني بشع لاغتيالهم وتصفيتهم داخل الزنازين، فقد ارتكبت بحقهم انتهاكات
كثيرة مروعة؛ ما أدى إلى معاناتهم صحيًا معاناة كبيرة؛ لإصابتهم بمضاعفات جسدية
ونفسية قد تؤدي إلى استشهادهم في أي لحظة.
الأسير حسن سلامة واحد من الأسرى الذين زج بهم المحتل العنجهي الغاشم بعزل مجدو، في ظل ظروف لا تصلح للعيش الآدمي، ففي أي وقت ينهال عليه السجانون بضربه عشرات المرات يوميًا، كما يتعرض لتفتيش مستمر.
إهمال طبي متعمد
وفي حوار مع غفران زامل، خطيبة الأسير حسن سلامة، تقول لـ«المجتمع»: يعاني
حسن الآن من أوجاع في أسنانه وسقطت بعضها نتيجة الإهمال الطبي وسوء التغذية، ولم
تقدم له إدارة السجن أي مسكّن يخفف ألمه إذ يعاني من وجع متواصل في الرأس، كما أنه
يعاني من ضعف النظر، وترفض الإدارة توفير نظارة له.
ظروف صعبة وقاسية يعيشها سلامة بحسب زامل، حيث يسمح له الاحتلال بزيارات
قليلة في سجن مجدو في ظل شروط صعبة للغاية، حيث يحيطه الضباط المقنعون طوال الوقت،
ويرفضون فك قيود يديه؛ ما يجعله يمسك الهاتف الذي يتحدث به خلال الزيارة بصعوبة
كبيرة.
تقول زامل: وضع حسن في سجن مجدو بعد شهر من بدء حرب الإبادة الجماعية، الذي يقع في منطقة مرج بن عامر قضاء حيفا شمال فلسطين المحتلة، وخصصته قوات الاحتلال «الإسرائيلي» للأسرى الفلسطينيين مع بدء الانتفاضة الأولى عام 1987م، مؤكدة أنه منذ ذلك الوقت يعيش في حالة انقطاع تام، ومنعه من الزيارة أكثر من 6 شهور منذ عزله، كما يهددونه في كل مقابلة مع رجال الاستخبارات أنهم لن يفرجوا عنه، وأنه سيمكث في السجن طويلًا.
محاولة إضعاف معنويات الأسرى
لم يكتف المحتل الغاصب بقهره داخل سجنه وعزله وتعذيبه، فقد هدمت قوات
الاحتلال منزله في خان يونس، واستشهد 3 من إخوته، وتوفيت والدته بعد عمر كامل من
انتظار تحريره، فهذا انتهاك يحاول الاحتلال فيه إضعاف معنويات الأسرى وكسر عزيمتهم
وصمودهم.
سلامة أحد أبرز قادة «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وُلد في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة، واعتقلته قوات الاحتلال من مدينة الخليل عام 1996م، وحُكم بالسجن 48 مؤبدًا و30 عامًا، أمضى منها 13 سنة في العزل الانفرادي.
انتهاك صحي صارخ
الأسير القائد عبدالله البرغوثي أيضًا من الأسرى الذين يضعهم الاحتلال في
دائرة الاستهداف، تقول ابنته تالا لـ«المجتمع»: نتيجة لتعرضه للتعذيب الشديد، دخل
أبي في غيبوبة متكررة؛ ما أدى إلى تغطية جسده بالبقع الزرقاء، وتكوّن كتل دم في
رأسه، وانتفاخ في عينيه، وكسور في أضلاعه، وفقدانه القدرة على النوم.
أوضاع قاسية يعيشها البرغوثي، وهو المحكوم عليه بالسجن المؤبد 67 مرة
بالإضافة إلى 5200 عام كأعلى حكم في التاريخ، وذلك بعد اعتقاله عام 2003م واتهامه
بالمسؤولية عن مقتل 67 «إسرائيليًا».
وفي مخطط واضح لاغتياله ضمن هجمة مسعورة ومروعة يطلق عليه الجنود الكلاب
البوليسية لتنهش جسد البرغوثي، تضيف تالا: يسكب الجنود الصابون السائل على جروحهم
بعد تعرضهم للضرب المبرح، ويركزون الضرب على منطقة الرأس.
ووصف ناهد الفاخوري، مسؤول الإعلام في مكتب الشهداء والأسرى، أوضاع الأسرى
بالكارثية، حيث يتعمد الاحتلال إذلالهم والانتقام منهم، وتذكيرهم بأعمالهم الجهادية
التي اعتقلوا على إثرها، عدا عن أن السجانين يتعاملون معهم بطريقة وحشية.
اغتيال ممنهج
ويرى الفاخوري أن الاعتداء جاء في الوقت الذي يتوقع فيه إطلاق سراحهم لدى
استكمال المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى؛ ما يزيد
احتمالات محاولات اغتيالهم حتى لا يتم الإفراج عنهم، كما أكد أن هذا الاعتداء
الممنهج على الأسرى يأتي بتوجيهات من الوزير الصهيوني المتطرف إيتمار بن غفير
وإدارة السجون، كما يحذر الفاخوري من ارتقاء عدد من رموز الحركة الأسيرة لأن
حياتهم بخطر نتيجة التعذيب الصارخ.
فالمعلومات عن الحالات الخطيرة للأسرى القادة كحسن سلامة، ومعمر شحرور،
وعباس السيد، تؤكد أن الهدف الرئيس هو اغتيالهم بشكل ممنهج، ويشير الفاخوري إلى
أنه يتم محاولة تصفيتهم جسديًا ومعنويًا، حيث يمارس بحقهم أبشع التعذيب والتجويع
والإهمال الطبي.
وفي جريمة أخرى ارتكبها الاحتلال بحق الأسير مروان البرغوثي بتعرضه للتعذيب
القاسي، تمكن المحامي الذي زاره في سجن مجدو من نقلها، حيث تركز الضرب على الرأس
والأذنين، والأضلاع، والأطراف؛ ما أدى إلى حدوث نزيف في الأذن اليمنى، وجرح بذراعه
اليمنى، وأوجاع شديدة في أنحاء جسده كافة، لا سيما الأضلاع، والصدر، والظهر،
وتفاقم أثر الجرح لاحقًا بخروج القيح منه، وبإصابته بالتهابات حادة في الأذن،
وصعوبة في الحركة، وما زاد من حالته الصحية أن إدارة السجن رفضت تقديم العلاج له.
ونقلت إدارة مصلحة السجون البرغوثي من سجن عوفر إلى عزل سجن أيالون- الرملة،
ثم إلى عزل أهليكدار، ونقلته مرة أخرى إلى عزل الرملة، ثم جرى نقله إلى عزل سجن مجدو
حيث يعذبونه داخل زنازينه، فهو تعرض لعدة عمليات نقل منذ اعتقاله عام 2002م، وحكم
عليه بالسّجن المؤبد 5 مرات و40 عاماً، أما حين بدأت حرب الإبادة فقد اشتد التعذيب
ونقل وعزل عدة مرات.
كما أشار الفاخوري إلى أن ما يتعرض له الأسرى داخل سجون الاحتلال هو وجه
آخر لحرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال منذ أكثر من عام ونصف عام، فقد ارتقى
عشرات الأسرى داخل السجون أعلن عن هويات 50 فقط.
ختم الفاخوري حديثه بتحميل الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن حياة
القادة والرموز داخل السجون، داعيًا المؤسسات الدولية، وكل من له علاقة بحقوق
الإنسان، إلى التحرك العاجل والفوري لإنقاذ حياة القادة والرموز.