رأي «المجتمع»
تجويع غزة.. وصمت المسلمين!

يحظر القانون الدولي الإنساني تجويع السكان
المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب، ولا يجوز للطرف الذي يفرض الحصار أن يعمد إلى حرمان
المدنيين من الإمدادات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة.
وتمنع أحكام الشريعة الإسلامية، بشكل قاطع،
المساس بغير المقاتلين (المدنيين) والممارسات التي تفضي إلى تعرضهم للموت؛ لذا كان
التجويع المتعمد من الممارسات غير المشروعة في الإسلام.
تقف غزة –هذا الجرح النازف في خاصرة الأمة–
عنواناً مؤلماً لواقع لا يرحم، وفضيحة أخلاقية وإنسانية تتكرر كل يوم، فلم يكتفِ العدو
الصهيوني بما ألحقه بالقطاع من دمار شامل، وإبادة جماعية، بل أضاف إلى ذلك سلاحاً جباناً
آخر هو التجويع.
نعم، التجويع سياسة ممنهجة تستهدف كسر إرادة
شعب بأكمله، عبر خنق سبل الحياة، ومنع وصول الغذاء والدواء، وقصف المخازن، وإغلاق المعابر،
وتدمير الأراضي الزراعية والمنشآت الصحية، في ظل صمت إسلامي وعربي وتواطؤ دولي.
أكثر من مليوني إنسان يُعاقَبون على خيارهم
في الصمود، ويُتركون للموت البطيء؛ يقول تعالى: (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي
الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (المائدة: 32)، وقال النبي
صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم» (رواه البخاري)..
أليست غزة جارة في الدين؟ أليست بيننا رابطة العقيدة والدم؟ أين فقه النصرة؟ أين مقاصد
الشريعة في حفظ النفس والكرامة؟! هل أصبحت هذه القيم حبراً على ورق؟
إن هذه الجريمة لا تقتصر على الاحتلال وحده،
بل يمتد وزرها إلى كل من صمت، وتواطأ، أو تقاعس عن أداء واجبه، فالمسؤولية اليوم فرض
عين على الأمة كلها؛ حكاماً، وشعوباً، وعلماء، وإعلاميين، ومؤسسات.
غزة اليوم لا تطلب عواطف ولا خطابات، بل تطلب
دعاءً صادقاً في الأسحار، ودعماً فعلياً بالإغاثة والمساعدات، ومواقف سياسية وإعلامية
تحرج المحتل وتفضح جريمته، وتوعية مستمرة لأجيالنا بعدالة هذه القضية ومركزيتها في
وجدان الأمة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»
(رواه الطبراني).
غزة لا تجوع وحدها، بل تجوع معها نخوتنا وكرامتنا
وواجباتنا الشرعية.. غزة تستغيث.. أفلا نجيب؟!