إبداع العالم يدعم فلسطين
«تحيا فلسطين».. أغنية سويدية وضعت القضية في قلب الحدث عالميًّا
فلسطين في ضمير الإبداع العالمي
لم يكن 7 أكتوبر
2023م يومًا عابرًا في حياتنا، فقد امتلك من أدوات الحضور والتأثير ما حوّله إلى
يوم فارق، ليس فقط بسبب ما جرى فيه من إثخان غير مسبوق في جسد الكيان الغاصب، ولا
ما سال بعده من الدماء الزكية من أصحاب الحق أبناء الأرض في فلسطين الحبيبة، ولكن
أيضًا بسبب ما ترتب عليه من تغيّر ملموس في نظرة العالم لقضيتنا العادلة، وبناء
جدار شاهق من القوة الناعمة الداعمة لحق الفلسطينيين بقدر ما كسره من صورة الضحية
التي كان المحتل يقدمها عن نفسه للعالم.
في هذه السلسلة،
نحاول استعراض أهم تجليات الدعم الفني والأدبي لغزة وأهلها بصفة خاصة، وللقضية
الفلسطينية بوجه عام، الذي تسببت فيه معركة «طوفان الأقصى»، ويعكس التغيرات
الجذرية في وعي العالم بهذه القضية، ومعها الأمل المتعاظم في حصول أصحابها على
حقوقهم المشروعة كاملة.
ليفا باليستينا
بعد التغيّرات
الجذرية التي طرأت على الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية والصراع العربي
«الإسرائيلي» مؤخرًا، كان الفن في مقدمة الصفوف الداعمة للحق الفلسطيني، وحققت
الإبداعات التي تناولت القضية رواجًا هائلًا، سواء على شاشات الإعلام العالمي، أو
منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصًا في أوساط شباب الجيل الحالي الذين يسميهم بعض
المحللين «G Z».
كان من أهم
التجليات الإبداعية الرائجة خلال السنوات الأخيرة أغنية باللغة السويدية بعنوان «Leve Palastina» (تحيا فلسطين)، التي حققت عشرات الملايين من المشاهدات على منصات
التواصل الاجتماعي، وأعيد توزيعها بلغات عديدة، كما أصدرت اختيارات المتظاهرين
الذين خرجوا بالآلاف في كل أنحاء العالم، وبصفة خاصة في أوروبا.
قصة الأغنية
ولأغنية «تحيا
فلسطين» قصة طويلة تسبق «طوفان الأقصى» بسنين طويلة، ولكن التعاطف الإنساني الواسع
مع غزة والرفض العالمي لجرائم الإبادة التي تعرض لها أهلها، أعاد هذه الأغنية إلى
الصدارة، فكان بمثابة الإحياء لها؛ لتحقق في عامين فقط أضعاف أضعاف ما حققته عبر
تاريخها الطويل من الانتشار والرواج.
الأغنية يرجع
تاريخ إبداعها إلى سبعينيات القرن العشرين، حين أسس السويدي فلسطيني الأصل جورج
توتري فرقة موسيقية باسم «الكوفية»، أنتجت أربعة ألبومات غنائية كان من بينها
أغنية «تحيا فلسطين»، وتجولت الفرقة في العالم محاولة تعريف مجتمعاته بالقضية
الفلسطينية باستخدام هذه الأغنية الحماسية وغيرها.
من اليسار إلى كافة الأرجاء
ومضت سنون طويلة
والأغنية معروفة في أوساط فلسطينيي الداخل وعرب المهجر، ولكن انتشارها ظل محدودًا
حتى جاء عام 2015م؛ حيث عادت الأغنية إلى الواجهة مع موجة تظاهرات أوروبية داعمة
لفلسطين في ذلك العام؛ حيث استفادت كثيرًا من تلك الموجة وحققت رواجًا أوسع،
وخصوصًا على موقع «يوتيوب»، وهو الرواج الذي جعلها حاضرة مع كل جريمة يرتكبها
الاحتلال بأي بقعة في فلسطين خلال السنوات التالية، وخصوصًا من جانب اليسار الأوروبي،
سواء في السويد نفسها منشأ الأغنية أو في غيرها من الدول.
الانفجار الأكبر
أما الانفجار
الأكبر لأغنية «تحيا فلسطين»، فقد جاء عقب «طوفان الأقصى»، مستفيدًا من حالة
التعاطف مع القضية الذي اجتاح العالم؛ لتحقق رواجًا هائلًا، ولا سيما على منصة «تيك
توك» (tiktok) التي شاهدها من خلالها عشرات الملايين حول
العالم.
تقول كلمات
الأغنية:
تحيا فلسطين
وتسقط الصهيونية
تحيا تحيا تحيا
فلسطين
نحن زرعنا الأرض
ونحن حصدنا
القمح
ونحن قطفنا
الليمون
وعصرنا الزيتون
وكل العالم يعرف
أرضنا
ونحن رمينا
الحجارة
على الجنود
والشرطة
ونحن أطلقنا
الصواريخ
على أعدائنا
وكل العالم يعرف
عن كفاحنا
وسوف نحرر أرضنا
من الإمبريالية
وسوف نعمر
بلادنا
نحو الاشتراكية
العالم بأجمعه
سيشهد ذلك
تحيا تحيا تحيا
فلسطين
تحيا فلسطين
وتسقط الصهيونية
تظاهرة إنسانية في هيئة لحن
أما اللحن الذي
اختاره مبدعو الأغنية فقد جاء حماسيًّا ملحميَّ الروح سريع الإيقاع، وهي سمات
جعلته يحصد إعجاب الملايين من مختلف الفئات العمرية ومن شتى الخلفيات الثقافية في
كل أنحاء العالم، كما أن الكلمات البسيطة المعبرة سهلت كسر حواجز اللغة بين
الأغنية ومستمعيها في كل مكان غنيت فيه، فضلًا عن روحها الإنسانية التي جعلتها على
رأس تفضيلات المتظاهرين في كثير من الفعاليات التي أقيمت لنصرة القضية الفلسطينية
ورفض جرائم الاحتلال.
بتلك السمات
الإنسانية المدعومة بالتعاطف، المنطلقة من امتلاك الحق، الممتلئة بالفن المدهش،
استطاعت أغنية كُتبت وغنيت للمرة الأولى في السبعينيات أن تكون المتحدث الرسمي
باسم القضية، والمُدافع الفني الأبرز عن أطفالنا ضد طائرات العدو ودباباته ومدافعه
وطلقات رصاصه التي لا تنفد، وتؤكد أن القوة الناعمة قد تكون، إذا أحسن استخدامها،
أقوى من أسلحة المعتدين، وأبلغ من خطب المناضلين السياسيين، وأجدى من مهارة
الجالسين على مائدة التفاوض.
اقرأ أيضاً: