تخبطات نتنياهو!

لا أحد يَعرف بالضبط ما الذي يُريده رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، وخصوصًا في مرحلة وقف إطلاق النار الحالية مع المقاومة الفلسطينية.

وهذا الرأي ليس رأياً شخصياً، بل هو استنتاج قائم على قراءة مواقف نتنياهو وقراراته المتناقضة، بل وفقدانه لتوازنه السياسي والحزبي والميداني العسكري.

ضربة الطوفان

لقد كانت ضربة «طوفان الأقصى» النقطة التي أظهرت تخبطات نتنياهو الجنونية في التعامل مع الفلسطينيين ليس في غزة وحسب، بل في غالبية مدن الضفة الغربية.

وقد برزت أحقاد نتنياهو عبر مئات المجازر التي ارتكبها في غزة وقتله لأكثر من 50 ألف غزّي، وتدميره شبه التام للقطاع وكأنّه وَجَد من «الطوفان» الحجّة الأقوى للتنفيس عن أحقاده ومخطّطاته التوسعيّة.

وبعد جهود دولية وإقليمية، رضخت حكومة نتنياهو لوقف إطلاق النار وللبدء بعملية تبادل الأسرى، ولكن، ومنذ شهر ونصف شهر تقريباً، وبعد أن سارت الأيام الأولى للاتّفاق بسلاسة تامّة، بدأت تظهر تباعاً المحاولات والحجج «الإسرائيلية» لعرقلة الاتّفاق.

وبحسب التوقيتات المتّفق عليها خلال المفاوضات بين المقاومة الفلسطينية و«إسرائيل»، يفترض أن تبدأ المرحلة الثانية من اتّفاق وقف إطلاق النار بداية فبراير 2025م، إلا أن نتنياهو، ووفقاً لمصادر «إسرائيلية»، حاول توسعة المرحلة الأولى، وعدم المضي للمرحلة الثانية، وخصوصاً بعد قراره بإرجاء الإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى الفلسطينيين، 600 أسير، من المرحلة الأولى بحجّة الانتهاكات المتكرّرة من جانب حركة «حماس»، لكنه اضطر الخميس الماضي للموافقة وإتمام المرحلة الأولى من الاتّفاق.

والمذهل أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية نقلت، في 24 فبراير 2025م، عن مصدر «إسرائيلي» قوله: إن «إسرائيل» أبلغت الوسطاء استعدادها للإفراج عن دفعة الأسرى الفلسطينيين المجمّدة إذا سلمت «حماس» جثامين الرهائن الأربعة من دون أيّ مراسم.

وقد وصف المصدر المراسم بمراسم الإذلال والمساس بالكرامة الوطنية.. وهذا تصريح بالهزيمة النفسية لحكومة نتنياهو وجيشه.

دعم ترمب

والواضح أن نتنياهو استند في خرقه للاتّفاق إلى دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ولكن يبدو أن الحصول على الدعم الأمريكي صعب جداً، خصوصاً بعد الرفض العربي الواضح لمخطّطات السيطرة الأمريكية على القطاع، ولهذا تمّت المرحلة الأولى.

ومقابل الخروقات «الإسرائيلية» للاتّفاق، كان موقف «حماس» ثابتاً، وبأنها لن تنفّذ المرحلة الثانية دون تسليم بقيّة الأسرى الفلسطينيين ضمن المرحلة الأولى، خصوصاً بعد أن سلمت المقاومة المحتجزين «الإسرائيليين» الستّة لديها، وأنها مستعدة لمواجهة تهديدات نتنياهو بالعودة للمواجهات العسكرية، ومن هنا كان التراجع «الإسرائيلي» والأمريكي وتَمّت المرحلة الأولى.

فهل ستجهض أحقاد نتنياهو اتّفاق وقف إطلاق النار كاملاً؟ وهل يريد، وبدعم أمريكي خفي، سحق ما تبقّى من غزة وتنفيذ سياسة التهجير التي تحدّث عنها ترمب صراحة؟

فشل الحملة العسكرية

إن كراهية نتنياهو للفلسطينيين وطمعه في أراضي القطاع جعله يحاول التملّص من تنفيذ المرحلة الثانية من الاتّفاق، كونها تتضمّن انسحاب الجيش «الإسرائيلي» كليّا من غزة، وتنفيذ الجانب الإنساني من الاتّفاق، وترتيب مرحلة إعادة إعمار غزة، وهذه جميعها مؤشّرات على الهزيمة الصهيونية.

والأهم من ذلك أن الانسحاب يعني فشل الحملة العسكرية «الإسرائيلية» التي استمرّت لأكثر من 15 شهراً في تحقيق أهدافها، وأبرزها القضاء على «حماس».

فهل هُزِمَت «حماس» التي تتفاوض معها «إسرائيل» اليوم، التي تدير عمليّة التفاوض بمهنيّة عالية، وعلى أدقّ التفاصيل، وبروح المقاوم الصلب العنيد؟

المتابع للملفّ الفلسطيني سيُلاحظ أن حكومة نتنياهو خرقت اتّفاق وقف إطلاق النار عشرات المرّات يوميّاً، ولكنّ الحنكة الميدانية لرجال المقاومة أفشلت محاولات «تلّ أبيت» لإجهاض الاتّفاق.

وحالياً، يسعى نتنياهو جاهداً لإرضاء حلفائه في الحكومة، وبالذات الجماعة الصهيونية الدينية المتطرّفة، وكذلك الحفاظ على كرامة حكومته، ولكن نرى أن جميع المعطيات تؤكّد أن نهايته قاب قوسين أو أدنى.

نعتقد أن نهاية المفاوضات ستتزامن مع نهاية نتنياهو، وأن المقاومة مثلما أفشلت مشروع احتلال القطاع ستنهي حكومة نتنياهو، الذي سيُجْبَر على تنفيذ المرحلة الثانية من الاتّفاق ولو بعد حين.





__________________

@dr_jasemj67


كلمات دلاليه

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة