تكافل غزة رغم قلة ما في اليد
استشهد نجلها
الأول والثاني معاً، أما نجلها الثالث الذي استشهد فكان آخر أبنائها من الذكور،
ولم يمض وقت طويل حيث استشهد حفيدها الأكبر، وسبق ذلك استشهاد زوج حفيدتها.
الأمر كان كبيراً
على قلبها، فكل من تبقى أرامل وأيتام بحاجة لكثير من الاهتمام والرعاية فما زالوا
صغاراً.
قصف المنزل
وما إن توقفت
الصواريخ ركضت رغم تعبها ومرضها ووجع الفقد إلى منطقتها تصعد الركام وتسير على
الحجارة في محاولة الوصول إلى منزلها، لتضم في أحشائه أيتام أبنائها، وتشتم رائحة
ذكريات أنجالها الشهداء.
لم تجد البيت، وكل
ما وجدته عبارة عن ركام فلم يعد له وجود ومن المحال استصلاح شيء للسكن فيه.
أخذت تبكي بكاء
الوجع والحيرة في أمرها أين تذهب؟! فالحمل ثقيل عليها ما بين أيتام وأرامل وقلة ما
في اليد.
هذه الحيرة
اشتعلت بمئات الأمهات أمثالها والسؤال: أين نسكن؟!
الوضع صعب
قلة ما في اليد
جعلت الكثير عاجزاً عن احتضانها مع من تبقى من عائلتها، ورغم قلة ما في اليد لكن
التكافل كان حاضراً، وبدايته توفير سكن، وإن كان بحاجة لبعض التصليحات، وهنالك من
قدم فُرُشاً، والبعض قدم أغطية، وسجاداً، وأدوات مطبخ، وشيء فشيء حتى أصبح لها
مسكن تستطيع أن تحتضن بداخله أيتامها وأمهاتهم.
في غزة، رغم
تواصل المعاناة وارتفاع نسبة الفقر بعد حرب دامت عامين أفقدت أهالي غزة أبناءهم
وأموالهم وبيوتهم، فإن فهم دينهم وحبهم لتطبيق أحكامه في قوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَىٰ) (المائدة: 2) كان أكثر عمقاً من قلة ما في اليد.