تهويد «الأقصى» يتسارع.. طقوس توراتية ورفع للأعلام داخل باحاته بمباركة رسمية

سيف باكير

26 مايو 2025

143

في تصعيد غير مسبوق، اقتحم مئات المستوطنين الصهاينة، صباح اليوم الإثنين 26 مايو 2025م، باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، وذلك تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال «الإسرائيلي»، في إطار إحياء ما يسمى بـ«يوم توحيد القدس»، وهو الاسم الذي يطلقه الاحتلال على الذكرى السنوية لاحتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس عام 1967م.

اقتحام منظم ومشاركة رسمية

الاقتحام، الذي وُصف بأنه الأخطر منذ سنوات، تم بشكل منظم وبوتيرة مكثفة، وبلغ عدد المقتحمين حتى الساعة الواحدة ظهرًا أكثر من 1427 مستوطنًا بحسب ما أكده د. عبدالله معروف، أستاذ دراسات بيت المقدس، مشيرًا إلى استمرار الاقتحامات حتى الساعة الثالثة عصرًا.

وأوضح معروف، في منشور له عبر صفحته على «فيسبوك»، أن شرطة الاحتلال عمدت إلى تنظيم دخول المستوطنين على شكل أفواج كل 10 دقائق، مع السماح بوجود 6 مجموعات متزامنة داخل المسجد؛ ما يعني مضاعفة عدد المتواجدين في وقت قصير.


اقتحام غير مسبوق للمسجد الأقصى بقيادة وزراء وأعضاء كنيست

الاقتحام لم يقتصر هذه المرة على متطرفي «منظمات الهيكل»، بل شهد مشاركة علنية من قبل عدد من كبار المسؤولين في الحكومة الصهيونية، في مقدمتهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، المعروف بخطابه العنصري ودعواته لتهويد «الأقصى»، إلى جانب وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، وعضو الكنيست المتطرف عاميت هاليفي، الذي تولى بنفسه قيادة الطقوس التلمودية داخل المسجد، في رسالة واضحة لتكريس واقع التقسيم المكاني والزماني للمسجد.

«ساحة أعلام» وسجود داخل «الأقصى»

وفي تطور خطير، أكد معروف أن المستوطنين لم يكتفوا هذه المرة بأداء الطقوس الدينية داخل «الأقصى»، بل قاموا برفع علم الاحتلال داخل باحاته، في سابقة تُعد اختراقًا صارخًا لقدسية المكان، وتحويلًا للمسجد المبارك إلى ما يشبه «ساحة أعلام» صهيونية.

ورافق ذلك أداء طقس السجود الملحمي، وهو شكل من أشكال الطقوس التوراتية التي يحرص المستوطنون على فرضها داخل «الأقصى»، وقد تم أداؤه هذه المرة في أكثر من موقع داخل المسجد، متجاوزًا الساحة الشرقية المعتادة ليشمل الجهة الغربية المقابلة لقبة الصخرة المشرفة.

هل بدأت المعركة الأخيرة للسيطرة على المسجد الأقصى؟ |  Mugtama
هل بدأت المعركة الأخيرة للسيطرة على المسجد الأقصى؟ | Mugtama
لم يكن بإمكان أي وسيلة إعلامية تجاهل الأعداد المهو...
mugtama.com
×

طقوس تلمودية ولفائف توراة

الباحث المقدسي زياد أبحيص قال: إن مشاهد الاقتحام هذه المرة حملت أبعادًا رمزية خطيرة، حيث شوهد المستوطنون وهم يرقصون وينشدون تراتيلهم بصوت عالٍ، حاملين معهم لفائف التوراة، ويرتدون شالات الصلاة واللفائف السوداء التقليدية، أمام باب المغاربة الذي يُعد مدخلهم الرئيس إلى المسجد.

وأوضح أبحيص أن منظمات «الهيكل» تعمل منذ سنوات على إدخال الرموز الدينية التوراتية إلى المسجد الأقصى بشكل تدريجي ومدروس، فقد نجحت سابقًا في إدخال كتب الأدعية اليهودية (السيدور)، وشالات الصلاة، والبوق (الشوفار)، وملابس الكفارة، والقرابين النباتية.

أما اليوم، فقد بدأت محاولات أكثر جرأة لإدخال أدوات ذات طابع شعائري قوي مثل لفائف التوراة، والشمعدان، والأبواق المعدنية، وملابس الكهنة، بل والمذبح والقرابين الحيوانية.

مختصون مقدسيون: مشاهد الاقتحام هذه المرة حملت أبعادًا رمزية خطيرة

وأكد أن هذا التدرج هو الذي سمح بوصول الاقتحامات إلى هذا المستوى غير المسبوق، محذرًا من أن «الأقصى» في طريقه ليشهد أخطر استباحة في تاريخه الحديث، إذا استمرت هذه السياسات دون رد فعلي ميداني ودبلوماسي حازم.

طقوس علنية ورفع للعلم قرب قبة الصخرة

أما الباحث في شؤون القدس علي إبراهيم، فقد وثّق أبرز الاعتداءات التي رافقت الاقتحام الصباحي، مشيرًا إلى السماح العلني بأداء الطقوس التلمودية كاملة، ورفع علم الاحتلال أمام قبة الصخرة المشرفة، من قبل أحد أعضاء الكنيست المشاركين في الاقتحام.

وأضاف، في تغريدة عبر حسابه على منصة «إكس» (تويتر سابقاً)، أن الاقتحام هذه المرة لم يكن مجرد دخول جماعي للمستوطنين، بل جاء ضمن مشروع واضح المعالم لتكريس السيطرة «الإسرائيلية» على المسجد، من خلال التواجد السياسي والرمزي، وتنفيذ الطقوس الدينية العلنية، وفرض التقسيم الزماني والمكاني كأمر واقع.

مخاوف وتحذيرات

الاقتحام أثار موجة واسعة من الغضب في الأوساط المقدسية والفلسطينية، في ظل صمت دولي لافت، وتخاذل عربي رسمي.

ويرى المختصون أن حكومة الاحتلال تحاول استثمار الذكرى العبرية لاحتلال القدس كمنصة لتعزيز النفوذ «الإسرائيلي» داخل «الأقصى»، من خلال دمج السياسي والديني في مشهد واحد، يصعب فصله عن مشروع «الهيكل» المزعوم.

ويؤكد باحثو الشأن المقدسي أن ما يجري في المسجد الأقصى لم يعد مجرد استفزازات عابرة، بل هو تنفيذ ممنهج لخطة تهويدية تستهدف هوية المسجد وتغييب معالمه الإسلامية، تمهيدًا لتقسيمه، وربما هدمه مستقبلًا لإقامة «الهيكل» المزعوم مكانه.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة