حمد الهولي: الكويت قادرة على التميز التعليمي
يمتلك رؤية تعليمية واضحة، راهن عليه معلمو الكويت، وكان صاحب السبق في حصد أصواتهم بانتخابات جمعية المعلمين الكويتية؛ ليكون ورفاقه في الجمعية صوت الميدان التعليمي في مسار إصلاح التعليم وفق "رؤية الكويت 2035"، إنه رئيس مجلس إدارة جمعية المعلمين المنتخَب، التربوي والتعليمي البارز حمد الهولي.
اختص الهولي "المجتمع" بحوار صريح ومعمق في رؤيته للوضع التعليمي ورهاناته في استشراف المستقبل، مؤكداً أهمية العمل على الارتقاء بالمنظومة التعليمية وأركانها، والعمل على تفعيل المسار التكنولوجي، مع وجود ثبات ووضوح في المخطط لدى كل القيادات المعنية بتطوير التعليم في الكويت.
بداية، نبارك لكم نجاحكم وتوليكم منصب رئيس مجلس إدارة جمعية المعلمين.
- حياكم الله، وشاكر لكم التهنئة والاستضافة، وأسأل الله أن نكون عند حسن ظن معلمينا، وأن نرتقي بالمنظومة التعليمية كما يحبون، وكما يجب أن نكون في ظل الأوضاع المستقبلية.
ما دور جمعية المعلمين في العملية التعليمية؟ وهل هناك تعاون مع وزارة التربية؟
الوضع السياسي يؤثر على العملية التعليمية فلا بد من الاستقرار على المستوى القيادي لاستشراف المستقبل
- الوزارة جهة تنفيذية، ونحن جهة مطالبات ومقترحات، وجزء مكمل مهم، وصوت الميدان؛ فنحن نوصل المطالب والوقائع والأحداث المهمة التي لا تراها الوزارة من ناحيتها، ونحرص على حل كل المعوقات وإنجاح كل المقترحات الإيجابية.
بوضوح أكثر، هل العلاقة بين وزارة التربية والجمعية علاقة قطبين متنافرين أم متناغمين؟
- العلاقة تشاركية وتكاملية، نحن في عملية تكاملية نكمل فيها دور بعضنا بعضاً للوصول لتحقيق أهداف المخطط الإستراتيجي للتعليم في الكويت 2020 – 2035م.
هناك مؤشرات على تدني مستوى التعليم في الكويت بالنسبة لدول للعالم، ثم جاءت «كورونا» وصار «التعليم عن بُعد» ما أدى إلى خلل، حسب البعض.. برأيكم، هل أثرت الجائحة على منظومة التعليم؟
- هذه التقسيمات لا تتبعنا، ومؤشرات مصنوعة، فلسنا في مراتب متدنية كما يتخيل البعض، وجائحة «كورونا» ضربت العالم كله؛ وبالتالي أثرت على التعليم في دولتنا؛ بل كان التعليم من أهم القطاعات التي تأثرت بسبب عدم وضوح الرؤية ولم يكن هناك قرار؛ ننجِّح التلاميذ أم لا، نكمل أم لا، وما الوسيلة المناسبة لاستكمال التعليم؟
ولكننا وجدنا أن التكنولوجيا وسيلة مهمة لضمان استمرار عملية التعليم في ظل هذه الجائحة، ووجدنا أنفسنا في ارتباك تعليمي، ثم تدخلت جمعية المعلمين وقدمت مقترحاً لتفعيل المنصة التعليمية؛ لأننا نؤمن أن المنصات عن بُعد وسيلة إضافية لضمان استمرار العملية التعليمية.
ومع ذلك، كان هناك تأثير -بلا شك- للجائحة علينا، وبعيداً عن بعض المبالغة التي تجري من البعض، فهناك فعلاً بعض المواد التي تحتاج مهارات، لكن «التعليم عن بُعد» لا يتناغم مع هذه المواد مثل العلوم، فهي مادة فيها تجارب تعسر القيام بها في ظل منظومة التعليم عن بُعد.
«التعليم عن بُعد» أثَّر على البُعد القيمي في غياب القدوة والتفاعل المباشر مع المعلم
كما أن «التعليم عن بُعد» أثَّر على البعد الأخلاقي والقيمي في ظل غياب القدوة والتفاعل المباشر مع المعلم لاستلهام القيم التربوية بشكل عملي وتفاعلي.
يقولون: إن العملية التعليمية منهج وطالب ومعلم؛ فهل بعد الجائحة صارت المنظومة كما هي؟!
- المثلث التعليمي كما هو، لكن هناك إضافات كالبيئة والأنشطة والأدوات المتاحة مثل الأدوات الإلكترونية -كالتعليم عن بُعد والتعليم الافتراضي- فالذي تغير فقط هو البعد التكنولوجي، ومن المهم التجاوب مع هذا البعد وتطويع التكنولوجيا لخدمة المنظومة التعليمية وفق «رؤية الكويت 2020 – 2035» من أجل خلق جيل قادر على التعليم وحل المشكلات بطرق متطورة ومهارات خلاقة.
بصراحة، هل وزارة التربية عندها الاستعداد للتطور التكنولوجي من أجل التطوير التعليمي؟
- نعم، عندها استعداد، ولديها عقول وأموال وقيادات، لكن المهم اتخاذ القرار والدراسة بناء على أن التكنولوجيا أحد أركان رؤية الكويت، والمهم من يدير، وزير يذهب ووزير يأتي، وبكل صراحة الوضع السياسي يؤثر على العملية التعليمية؛ ولذلك فلا بد من استقرار على المستوى القيادي لاستحضار واستشراف المستقبل وفق المنظومة الجديدة.
ويؤسفني أن أقول: إن هناك فجوة بين خطة الدولة وخطط الوزارات، ومنها وزارة التربية؛ فالدولة تريد ربط سوق العمل، ولكن على أرض الواقع هناك تحدٍّ لا بد من التغلب عليه.
نظن أن غالبية أولياء الأمور عندهم مخاوف من التعليم بالمدرسة بسبب «كورونا»، فهل جمعية المعلمين تدفع إلى التعليم عن بُعد؟
- بكل تأكيد؛ فنحن أساساً ندعم التعليم المدمج؛ وهو نظام يربط بين التعليم النظامي والتعليم عن بُعد، والجمعية لديها شراكة مع جامعات في بريطانيا، واقترحنا أن يكون هناك ثلاثة أيام حضورياً، ويومان عن بُعد؛ لمواكبة المستقبل وما قد يطرأ من أحداث في ظل استمرار تزايد حالات الإصابة بالفيروس، وهناك دول تغلق ودول تفتح، وهناك تحور مستمر في الفيروس؛ وهو الأمر الذي وضعته الوزارة الحالية في جدول أعمالها.
بمناسبة الحديث عن «التعليم عن بُعد»، هل ترونه صالحاً للكويت أم أن هناك عوائق؟
- الجمعية أجرت، في وقت سابق، 3 استطلاعات للرأي عن «التعليم عن بُعد»، وكثير من ردود الفعل كانت إيجابية رغم بعض الملاحظات؛ فالإنسان عدو ما يجهل، والناس الآن بدؤوا يتجاوبون مع التعليم عن بُعد، ويستسهلونه، ودعنا نسأل بوضوح: «الأونلاين» وسيلة موجودة فلماذا نرفضها؟
ودعنا نؤكد أنه من خلال الاستطلاعات لاحظنا أن هناك تأقلماً معها ومطالبات بتعزيزها، نعم هناك معوقات موجودة؛ كالتكلفة والبنية التحتية، لكن يمكن حلها.
هل هناك رغبة في مواجهة تلك المعوقات؟
- نحن في الجمعية بدأنا مبكراً في مواجهة تلك المعوقات، ولدينا دورة تكنولوجية في التدريبات، أما بالنسبة للوزارة، فهناك محاولات وقد بدأت بنوك الأسئلة والمسابقات والتقييم عن بُعد، ولكنها غير كافية ولا بد من التطوير والتطور.
ونحن لدينا إدارة إلكترونية مبكرة لاستشراف المستقبل، وتفعيل البعد التكنولوجي، سواء عبر هذه الإدارة أم أكاديمية إعداد القادة.
هل قدمت الجمعية دراسة لاستشراف المستقبل التعليمي؟
- الجمعية قدمت مقترحاً بشأن الاستشراف المستقبلي في التعليم المدمج، ولاقى استحساناً دولياً، والكويت ليست بعيدة عن الدولة المتقدمة في هذا المضمار.
نتحدث عن جنسية المعلمين، ومع احترامنا للجنسيات العربية البعض يتحدث عن أهمية وجود مدرس إنجليزي للإنجليزية وفرنسي للفرنسية، كيف ترى هذه المقترحات؟!
- التعليم ليس مرتبطاً بجنسية معينة، أولوياتنا هي قيم الإسلام، والقريب منا في العادات والتقاليد، والمتميز في أدواته بغض النظر عن جنسيته.
في عام 2022م، هل الكويت بحاجة إلى وزارة التربية أم لمؤسسة تعليمية؟!
- نحن بحاجة إلى شيء أكبر، نحتاج إلى التنمية المستدامة، سواء عبر توفير مقومات الاستدامة والمحافظة على الموارد أم الاستكشاف والعمل على الانتشار الواسع في العالم، والإيمان بالشراكات وتفعيل كل الجهود بين أطراف الاستدامة، ولا بد من مواكبة منظومة التعليم للمقاييس الدولية.
ونحن قادرون على ذلك مع الأخذ في الاعتبار أنه لا تعليم بدون تربية، ولا تجدي تربية بدون تعليم.
الحديث يقودنا إلى المجلس الأعلى للسياسات التعليمية، ما موقعه من الإعراب في المشهد التعليمي؟
- نحن أعضاء في المجلس بالأساس، ولكنه لم يجتمع منذ فترة بعيدة، وهو ما أدى إلى التخبط رغم المرسوم الأميري الواضح في تكليفاته للمجلس بغية إنجاز التطوير التعليمي المنشود، ولكن الغياب هو ما أدى إلى ما نحن فيه.
بصراحة، المشكلة التعليمية في الكويت هل تتحملها الوزارة، أم من؟
- التعليم شراكة مجتمعية ومسؤولية تشاركية بين أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات والوزارة، لكن لا يوجد ثبات في السياسات ولا في القيادات ولا توجد رؤية، ويوجد تخبط في القرار يسبب تلك المعاناة، ومن عام 2010م إلى الآن هناك أفكار وبرامج كثيرة، لكنَّ هناك تخبطاً وضعف رقابة.
ننتقل إلى الجامعة، بصفتكم خبيراً تعليمياً وتربوياً بارزاً، لماذا تشكو جامعة الكويت من مخرجات التعليم؟!
- التركة قديمة وليست منذ الآن؛ فالجامعة تشتكي من مخرجات التعليم، والاتهام موجه للجامعة كذلك؛ فنحن نشكو من مخرجات الجامعة، هناك خلل نعم، ولكن هل الجامعة واكبت المستقبل؟ هل المراجع الجامعية تطورت، أم أنها ما زالت من السبعينيات؟! هل الجامعة تساهم فعلاً في تخريج خريجين لا علاقة لهم بالمستقبل؟
الإجابة نعم، ولا بد من وقفة جادة للمناهج عبر التحديث وتفعيل المهارات ومواكبة التغيرات للحاق بالمستقبل.
ندعم التعليم المدمج الذي يربط بين «النظامي» و»عن بُعد» لمواكبة كل سيناريوهات «كورونا»
برأكم، من أين يجب أن تكون البداية في تطوير التعليم؟
- تقدم وتطور التعليم لا بد أن يقوم على الابتكار والتنمية المستدامة وخدمة المجتمع واستخدام التكنولوجيا، ولدينا في الكويت عقول وطنية باهرة، ولكن لا توجد رؤية ثابتة وواضحة تأتي عليها القيادات، وكل قيادة تأتي برؤيتها؛ وهو ما يثير الارتباك؛ ولذلك فمن المهم الاستقرار في الهرم القيادي التعليمي لإحداث طفرة ونقلة وتقدم.
إذن، هل الشعب الكويتي على موعد مع استعادة الثقة في العملية التعليمية؟
- نعم بإذن الله عز وجل، فهناك برامج كثيرة تساهم في صنع مبادرات لتحقيق إحدى ركائز الدولة، والمنهج الدراسي في الكويت سيخرج إنساناً مثقفاً متميزاً بشرط أن يكون مبنياً على ثلاثة أشياء؛ هي: الابتكار وزرع المسؤولية المجتمعية والمنظومة القيمية وحب التكنولوجيا؛ بهدف مواكبة القرن الجديد والمناهج الجديدة.