خطة ترمب وهزيمة «إسرائيل»!
منذ بداية «طوفان الأقصى»، في 7 أكتوبر
2023م، صارت منطقتنا وعموم النضال الفلسطيني بين مرحلتين؛ مرحلة ما قبل «الطوفان»،
وما بعده.
و«طوفان الأقصى» مرحلة فاصلة ما بين
الاحتلال والاستقلال، والشرّ والخير، والحرب والسلام، والظلام والنور، والظلم
والعدل، والموت والحياة، واليأس والأمل، وجميع الصور الإيجابية؛ وهي الاستقلال
والخير والسلام والنور والعدل والحياة والأمل تمثّلها المقاومة الفلسطينية، وجميع
الصور السلبية؛ وهي الاحتلال والشرّ والحرب والظلام والظلم والموت واليأس يُمثّلها
الكيان الصهيوني.
ورغم أن كفّة السلاح والتكنولوجيا والدعم
الدولي تميل لصالح «إسرائيل» وجيشها، فإنها فشلت في هزيمة المقاومة الفلسطينية بعد
عامين من الهجمات الصاروخية والجوّية والبحرية والبرية والحصار على غزة، ورغم أن
همجيّتها ما تركت حجرًا على حجر.
تهديدات نتنياهو
وحينما نُدقّق بمجريات الأحداث بعد «طوفان
الأقصى» نجد أن رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو قد كرّر مرارًا
تهديداته للفلسطينيين، وبأن جيشه سيقضي على مقاومة غزة، ورغم جميع المحاولات فإن
جهودهم فشلت في تحقيق أهدافها.
والتطوّرات السياسية والميدانية أثبتت أن
«إسرائيل» هزمت في غزة رغم الفاتورة الفلسطينية المرتفعة والباهظة، وقد سمعنا
عشرات الأصوات «الإسرائيلية» الداعية للهروب نحو الداخل الصهيوني خوفًا من نتائج
حرب غزة وتبعاتها.
نداء لإنقاذ «إسرائيل»
وبهذا الباب الواسع وَجّه الجنرال «الإسرائيلي»
الاحتياط إسحاق بريك، في 4 أغسطس 2025م، نداءً عاجلًا إلى الرئيس الأمريكي دونالد
ترمب، مطالبا إيّاه بالتدخّل الفوري لوقف حرب غزة، والشروع في إعادة بناء «إسرائيل»
وإنقاذها من التّفكّك والانهيار الوشيك.
وهذا يعني أن بعض القيادات الصهيونية،
المدنية والعسكرية، متخوّفة من الهزيمة واحتمالية انقلاب الأمور ضدّ كيان «إسرائيل»
والوصول إلى مرحلة الانهيار.
ولن نركّز هنا على خسائر «إسرائيل» البشرية،
التي تَذكر بعض المصادر الرصينة بأنها أكثر من 6 آلاف قتيل وعشرات آلاف الجرحى
والمرضى النفسيين، وكذلك خسائرها الاقتصادية التي قد تقرب من 100 مليار دولار، بل
نحاول التركيز على الغاية الكبرى من خطة الرئيس ترمب.
خسائر ميدانية ومناحرات سياسية
الخسائر الصهيونية الميدانية والمناحرات
السياسية داخل حكومة نتنياهو وخارجها دفعت رئيس الحكومة، وبعد عجزه عن هزيمة
المقاومة الفلسطينية، هرول نحو البيت الأبيض ليحافظ على هيبة كيانه عبر أيّ مشروع
ولو من المشاريع الخيالية غير القابلة للتطبيق وليُخْرِج جيشه من غزة بأقل الخسائر
البشرية والمادية والمعنوية والسياسية، الداخلية والخارجية، وللحفاظ على هيبة
الجيش «الإسرائيلي» أولاً وحفظ ماء وجه نتنياهو ثانيًا.
ورغم طرح خطة الرئيس ترمب وتهديداته
الصريحة لـ«حماس» بضرورة الموافقة العاجلة، فإن العالم كان يترقب الردّ الحاسم من
المقاومة بخصوص الخطة.
وقد أصرّت المقاومة، في ردّها على خطة
الرئيس ترمب، في 4 سبتمبر 2025م، بأن تكون من ضمن الأطراف الفاعلة في مستقبل
النضال الفلسطيني دون أيّ تهميش.
وأكد بيان «حماس»: وما ورد في مقترح
الرئيس ترمب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة،
فإن هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات
الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون «حماس» من ضمنه وستسهم
فيه بكل مسؤولية.
أظن أن الغاية من خطة الرئيس ترمب هي
إنقاذ لنتنياهو و«إسرائيل» معًا، وإلا فإن «إسرائيل»، وبموجب الفعاليات الميدانية
تؤكد أنها لم ولن تنتصر في غزة، ولو بعد مائة عام، وهذه الحقيقة من المسلّمات
لكثير من القادة العسكريين والميدانيين الصهاينة.
وآخر تأكيدات الهزيمة الصهيونية ما ذكرته
«القناة 12» العبرية، في 15 سبتمبر 2025م، بأن رئيس أركان الجيش «الإسرائيلي» إيال
زامير أكد عدم إمكانية هزيمة حركة «حماس» على المستويين العسكري والسياسي، حتى بعد
احتلال مدينة غزة.
والهزيمة الأكبر التي مُنيت بها «إسرائيل»
تتمثّل في عزلتها العالمية وانكماشها وتنامي مشكلاتها الداخلية، وقد رأينا كيف أن
كلمه نتنياهو في الأمم المتحدة في الدورة الـ80، قبل أسبوع، كانت كما يقال على
المستويات السياسية والإعلامية العالمية، كلمة موجهة إلى الكراسي الفارغة بعد
انسحاب غالبية وفود الدول من القاعة الدولية بسبب النقمة العالمية على همجية «إسرائيل»
ونتنياهو، والتعامل الوحشي مع المدنيين العزل في غزة.
إن كتب التاريخ، المدني والعسكري، ستكتب
أن الفلسطينيين، ورغم المؤامرات والتخاذل والقتل والحصار، انتصروا على نتنياهو
وجيشه المتطوّر وأرغمتهم على التراجع والقبول بشروط المقاومة الفلسطينية الباسلة.