خيانة اليهود للعهود.. تاريخ يعيد نفسه

في تاريخ الأمم،
تظل خيانة العهود سمة بارزة للكيان الصهيوني، تمامًا كما كان أسلافهم من بني
إسرائيل الذين شهد القرآن الكريم على نقضهم المتكرر للمواثيق والعهود.
اليوم، وفي ظل
المجازر الدموية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في غزة والضفة الغربية، تتجدد
مشاهد الغدر والخيانة، مؤكدين بذلك أنهم ماضون على درب أجدادهم.
خيانة
تتجدد في غزة
يقول أستاذ
الفقه د. عجيل النشمي: ما كان للكيان الصهيوني أن يجدد الإبادة إلا لعلمه أن
الحكومات العربية والإسلامية لن تتجاوز الاستنكار، ولو أُبيد أهل غزة عن بكرة
أبيهم، فالواجب الشرعي يحتم علينا أن نرتقي من مستوى الاستنكار إلى النصرة
الفعلية، ونستطيع أن نقدم الكثير؛ عسكريًا، وسياسيًا، وإغاثيًا، وإلا فإن هذه
الدماء والأشلاء ستكون خصمنا يوم القيامة.
أما الداعية د.
محمد العوضي، فقد وصف المشهد بقوله: الصمت العربي لم يعد مجرد تواطؤ، بل تحول إلى
موت محقق، ومع هذا الصمت، لن يسلم العرب من جحيم الإرهاب الصهيوني الذي يتمدد بلا
رادع، وكل حديث عن مكاسب التطبيع الذي يروّجه البعض هو ضرب من الجنون، بل هو خيانة
فكرية وأخلاقية لم تشهد الأمة مثيلًا لها.
المجازر
والإبادة.. تنفيذ لمخططات خبيثة
من جهته، قال
أستاذ العلوم السياسية د. عبدالله الشايجي: نفذ نتنياهو، وترمب، تهديداتهما، وفتحا
أبواب الجحيم على غزة، مستهدفين الصائمين، والنازحين، وحتى الأطفال الذين أصبحوا
في رواية الإعلام الغربي المتواطئ «مقاتلي حماس»! حمامات الدم التي نشهدها اليوم
ما هي إلا تنفيذ حرفي لمخطط ترامب-نتنياهو، حيث يتم تصفية الفلسطينيين لإقامة
مشاريعهم الاستعمارية على أنقاضهم.
أما النائب
السابق د. جمعان الحربش، فقد شدد على ضرورة اتخاذ موقف حازم بقوله: العدو الصهيوني
يغدر كعادته، ويحرق غزة، ويترك مئات الجثث في الشوارع والمستشفيات، إن الله
ابتلاهم بهذا العدو، وابتلانا بواجب نصرتهم، وهو سبحانه ناظر إلينا، فانصروا
إخوانكم بما تستطيعون، بالكلمة، بالدعاء، وبمقاطعة هذا الكيان وداعميه، وهو أضعف
الإيمان، كما ندعو وزارة الأوقاف لإعادة الدعاء والقنوت في المساجد، فهذه معركة
عقيدة وكرامة.
وصرّح النائب
السابق أسامة الزيد قائلًا: ما يحدث في غزة يعتبر جريمة إبادة جماعية مكتملة
الأركان ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، في ظل صمت دولي مريب، الكيان الغاصب تجاوز كل
الأعراف والمواثيق الدولية باستهدافه الأبرياء والآمنين، وأصبح يرتكب جرائم وحشية
دون اكتراث للعالم الذي يتغافل عن جرائمه وعربدته، وهذه وصمة عار في جبين مجلس
الأمن الذي فقد مصداقيته ولم يتحرك لإيقاف هذه الهجمات والمجازر التي يتعرض لها
الشعب الفلسطيني، أعان الله أهلنا في غزة، قلوبنا معهم، ودعواتنا لهم في هذا الشهر
الكريم، متضرعين إلى الله عز وجل أن يرحم الشهداء بواسع رحمته، ويمن على الجرحى
بالشفاء العاجل، وأن يعجّل بزوال المحتل الغاصب، إنه على كل شيء قدير.
مايحدث في #غزة يعتبر جريمة إبادة
— أسامة زيد الزيد (@OsamazAlzaid) March 18, 2025
جماعية مكتملة الأركان ضد الشعب
الفلسطيني الأعزل، في ظل صمت
دولي مريب.
الكيان الغاصب تجاوز كل الأعراف
والمواثيق الدولية باستهدافه
الأبرياء والآمنين، وأصبح يرتكب
جرائم وحشية دون اكتراث للعالم
الذي يتغافل عن جرائمه وعربدته.
وصمة عار في جبين مجلس…
خيانة
موثقة في القرآن
إن نقض العهود
سلوك متأصل في بني إسرائيل، كما شهدت بذلك آيات القرآن الكريم، فقد نقضوا عهدهم مع
الله حين أُنزلت التوراة، فرفع الله فوقهم الجبل ليأخذوا الميثاق، ثم عادوا
ونقضوه: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا
فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُواْ مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُواْ مَا فِيهِ
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ {63} ثُمَّ تَوَلَّيْتُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلاَ
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِينَ) (البقرة).
وأخذ الله عليهم
الميثاق ليبيّنوا الحق للناس، فكتموه واشتروا به ثمنًا قليلًا: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ
أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ
وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) (آل عمران: 187).
ولم تقتصر
خيانتهم على النكوص عن العهود، بل امتدت إلى التحريف والتزييف، وحتى قتل الأنبياء:
(لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي
إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا
لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُواْ وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ) (المائدة: 70).
إن التاريخ شاهد على أن بني إسرائيل قوم لا يلتزمون بعهودهم، ولا يقيمون للمواثيق وزنًا، واليوم تتجدد هذه الخيانة على أرض غزة والضفة الغربية، في ظل تواطؤ عالمي، وصمت عربي مخزٍ، وما لم يتحرك المسلمون بجدية لنصرة إخوانهم، فإن التاريخ سيعيد نفسه، وسنجد أنفسنا جميعًا في مواجهة العدو ذاته، الذي لا يعرف إلا لغة الدم والقوة، فهل من مجيب؟