رفعت رضوان.. مسعفٌ دحض رواية الاحتلال بتوثيق جريمته

ياسمين عنبر

15 أبريل 2025

101

بعض العظماء يخلد اسمهم في حياتهم على سطور التاريخ الذي لا ينسى أثرًا، لا سيما إذا كان ذاك الأثر لفلسطين، في معركة مشرفة فاصلة بتاريخها كـ«طوفان الأقصى».

من هؤلاء الذي رفع ذكرهم المسعف رفعت رضوان، الذي وثق جريمة قتله مع مجموعة من المسعفين ورجال الدفاع المدني، عبر فيديو عثر عليه في هاتفه بعد رحيله ودفنه يوثق فيه الدقائق الأخيرة قبل إعدامهم في 23 مارس الماضي، في حي السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة، وسط تصبره وجلده واستعانته بالله تعالى!

«سامحيني يا أمي، اخترت هذا الطريق لمساعدة الناس، الجيش قد جاء»، هي الكلمات الأخيرة التي نطق بها رضوان يسجلها لوالدته، كي تكون شريان حياة لها بعد فقدانه ورحيله، عدا عن أنه خاطر بحياته لأجل هدف نبيل؛ ما جعله يسطر في سجل الأبطال ويخلد فيه.   


أسلحة تبخر الأجساد.. جرائم صادمة تكشف وحشية الاحتلال في غزة! |  مجلة المجتمع الكويتية
أسلحة تبخر الأجساد.. جرائم صادمة تكشف وحشية الاحتلال في غزة! | مجلة المجتمع الكويتية
على أرض غزة المحاصرة، تتكشف فصول جديدة من جرائ...
mugtama.com
×


احتلال كاذب

بعد انتشال جثمانه من المقبرة الجماعية بواسطة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، عثروا على مقطع الفيديو الذي مدته 6 دقائق و42 ثانية في هاتفه، أظهر فيه وحشية الاحتلال.

وسط وابل الرصاص الكثيف أطلقه جنود الاحتلال عليهم في ظل صراخ بعضهم وطلب النجدة والمساعدة ولكن دون جدوى، فقد كان غالبيتهم ينطقون الشهادة وينتظرون مصيرهم، وأهم ما يكشفه الفيديو أن جيش الاحتلال قد وصل إليهم وجميعهم أحياء؛ ما يعني أنه أعدمهم عن سبق إصرار وترصد، في جريمة نكراء لا تدل إلا على وحشيتهم وعنجهيتهم.

كانت بطولة رفعت في تكذيب مزاعم المحتل الغاشم ودحض روايته بالصوت والصورة، الذي زعم أن مركبات الإسعاف التي كان يستقلها رفعت وطواقم الدفاع المدني والمسعفون كانت تقترب من الجنود بشكل مشبوه دون تشغيل أضواء أو إشارات الطوارئ؛ ما دفعهم إلى إطلاق النار صوبها.

بينما أظهر الفيديو أن المسعفين يرتدون الزي الرسمي المضيء المعتمد أثناء المهام الطارئة، وأن المركبات جميعها مزودة بكامل الإشارات الضوئية الخاصة بها.

كما زعم أنه قضى في مهاجمته طواقم الدفاع المدني والهلال الأحمر على أحد عناصر الجناح العسكري لحركة «حماس»، إضافة لـ8 آخرين ينتمون للحركة الفلسطينية وللجهاد الإسلامي، فيما ظهر في الفيديو بأن جلهم مسعفون، وتكمن عنجهية المحتل في الجريمة التي وثقت في هاتف المسعف رضوان، أن المحتل فتح فوهة النار على المسعفين الذين أقدموا على إسعاف زملائهم، وفي هذه الأثناء نطق رضوان الشهادتين وظهر أنه أصيب برصاصهم وخفت صوته!


أبطال من «طوفان الأقصى».. حكايات الصمود من جبهات الطب والقلم والصورة |  مجلة المجتمع الكويتية
أبطال من «طوفان الأقصى».. حكايات الصمود من جبهات الطب والقلم والصورة | مجلة المجتمع الكويتية
سطر كثير من أبطال غزة صورًا كثيرة من الكفاح والنضا...
mugtama.com
×


نموذج الصبر والجلد

كانت آخر كلماته بعدما طلب المسامحة من والدته: «يا رب تقبلني شهيدًا وتب عليّ واغفر لي»، وبعدها بلحظات ظهر في خلفية الفيديو دوي الرصاص عاليًا وواضحًا وبصوت ثقيل قال رضوان: «جاء الجيش».

جهاز الدفاع المدني بغزة أكد أنه عثر على جثث الطواقم مدفونة على بعد 200 متر من المكان الذي كانت بها مركباتهم، وهم يرتدون زيهم البرتقالي المتعارف عليه في العمل الإغاثي.

كما أعلن أن بعض طواقم الدفاع المدني عثر عليهم مدفونين وهم مكبلو الأيدي والأرجل، وعلى رؤوسهم وصدورهم علامات الرصاص، ما يشير إلى أن الاحتلال أعدمهم بعد أن تعرفوا إلى طبيعة عملهم بدقة، كما أن بعضهم كان مقطوع الرأس، والبعض الآخر جثامين، رغم أن الدقيقة الأولى من الفيديو كانت تظهر أن مركبات الإسعاف مضاءة وسليمة؛ ما يدلل على أن الجيش تعمد تدمير المركبات التي تحمل إشارة الهلال الأحمر الفلسطيني في جريمة لا يمكن تخيلها.

هكذا خلد رضوان اسمه، وقدم للعالم نموذجًا عملاقًا من التضحية أولًا كونه مسعفًا متطوعًا أخبر أمه أنه خرج لمساعدة الناس، كذلك ضرب أروع النماذج المشرفة في الصبر والتجلد الذي تمسك به أهل غزة منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة، حيث تحصن بـ«آية الكرسي»، وفي خضم لحظاته العصيبة نطق الشهادتين وطلب الرضا من أمه متضرعًا إلى الله بالغفران وسط أهوال الحدث.


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة