أهل غزة يموتون جوعاً وعطشاً دون أن يغيثهم أحد!

تشتد الأزمة الإنسانية في قطاع غزة يوماً
بعد يوم جراء استمرار الحرب وتشديد الحصار وإغلاق المعابر للشهر الخامس على
التوالي؛ الأمر الذي عمق من المشهد الإنساني وبات السكان عاجزين على توفير قوت
يومهم؛ ما أصابهم بالتعب والإغماء، وبدأت تظهر عليهم أمراض سوء التغذية.
ومنذ عدة أيام، نفد كل شيء من الأسواق، وأهمها الدقيق؛ حيث اختفى تماماً ولم يعد يتوفر أي شيء من الطعام يتناوله السكان، خاصة أن الدقيق الوجبة الرئيسة ما دون هوامش بالنسبة لسكان غزة الذين أصبح الحصول على رغيف خبز حلماً تحقيقه شبه مستحيل.
ومع اشتداد الأزمة وعدم تمكن العائلات من توفير الطعام لعوائلهم، قالت وزارة الصحة بغزة: إن عدداً كبيراً من المواطنين باتوا يصلون إلى المستشفيات في حالة تعب وإرهاق وإغماء نتيجة عدم تناولهم الطعام لأيام، محذرة من كارثة إنسانية كبيرة وموت جماعي للسكان حال استمرت الحال على ما هي عليه الآن.
مراسل «المجتمع» بغزة التقى عدداً من
الفلسطينيين للحديث عن أوضاعهم، وكيف يدبرون قوت يومهم في ظل هذه الأزمة، حيث أكدوا
عدم قدرتهم على توفير أي شيء.
المواطن علاء حمدان قال: إنه رب أسرة لـ8
أفراد؛ أكبرهم يبلغ من العمر 16 عاماً وأصغرهم 3 سنوات، يقول: إنه بشكل يومي يحتاج
إلى 4 كيلوجرامات من الطحين من أجل إطعام أولاده، لكنه أكد أنه منذ شهر وهو بصعوبة
بالغة يتمكن من توفير كيلو دقيق واحد فقط، وهذا الكيلو يصنع 10 أرغفة فقط؛ أي أن
كل فرد من أفراد الأسرة نصيبه رغيف واحد فقط باليوم! وهي حصة قليلة جداً، وهذا فقط
من أجل إبقائهم على قيد الحياة.
وأضاف أنه وعائلته فقدوا أوزانهم وأصابتهم
الأمراض وسوء التغذية، مشيراً إلى أنه خلال الأيام الماضية وبعد نفاد الدقيق والأرز
وكل شيء من الأسواق لم يأكلوا شيئاً، موضحاً أنه حال توفير الدقيق فإن سعر الكيلو
الواحد تجاوز 50 دولاراً! وهذا المبلغ لا أحد يستطيع توفيره في ظل الظروف الراهنة
وقلة العمل نتيجة هذه الحرب.
وقال حمدان: إنه أيضاً يعاني من شح المياه التي زادت أزمتها مع حلول فصل الصيف وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة خارج الخيمة وداخلها التي أصبحت عبارة عن فرن، وفي مثل هذه الأجواء يحتاج الشخص إلى الماء ليروي عطشه ويلطف من الأجواء الحارة، لكن هذا الشيء غير متوفر، حيث بصعوبة بالغة توفر المياه المالحة المخصصة لغسل اليدين والأواني، أما المياه الصالحة للشرب فالحصول عليها بمشقة كبيرة، حيث يقطع مسافات هو وأبناؤه من أجل توفير كميات قليلة من الماء لا تكفي ليوم واحد فقط.
وأعرب حمدان عن أمله في أن تنتهي الحرب قريباً وتدخل المساعدات الإنسانية ويتم إصلاح ما دمرته الحرب من أجل أن يعيشوا بأمن وسلام، ويستطيعوا التقاط أنفاسهم التي قطعت من شدة التعب والإرهاق.
ولم يختلف حديث المواطن بلال على عن
نظيره حمدان الذي أكد أن الأوضاع الإنسانية تفاقمت بشكل غير مسبوق، وبات غير قادر
على توفير الطعام لعائلته المكونة من 13 فرداً، وقال: قبل الحرب كان استهلاكنا
اليومي من الطحين فقط 5 كيلوجرامات، و«كنا عايشين ومبسوطين»، صحيح الوضع الاقتصادي
كان صعباً، لكن الأمور كانت ميسَّرة، والحمد لله كنا ندبر أمورنا.
ويضيف: أما الآن في ظل الحرب لسنا قادرين
أن نوفر كيلوجراماً واحداً من الطحين نأكله من أجل أن نبقى على قيد الحياة، موضحاً،
والدموع تذرف من عينيه، أنه كل يوم في الصباح الباكر يخرج من خيمته على أمل توفير
شيء يطعم به أولاده، لكن يعود بخفي حنين!
وأكد بلال أنه خلال الأشهر الماضية كان
يعتمد في طعامه على التكايا الخيرية، ويحصل على وجبة طعام واحدة في اليوم، يقول: إنها
قليلة لكن أي حاجة نسد جوعنا بها، مؤكداً أنه الآن بعد اشتداد الأزمة ونفاد كافة السلع
الغذائية والتموينية من الأسواق أغلقت التكايا الخيرية، وباتوا لعدة أيام لا يجدون
شيئاً يأكلونه؛ ما أصابهم بالأمراض وسوء التغذية.
وقال: غير أزمة الطعام توجد أزمة الماء؛
حيث بصعوبة بالغة يحصلون على الماء سواء الصالح للشرب أو المخصص للغسيل والاستحمام.
وأوضح أنه نازح في منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس، ويتكدس بالمخيم مئات العائلات، وحالهم كحاله لا يتوفر الماء ويقطعون مسافات طويلة للحصول عليه، وأحياناً ينتظرون ساعات طويلة دون الحصول على كميتهم التي تكفيهم ليوم واحد؛ ما يجعلهم يشربون كميات قليلة، ما أصابهم بالأمراض كالصداع والدوخة، خاصة أن الجسم في فصل الصيف يحتاج إلى السوائل لتعويض النقص والإفرازات التي خرجت من الجسم.
وناشد بضرورة التدخل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من سكان غزة، مضيفاً أنه من لم يمت من الصواريخ والقصف والقتل سيكون مصيره الموت من العطش والجوع!
وفي تزايد تدهور الأوضاع الإنسانية في
القطاع، حذرت مؤسسات دولية وأخرى محلية من خطورة ما آلت إليه الأوضاع بغزة، داعية
إلى فتح ممرات إنسانية عاجلة برية وجوية لإدخال المساعدات بشكل عاجل لإغاثة
المحتاجين وتوفير أبسط مقومات الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في قطاع غزة
الذي دمرته آلة الحرب «الإسرائيلية»، وأصبح عبارة عن كومة من الركام لا يصلح
للحياة الآدمية.