سورية.. حزب البعث.. تاريخ حافل بالانقلابات
بعد وفاة الرئيس «الأسد» الذي حكم سورية
خلال ثلاثة عقود من تاريخها باسم حزب البعث كثر الحديث عن هذا الحزب، وقد تبارى
الإعلام السوري، حيث يملك البعث جميع الصحف، في تعداد مناقب الحزب، ولكننا نرصد
هنا بعض المحطات التي تعطي صورة قريبة من واقع هذا الحزب قدر الإمكان.
حاول المنظرون في حزب البعث أن يظهروا أن
هذا الحزب قام على مرتكزات أيديولوجية صاغوا لها «لازمة» يرددونها في بداية
اجتماعاتهم وهي «أمة عربية واحدة، ذات رسالة خالدة»، إلا أن هذه اللازمة لم تكن
إلا عنوانًا يخفي تحته أهدافًا وممارسات، حقيقتها الأساسية هي انتهازية الوصول إلى
الحكم، دون النظر إلى الأهداف التي جعلوها شعارًا لهم وهي وحدة حرية اشتراكية ولقد
كانت الساحة السورية يستقطبها أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات الحزبان
التقليديان اللذان شاركا في محاربة المستعمر الفرنسي وهما الحزب الوطني وحزب
الشعب، وفي ظل احتكار هذين الحزبين لمعظم مقاعد المجالس النيابية المنتخبة خلال
فترة ما بعد الاستقلال فقد اتضح للقادة المؤسسين لحزب البعث العربي الاشتراكي، وهم
أكرم الحوراني وصلاح الدين البيطار، وميشيل عفلق، أنه ليس بإمكانهم تحقيق أهدافهم
الحقيقية وهي: الوصول إلى الحكم إلا عن طريق الانقلابات التي وجدت لها تربة خصبة
في صفوف ضباط الجيش بعد الاستقلال، سيما وأنهم قد وجدوا في فكر الإخوان المسلمين
الذي يخاطب عقيدة الشعب المسلم في سورية سدًا منيعًا أمام توسعهم الأفقي في صفوف
جماهير الشعب ولكن ما الخطوط الأساسية والمراحل التي اعتمدها حزب البعث منذ تولي
أكرم الحوراني قيادته أوائل الخمسينيات.
أولًا: سيطرة الفكر
الانقلابي واعتماد حزب البعث على الجيش في الوصول إلى الحكم:
والمعروف لمن عايش فترة الرئيس أديب
الشيشكلي 29/ 11/ 1951 – 25/ 2/ 1954م أن الراحل أكرم الحوراني -بصفته رئيسًا لحزب
البعث- عقد صفقة مع الشيشكلي استلم بموجبها وزارة الدفاع في حكومة أديب الشيشكلي
وقام بإدخال المئات من البعثيين إلى الكلية الحربية، ما شكل نواة ضخمة من الضباط
البعثيين مكنتهم من بسط سيطرتهم على عدد لا يستهان به من وحدات الجيش، جعلهم
يشكلون مراكز سيطرة وتهديد للحكومات المتعاقبة، وحين شعر البعثيون أن الأرض تهتز
تحت أقدام الشيشكلي انضموا للمناوئين له وساهموا في إسقاطه، ولكن بعد أن أصبحوا
قوة يحسب حسابها داخل الجيش، وفي 22/ 4/ 1955م اغتيل العقيد عدنان المالكي الضابط
البعثي البارز بتدبير من الحزب السوري القومي، فتمت على إثر ذلك ملاحقة عناصر هذا
الحزب، ومن ثم حوكموا، وأعدم القومي السوري العقيد غسان جديد، وقد وظف البعثيون
حادثة اغتيال المالكي هذه لزيادة التعاطف معهم ورفع أسهمهم وتواجدهم في الجيش وفي
مارس 1957م قام البعثيون بحركة عصيان في معسكرات قطنا، كان من نتيجتها تقاسم
المناصب الخطيرة في الجيش مع خصومهم مجموعة النفوري.
الحزب الذي يرفع شعار الوحدة.. سارعت قياداته لتوقيع وثيقة
الانفصال عن مصر عام 1961م
وفي 17/ 8/ 1957م قاموا بانقلاب أبيض
أقيل بموجبه رئيس الأركان اللواء توفيق نظام الدين الذي رفض تسريح عدد من كبار
ضباط الجيش من دون محاكمة، وجاءوا إلى رئاسة الأركان بحليفهم الشيوعي العقيد عفيف
البزري الذي رفع إلى رتبة لواء فقام بتسريح عدد من الضباط الدمشقيين أمثال العقداء
عمر قباني سهيل العشي، حسن العابد، هشام السمان وقد تم على إثر هذه التصفيات تشكيل
حكومة التجمع القومي من البعثيين والشيوعيين وأنصار خالد العظم ورأسها صبري العسلي
وقد أحكمت هذه الحكومة قبضتها على مقاليد الأمور في سورية، ما دعا الرئيس شكري
القوتلي، بدعم من الضباط المستقلين للمسارعة في إنجاز الوحدة مع مصر فاضطر البعثيون
لإعلان تأييدهم للوحدة، وأصبح أكرم الحوراني نائبًا لرئيس جمهورية الوحدة التي
سميت الجمهورية العربية المتحدة، ثم ما لبث أن دب الخلاف مع عبد الناصر، واضطر
الحوراني لتقديم استقالته.
وإذا كان البعثيون يضعون الوحدة، في رأس
قائمة أهدافهم وحدة حرية اشتراكية، فقد كانوا في واقع الأمر يبطنون فكرًا
انفصاليًا عبروا عنه بمسارعة قيادتهم الثلاثية الحوراني، عفلق البيطار، لتوقيع
وثيقة انفصال سورية عن مصر عندما قام الضباط الانقلابيون بإعلان انفصال سورية عن
مصر في 28/ 9/ 1961م بينما رفض عصام العطار- مراقب عام جماعة الإخوان المسلمين في
سورية- التوقيع على هذه الوثيقة، بالرغم من الخلاف الشديد بين الجماعة وبين عبد
الناصر، الذي نكل بالإخوان المسلمين المصريين عندما رفضوا تأييد اتفاقية عام 1954م
المجحفة بحق مصر التي أبرمها عبد الناصر مع الإنجليز بعد ذلك قام الضباط البعثيون
بانقلاب 8/ 3/ 1962م بمشاركة الضباط الناصريين وتم تشكيل أول وزارة رأسها صلاح
الدين البيطار.
وفي لقاء له مع قناة «الجزيرة» في برنامج
«أكثر من رأي» روى أحمد أبو صالح وزير المواصلات في أول حكومة بعثية بعد انقلاب
1963م كيف أن الضباط البعثيين اشتركوا في الانقلاب حتى يقطعوا الطريق على الضباط
الوحدويين الذين أرادوا الضغط على الحكومة السورية لإعادة الوحدة مع مصر بعد ذلك،
وخلال أقل من خمسة أشهر انقض البعثيون على شركائهم من الضباط الناصريين والمستقلين
فأطيح بقائد الانقلاب اللواء زياد الحريري، وهو في زيارة له إلى الجزائر، ثم أطيح
برئيس الأركان اللواء راشد قطيني، وأقصي اللواء محمد الصوفي، ثم قاموا بتصفية
شركائهم الناصريين بعد الانقلاب الفاشل في 18/ 7/ 1963م الذي نفذه العقيد جاسم
علوان، وتم بعده إعدام 27 شخصًا، كان منهم العقيد هشام شبيب والنقيب ممدوح رشيد
والمساعد بحري كلش في واحد من أكثر الانقلابات دموية في سورية، التي كان يزورها
حينذاك علي صالح السعدي العضو في القيادة البعثية العراقية، والذي قال قولته
المشهورة ماكو "ما في" دم ماكو ثورة.
وبعد هذه المحاولة الانقلابية أمسك
اللواء أمين الحافظ، الذي كان نائبًا للحاكم العرفي ووزيرًا للداخلية، بمقاليد
الحكم بيد من حديد، ورفع إلى رتبة الفريق وسمي رئيسًا للدولة، خلفًا للفريق لؤي
الأتاسي الذي استقال بعد انقلاب جاسم علوان وبهذه المحاولة الانقلابية الأخيرة
تكون قد طويت صفحة من الانقلابات التي شارك فيها البعثيون للاستيلاء على الحكم في
سورية، وفتحت صفحة الانقلابات البعثية ضد بعضهم البعض.
ثانيًا: الانقلابات التي
قام بها البعثيون ضد رفاقهم البعثيين.. انقلاب 23 فبراير 1966م:
كان واضحًا منذ البداية، أن المصالح
الفئوية والشخصية هي التي كانت تجمع البعثيين في مواجهة خصومهم من كافة التيارات
السياسية الأخرى، لذلك لم يفاجأ السوريون حين رأوا الخلافات تعصف بصفوف البعثيين
والتي زاد في لهيبها تضارب المصالح الشخصية والتي كانوا يغلفونها بأهداف ومنطلقات
ليس لها من رصيد إلا حرص كل مجموعة على مصالحها الضيقة فبعد أن دانت لهم الأمور
عقب فشل انقلاب جاسم علوان، تبلور في صفوف الطبقة البعثية الحاكمة تياران التيار
اليميني والذين أطلق عليهم فيما بعد اسم اليمين العفن، ومعظمه من البعثيين
المدنيين وكان أبرزهم رئيس الدولة الفريق أمين الحافظ ورئيس الوزراء صلاح الدين
البيطار والأمين العام للحزب ميشيل عفلق، وآخرون كان منهم شبلي العيثمي، ومنيف
الرزاز، وأحمد أبو صالح، والوليد طالب، وكثيرون كانوا يشكلون القيادة القومية في
الحزب أما التيار الآخر فهو التيار اليساري أو المجموعة العسكرية، وقد غلب عليه ما
عرف فيما بعد القيادة القطرية في الحزب وقد برز من هذه القيادة من العسكريين رئيس
الأركان اللواء صلاح جديد «علوي سرح من الجيش وعين أمينًا قطريًا مساعدًا قبل
انقلاب 23 فبراير 1966م ما عجل بقيام هذا الانقلاب»، والرائد سليم حاطوم «درزي»
والعقيد عبد الكريم الجندي «إسماعيلي» ومن المدنيين نور الدين الأتاسي ويوسف زعين
وإبراهيم ماخوس أما حافظ الأسد والذي كان قائدًا للقوات الجوية وعضوًا في القيادة
القومية، فقد بقي مترددًا، حتى آخر لحظة، في الانضمام إلى انقلاب 23 فبراير 1966م
الذي نفذه هذا التيار ضد الفريق أمين الحافظ انظر كتاب الأحزاب والحركات القومية
العربية لجمال باروت، وما لبث الخلاف أن دب بين أقطاب حركة 23 فبراير بسبب تضارب
المصالح، فقام الرائد سليم حاطوم باعتقال مجموعة من أعضاء القيادة القطرية التي
كانت تزور الجبهة يوم 8 سبتمبر 1966م وقد فشلت هذه الحركة التي حكمتها دوافع
طائفية جهوية هرب بعدها حاطوم، إلى الأردن وتم إقصاء العنصر الدرزي من التركيبة
الحاكمة.
مع شعور البعث بصعوبة حصوله على الجماهيرية الشعبية.. ركز جهده على
الوجود في القوات المسلحة حتى سيطر عليها
ولا بد أن نشير هنا إلى أن هزيمة 5 يونيو
1967م واحتلال "إسرائيل" هضبة الجولان المنيعة كان لها تأثير كبير على
الخلافات التي كانت تتفاعل ضمن صفوف أعضاء القيادة القطرية التي حكمت حزب البعث
وسورية بعد انقلاب 23 فبراير 1966م فتبودلت الاتهامات بين أعضاء هذه القيادة وأشير
بأصابع الاتهام إلى بعض المتسببين مباشرة في الهزيمة التي عرت الحزب من ثياب
الوطنية والقومية التي كان يزايد بها على الأنظمة العربية التي ناصبها العداء وما
أكثرها.
وقد أفضت مجريات الأزمة إلى جناحين
رئيسين في التركيبة الحاكمة، وظهر شرخ عميق بين الجناح العسكري الذي كان يقوده
وزير الدفاع في ذلك الوقت اللواء حافظ الأسد، والجناح الحزبي المدني الذي كان
يسيطر عليه صلاح جديد الأمين القطري المساعد واحتدم الصراع على النفوذ بين هذين
الجناحين وتم على هامشه إقصاء بعض القيادات المدنية والعسكرية، فطرد قائد الجيش
اللواء أحمد سویداني، وطرد محافظ حلب عبد الغني السعداوي.
وانتحر عبد الكريم الجندي وزير الزراعة
والإصلاح الزراعي أو هكذا أذيع، وبحلول الربع الأخير من عام 1970م كان الوضع بين
الجناح العسكري الذي يقوده وزير الدفاع حافظ الأسد، والجناح المدني الذي يقوده
الأمين القطري المساعد صلاح جديد قد وصل إلى نقطة اللا عودة ما دعا «صلاح جديد إلى
الدعوة لعقد المؤتمر القومي العاشر للحزب في نوفمبر 1970م، وقد اعتبر جناح الأسد
هذه الدعوة تحديًا سافرًا له، وكانت أهم نتائج المؤتمر إعفاء حافظ الأسد» ومصطفى
طلاس من مناصبهما ووضعهما تحت تصرف الحزب، فعاجلهم الأسد بانقلابه الذي أسماه
الحركة التصحيحية في 16/ 11/ 1970م واعتقل أعضاء القيادة القطرية وعلى رأسهم رئيس
الدولة نور الدين الأتاسي ورئيس الوزراء يوسف زعين والأمين القطري المساعد صلاح
جديد وهرب وزير الخارجية إبراهيم ماخوس إلى الجزائر وهكذا أمسك «الأسد» بمقاليد
الأمور في سورية وغيب معظم معارضيه في السجون، وهرب قسم منهم خارج القطر، ليدوم
حكمه بعد ذلك ثلاثة عقود كاملة.
ولا يعني ذلك أن الانقلابات قد توقفت
خلال هذه المدة، بل جرت عدة محاولات فاشلة لعل أبرزها المحاولة التي قام بها
الشقيق الأصغر للرئيس السابق د. رفعت الأسد قائد سرايا الدفاع التي كانت مهمتها
التصدي لأي انقلاب ضد الأسد، ففي الأسبوع الثاني من ديسمبر 1983م، دخل الأسد غرفة
العناية المشددة، وكان قد شكل من على سريره في المستشفى لجنة سداسية من أعضاء
القيادة القطرية لتسيير شؤون الدولة أثناء مرضه، ما جعل شقيقه رفعت يستعجل الأمور
فاتفق مع كبار ضباط الطائفة على أخذ زمام المبادرة، واتفقوا على جعل رفعت في مركز
القرار بدلًا من اللجنة السداسية، وقد علم «الأسد» بعد أن صحا من غيبوبته بهذا
الاتفاق- وكان قد بدأ يهيئ ابنه باسل لخلافته فاستدعى الضباط الذين تواطؤوا مع أخيه
ووبخهم، ما جعلهم ينقلبون على رفعت وقرروا تطويق مسعاه وحاولوا شق سرايا الدفاع
قبل أن يقوم رفعت بانقلابه، وإعلان نفسه رئيسًا بالوكالة، وفي 30/ 3/ 1984م تم حل
سرايا الدفاع وأعطيت لرفعت وخصومه الضباط إجازة إجبارية إلى موسكو وعندما عاد كان
قد تم احتواؤه تمامًا.
ولكن إذا كانت الانقلابات العسكرية هي
الوسيلة التي توسل بها البعثيون للوصول إلى الحكم، فقد كان أسلوبهم في الحكم في
مختلف المراحل، بعيدًا كل البعد عن الديموقراطية التي تغنوا بها، وعن الحرية التي
جعلوها الهدف الثاني من أهدافهم.
تضاربت المصالح الشخصية لقيادات البعث فبدؤوا سلسلة الانقلابات على
بعضهم حتى استولى الأسد على السلطة
فعلى الصعيد السياسي: خاض الانقلابيون
البعثيون مخاضًا عسيرًا في سبيل الخلاص من خصومهم، من الأحزاب التي نافستهم، أو من
رفاقهم البعثيين، عندما فرقتهم المصالح الشخصية المتضاربة، ولم يتورع البعض منهم
عن القيام بتصفية خصومهم جسديًا، ونذكر- على سبيل المثال لا الحصر- ما قامت به
المخابرات السورية في بداية الثمانينيات من اغتيال للإسلامي البارز نزار الصباغ في
إسبانيا، وزوجة الأستاذ عصام العطار المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين
في سورية، في ألمانيا، عندما جاءوا لاغتيال العطار ولما لم يجدوه اغتالوا زوجته
ولم يسلم الرفاق البعثيون من التصفيات الجسدية، فقد تم اغتيال اللواء محمد عمران
في بيروت، كما تم اغتيال الأستاذ صلاح الدين البيطار عام 1981م في باريس بعد ما
كتب عدة مقالات ينتقد فيها الوضع في سورية ونريد أن ننقل هنا شهادة شهود من أهلهم
تؤكد ما ذهبنا إليه.
يقول د. سامي الجندي، وزير الإعلام في
أول حكومة بعثية بعد انقلاب 8/ 3/ 1963م في كتابه «كسرة خبز»: «.. كنت أنذرهم أن
سبل الثورة باتت خطرة على نفسها وعلى الشعب وأنها ما باتت ثورة بل انقلاب شرذمة،
أدى بها الغرور والأنانية والتمسك بالحكم إلى طغيان بوليسي لا هدف له ولا رجاء منه
غير الخراب والتخريب والولوغ بالدم والشرف»، وهذا الأستاذ أحمد أبو صالح عضو
القيادة القومية ووزير المواصلات في أول حكومة بعثية بعد انقلاب مارس يقول في
برنامج «أكثر من رأي» على قناة الجزيرة يوم الجمعة 16/ 6/ 2000م إنه يأسف على كل
يوم قضاه في صفوف حزب البعث السوري.
وعلى الصعيد الاجتماعي: حاول البعثيون
تفكيك لحمة الشعب السوري بتحريض العمال على أرباب العمل، والفلاحين على أصحاب
الأراضي وشكلوا شبيبة الثورة من الطلاب والطالبات لإفساد أخلاق الجيل الناشئ.
وعلى الصعيد الاقتصادي: قام البعثيون
بإفقار منظم للشعب السوري بتطبيق قوانين اقتصادية ثبت فشلها واستشرى الفساد في
صفوف البعثيين الذين حاولوا خدمة مصالحهم فقط.
وأخيرًا لا بد أن نشير إلى أن المراقبين
الذين رصدوا البيان السياسي الذي وضع بين يدي المؤتمر القطري التاسع الذي عقد
الشهر الماضي لاحظوا بروز لهجة الاعتدال في الخطاب السياسي وشيئًا من نقد الذات
ولفت انتباههم التأكيد في البيان على أن الإسلام يشكل تراثًا وعقيدة للحزب، وهو ما
كانت المؤتمرات القطرية والقومية السابقة تؤكد على نقيضه، وما يهم المواطن السوري،
ليس إبراز هذه الشعارات إعلاميًا فقط، بل وضع هذه الشعارات موضع التطبيق، فقد مل
المواطن كثرة الشعارات البراقة السابقة في الوقت الذي كان يعاني الأمرين من الكبت
والتضييق والضائقة الاقتصادية، ولا يسعنا إلا أن نقول لعل وعسى.. والله يقول الحق
وهو يهدي السبيل(1).
____________________
(1) نُشر في العدد (1407)، 2 ربيع الآخر
1407هـ/ 4 يوليو 2000م، ص 24.