سورية تنهي حقبة الأسد
طوال سنوات حكمه، أسس نظام بشار الأسد لحقبة من القمع الممنهج والدمار الشامل، حيث واجه مطالب الشعب السوري بالحرية والعدالة بالقوة الغاشمة.
وتحولت المدن السورية إلى ساحات حرب، وهُجّر الملايين من بيوتهم، فيما تعرض الآلاف للتعذيب الوحشي في سجون النظام.
ومع تزايد البطش، اشتدت عزيمة الشعب على المطالبة بحقوقه، لتبدأ ملحمة طويلة من الصمود والمقاومة.
ومع مرور أكثر من عقد على انطلاق الثورة السورية، تُسدل الستارة على نظام بشار الأسد، الذي لطالما أحكم قبضته الحديدية على البلاد.
فجر 8 ديسمبر 2024م، دخلت قوات المعارضة العاصمة دمشق، مستعيدة السيطرة على مواقع إستراتيجية بعد انسحاب قوات النظام بشكل مفاجئ.
وأفادت وكالة «الأناضول» بأن متظاهرين اقتحموا أحياء مهمة في العاصمة، بينما انسحبت قوات النظام من مواقع إستراتيجية مثل وزارتي الدفاع والداخلية ومطار دمشق الدولي.
وفي تطور غير مسبوق، تمكنت المعارضة من اقتحام سجن صيدنايا سيئ السمعة، محررة أعدادًا كبيرة من المعتقلين الذين عانوا لسنوات من التعذيب في أحد أبرز رموز بطش النظام.
تزامنًا مع هذه الأحداث، نقلت «رويترز» عن مصادر عسكرية بأن بشار الأسد غادر البلاد على متن طائرة إلى وجهة مجهولة، فيما أكدت قيادة الجيش السوري انهيار النظام بالكامل، وسط تراجع ملحوظ في معنويات قواته.
وأعلنت فصائل المعارضة، صباح اليوم الأحد، السيطرة الكاملة على دمشق، بعد ساعات فقط من تأكيد سيطرتها على مدينة حمص، ثالث كبرى المدن السورية.
وذكرت قيادة الجيش السوري أن النظام انهار بالكامل، وسط تقارير تشير إلى تراجع حاد في معنويات القوات الحكومية.
وعلى وقع هذه الانتصارات، احتشد السوريون في ساحة الأمويين وسط دمشق، مرددين هتافات تؤكد تضامنهم مع الثورة، كما دعت فصائل المعارضة إلى ضبط النفس والحفاظ على مؤسسات الدولة، تأكيدًا على التزامها ببناء سورية جديدة لجميع أبنائها.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان المعارضة السيطرة على مناطق جديدة، من بينها مركز محافظة درعا، مهد الانتفاضة السورية، ومدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
ودعا قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، جميع القوات العسكرية إلى احترام المؤسسات العامة والحفاظ على ممتلكات الدولة، مشددًا على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة.
من جانبه، أبدى رئيس حكومة النظام محمد الجلالي استعداده للتعاون مع القيادة الجديدة، داعيًا إلى الحفاظ على مؤسسات الدولة والعمل من أجل بناء سورية لجميع أبنائها.
وقال الجلالي: هذا البلد يستطيع أن يكون دول طبيعية، دولة تبني علاقات طيبة مع الجوار ومع العالم، ولكن هذا الأمر متروك لأي قيادة يختارها الشعب السوري، ونحن مستعدون للتعاون معها بحيث نقدم لهم كل التسهيلات الممكنة.
وأضاف: سورية لكل السوريين، ونمد يدنا للمعارضين للتعاون من أجل بلدنا.
على الصعيد الميداني، جاء دخول المعارضة إلى دمشق بعد سلسلة انتصارات سريعة، شملت السيطرة على مدن حلب وإدلب وحماة وحمص، وتوجت هذه التحولات بسقوط دمشق، مما يمثل نقطة تحول كبرى في مسار الصراع السوري، الذي أرهق الشعب السوري طيلة السنوات الماضية.
تبدو سورية اليوم أمام مرحلة جديدة من تاريخها، تحمل آمالًا بإنهاء معاناة الملايين واستعادة الوطن من قبضة القمع والدمار.