شمِّروا سواعدكم.. فإن لغزة حقاً عليكم

دقت صواريخ
الحروب على قطاع غزة لنحو 15 شهراً، وهذه المدة الزمنية، وكمية الأسلحة الفتاكة،
كانت كفيلة بأن تجعل غزة في وضع كارثي صعب، لم تكن هذه الحرب الأولى، لكنها الأشرس،
وبعد حصار ما زال قائمًا منذ أكثر من 17 عامًا.
في هذه الظروف
القاسية، تبرز الحاجة الماسة إلى تضامن عربي ودولي، إذ إن لغزة على الجميع حقاً،
فالمعركة ليست فقط فلسطينية، بل إنسانية تتطلب الوقوف بجانبها بكل قوة.
معاناة
مستمرة
لم تكن هذه
الحرب واحدة فقط؛ بل سلسلة من الحروب التي حولت الأطفال والنساء والرجال وكبار
السن إلى أهداف مباشرة، حتى الأجنة في بطون أمهاتهم لم يسلموا فتم استهدافهم قبل
أن يولدوا.
عدد الشهداء من
الرجال كان ضخماً، وهو ما قابله زيادة كبيرة في عدد الأرامل والأيتام؛ ما ضاعف من
معاناة النساء اللواتي تحملن عبء المسؤولية، فقد فقدت الكثير من النساء بيوتهن،
وصار العثور على مأوى أو تأمين احتياجات الأطفال الأساسية أمرًا في غاية الصعوبة.
وتبقى مأساة
الجرحى أحد أبرز أوجه المعاناة، حيث يحتاج الكثير منهم إلى عمليات علاجية لا يمكن
إجراؤها في غزة بسبب نقص الإمكانات الطبية، في وقت تتعرض فيه المؤسسات الصحية
والطاقم الطبي للاستهداف المتعمد من الاحتلال.
أما بالنسبة
للدواء، فإن الوضع في غزة يزداد سوءًا؛ فالأدوية ليست متوفرة للجرحى فحسب، بل حتى
لمرضى الأمراض المزمنة الذين يعانون من صعوبة كبيرة في الحصول على العلاجات
اللازمة، علاوة على ذلك، شهد المرضى الذين يعانون من السرطان أكبر المعاناة، حيث
لا يتوفر العلاج، وتُغلق المعابر أمامهم؛ ما يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية.
الذين يعيشون في
غزة لا يعانون فقط من فقدان الأدوية والعلاج، بل من معركة مستمرة ضد الجوع والقصف،
مع تجاهل تام لحالاتهم الإنسانية من قبل الاحتلال، رغم ضعف أجسادهم واحتياجهم
العاجل للعلاج.
خيمة
أو كرفان
أما بالنسبة
للسكن، فالأوضاع لا تقل سوءًا، فالحديث عن إدخال كرفانات أو خيام لعائلات مهدمة
بيوتها لا يزال على استحياء، في الوقت الذي يتزايد فيه عدد الأسر التي تعيش تحت
ركام منازلها، فلا مأوى سوى الخيام أو الكرفانات التي لم تُدخل إلا بشكل محدود
جدًا مقارنة بحجم الحاجة.
وما زال البرد
القارس يضرب غزة، ففي الوقت الذي تكتب فيه هذه الكلمات، توفي 6 رضع نتيجة للبرد
الشديد.
أما عن
الاحتياجات اليومية، فهي تفوق التصور، فغزة تفتقد لأبسط المقومات، من إضاءة وأجهزة
كهربائية، حتى إن الكشافات اليدوية والبطاريات أصبحت من المفقودات، الكهرباء غائبة
منذ شهور الحرب الطويلة؛ ما يزيد من معاناة المواطنين في شحن الهواتف المحمولة
التي يعتمد عليها الكثيرون حالياً بفضل الألواح الشمسية، والماء أصبح حلمًا بعيد
المنال، وتُقضى ساعات طويلة في الطوابير للحصول على المياه الصالحة للشرب، ولا
يختلف الأمر كثيرًا في طوابير المخابز للحصول على ربطة خبز.
حق
غزة
غزة، التي خاضت
أشرس الحروب بإمكانات بسيطة وإيمان كبير بالله عز وجل، تحتاج اليوم أكثر من أي وقت
مضى إلى دعم الأمة الإسلامية والعربية، فالحاجة في غزة كبيرة وكثيرة، وما يدخل من
مساعدات غذائية لا يزال ضئيلاً للغاية.
غزة وفلسطين
ليستا مجرد وطن، بل هما عقيدة ودين؛ لذلك، فإن من الواجب على الأمة الإسلامية أن
تشمر عن سواعدها وتقدم الدعم، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثلُ
المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى
منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى».