صعود الاقتصاد النسائي.. المرأة كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي

النساء هن عصب الاستهلاك الواعي، ومحرك الاقتصاد العالمي، لطالما كانت النساء مسؤولات عن القرارات المنزلية، وفقًا للإحصاءات تؤثر النساء وتسيطر على 85% من إنفاق المستهلكين عالميًا (وهو رقم مرتفع جدًا)، ومن ثم فإن صعود «اقتصاد المرأة» قادم لا محالة؛ لذا، فإن الشركات التي تدرك وتركز على المستهلكات وقوتهن الشرائية البالغة حوالي 31.7 تريليون دولار أمريكي لديها القدرة على ربط أعمالها بهذه القوة الجبارة والوصول إلى آفاق جديدة، أما الشركات التي لا تفعل ذلك فهي معرضة للتأخر عن الركب.

تُظهر الإحصاءات اليوم تأثيرًا عميقًا للمرأة في أسواق تُقدر قيمتها بتريليونات الدولارات، أظهرت الدراسات أن النساء يؤثرن ويتحكمن في قرارات الشراء المهمة بما في ذلك(1):

- 91 % من مشتريات المنازل.

- 92 % من العطلات.

- 80 % من الرعاية الصحية.

- 93 % من المواد الغذائية والأدوية التي تُصرف دون وصفة طبية.

- 65 % من السيارات الجديدة.

- 89 % من الحسابات المصرفية.

تستحوذ النساء الآن على الحصة الأكبر من القوة الشرائية العالمية، ويتزايد التأثير الاقتصادي للمرأة في سوق الاستهلاك، ومن المتوقع أن تتحكم النساء في حوالي 75% من الإنفاق في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2028م(2).

وليست القوة الشرائية للإناث هي الآخذة في الازدياد فحسب، بل إننا نشهد أيضًا ارتفاعًا في القوى العاملة، حيث يساهمن في سوق العمل بطرقٍ أكثر جدوى من أي وقت مضى، وكلما زاد عدد النساء العاملات تنمو الاقتصادات.

وتشير التقديرات إلى أن سد الفجوة بين الجنسين قد يُعزز الاقتصاد العالمي بمقدار 7 تريليونات دولار أمريكي، كما يمكن أن يؤدي سد الفجوة بين الجنسين في التوظيف إلى زيادة نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي على المدى الطويل بنحو 20% في المتوسط في مختلف البلدان.

هذا، على الرغم من أنه تعيش واحدة من كل 10 نساء في فقر مدقع، وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فمن المتوقع بحلول عام 2030م أن تعيش ما نسبته 8% من سكان العالم من الإناث (أي 342.4 مليون امرأة وفتاة) على أقل من 2.15 دولار أمريكي يوميًا، سيعيش معظمهن (حوالي 220.9 مليون) في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى(3).

وقد أظهرت الدراسات أن رفع مستوى التحصيل التعليمي للنساء والفتيات يُسهم في تمكينهن اقتصاديًا وتحقيق نمو اقتصادي أكثر شمولًا واستدامة بيئيًا، يُعدّ التعليم، وتطوير المهارات، وإعادة التأهيل (لا سيما لمواكبة التحولات التكنولوجية السريعة التي تؤثر على الوظائف) أمرًا بالغ الأهمية لرفع الوعي واتخاذ قرارات استهلاكية مستنيرة، بالإضافة إلى زيادة فرصهن في توليد الدخل ومشاركتهن في سوق العمل الرسمي.

تميل النساء المتعلمات إلى أن يكنّ أكثر اطلاعًا على التغذية والرعاية الصحية، ويحظين بأطفال يتمتعون بصحة أفضل، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنه مقابل كل سنة إضافية من تعليم الأم، ينخفض احتمال وفيات الرضع بنسبة 5-10%.

كما تشير الأبحاث إلى أن النساء أكثر ميلاً للانخراط في ممارسات الاستهلاك المستدام مقارنة بالرجال، لأنهن غالبًا ما يكنَّ أكثر مسؤولية اجتماعية ووعيًا بيئيًا، ويقضين وقتًا أطول في البحث عن معلومات حول الاستهلاك المستدام والبدائل المستدامة مقارنة بالرجال؛ ما يؤدي إلى تغييرات إيجابية في سلوكهن الاستهلاكي وأولوياتهن.

لذا، فإن تشجيع الشمول الاقتصادي العادل بين الرجل والمرأة، وتحقيق التمكين الاقتصادي يقوي المجتمعات ويدفعها نحو تعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات، ويتحقق التمكين الاقتصادي للمرأة من خلال ضمان مشاركتها على قدم المساواة في العمل اللائق والحماية الاجتماعية والاستفادة منهما، والوصول إلى الأسواق والتحكم في مواردها ووقتها، وتعزيز قدرتها على اتخاذ القرارات الاقتصادية ومشاركتها الفاعلة في صنع القرار الاقتصادي على جميع المستويات، من الأسرة إلى المؤسسات الدولية.

وقد شهدت مبادرات دعم النساء في العالم العربي تقدماً ملحوظاً، حيث تزايدت المبادرات لدعم المرأة العربية اقتصاديًا، مثل برامج التمويل لرائدات الأعمال، والمبادرات التي تدعم المساواة في الأجور والعمل في القطاع الخاص، على سبيل المثال:

- أطلقت البحرين الإستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية عام 2024م، بهدف تحقيق المساواة والتوازن بين الجنسين، بالإضافة إلى ترسيخ مبادئ تمكين المرأة وتعزيز دورها الاجتماعي وتوسيع مساهمتها في ريادة الأعمال، خاصة بين النساء في مرحلة الشباب.

- عقدت الإمارات العربية منتدى المرأة العالمي 2024م في مدينة دبي، تحت عنوان «قوة التأثير» حيث ركز المنتدى على دور المرأة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتمكين المرأة اقتصاديًا وتعزيز المساواة بين الجنسين.

- ونظمت الكويت مؤتمرًا إقليميًا بعنوان «المرأة العربية والسلام والأمن.. التحديات أمام النساء في المنطقة العربية»؛ بهدف مناهضة العنف ضد المرأة والطفل في النزاعات المسلحة، بالتركيز على معاناة النساء في قطاع غزة.

- وعززت السعودية دور المرأة من خلال سن قوانين وسياسات تمكين جديدة ضمن رؤيتها 2030م، حيث تعمل على رفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل، بالإضافة إلى إطلاق برامج لدعم ريادة الأعمال وتوفير الفرص التعليمية والمهنية للنساء في المملكة(4).

- كما صاغت مصر الإستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030م، وتسعى الإستراتيجية إلى تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة، من خلال تنمية قدرات المرأة بهدف توسيع خيارات العمل المتاحة، وزيادة مشاركة المرأة في قوة العمل، بالإضافة إلى تحقيق تكافؤ الفرص في توظيف النساء في كافة القطاعات، ومنع الممارسات التي تكرس التمييز ضد المرأة أو التي تضر بها.

رغم أن النساء مستهلكات بطبيعتهن، فإن نساء اليوم مستهلكات متعلمات وواعيات، تجمعن المعلومات، وتتخذن قرارات مدروسة بشأن مشترياتهن واستهلاكهن، بما يشكل أنماط استهلاك أكثر استنارة ومسؤولية واستدامة، ليس فقط على مستوى الفرد والأسرة، بل على مستوى المجتمع ككل.





_________________________

(1) Marlowe, Tracy. (2024). The She-economy’s Rise: Women as Key Drivers of Economic Growth, Diversity & Inclusion in Business, November 12, 2024. At: https://eonetwork.org/blog/sheconomy-rise-of-women-as-key-drivers-of-economic-growth/

(2) Carter, Sandy. (2024) Who Runs the World? Women Control 85% Of Purchases, 29% Of STEM Roles, FORBES DIGITAL ASSETS, Mar 07, 2024 At: https://www.forbes.com/sites/digital-assets/2024/03/07/who-runs-the-world-women-control-85-of-purchases-29-of-stem-roles/?sh=27ecccec15d8

(3) UN Women, Facts and figures_ Economic empowerment _ UN Women – Headquarters, (February 2024). Available at: https://www.unwomen.org/en/what-we-do/economic-empowerment/facts-and-figures

(4) فهمي، فيولا. (2024). "رغم الحروب والتحديات.. عام 2024 يشهد تقدماً ملموساً في دعم وتمكين المرأة العربية"، ديسمبر 2024، متاح على:

https://jusoorpost.com/ar/posts/50259/rghm-alhrob-oalthdyat-aaam-2024-yshhd-tkdma-mlmosa-fy-daam-otmkyn-almra-alaarby

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة