صمود المقاومة الفلسطينية دمر معادلة الردع الصهيونية
كثيرة هي المعادلات التي غيرها العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وهي بكل تأكيد حققت فيها المقاومة نصراً وصموداً أسطورياً في وجه الاحتلال، وهزت كيانه وضربته في العمق، رغم الإمكانات البسيطة في التسليح للمقاومة، ولكنها إرادة الصمود والثبات، حيث شلت المقاومة الحياة في كل المستوطنات والمدن على بعد عشرات الكيلو مترات من غزة، وأوقعت خسائر بشرية ومادية جسيمة به، ودمرت ما تسمى قوة الردع الصهيونية، التي طالما تغنى بها الاحتلال.
خلف: الاحتلال في ورطة وما قبل العدوان على غزة ليس كما بعده وسيكتب التاريخ عن ذلك
مشاهد الدمار الهائل التي أحدثها الاحتلال في قطاع غزة، واستهداف الأبراج السكنية والبنية التحية، وارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء يدلل على إفلاس بنك أهدافه، وعملية التدمير هي لخلط الأوراق، والبحث عن نصر مزعوم على غزة المحاصرة.
مرحلة جديدة
عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين محمود خلف أكد لـ"المجتمع" أن الاحتلال ارتكب جرائم حرب ضد قطاع غزة واستهدف الأطفال والنساء والشيوخ ودمر مئات المنازل، وهذا يستوجب ملاحقته على جرائمه، لافتاً إلى أنه أمام ترسانة الاحتلال التي تقوم بقصف قطاع غزة على مدار الساعة، انتصرت قوى المقاومة، وشكلت أسطورة في الصمود، وهي تصد العدوان بكل ثبات.
وأكد خلف أن هذا العدوان شكل صموداً وعنواناً بارزاً في الحركة الوطنية الفلسطينية، مشيراً إلى أن الاحتلال في ورطة، وأن ما قبل العدوان ليس كما بعده، وسيكتب التاريخ عن ذلك.
العمور: رغم ضعف إمكانيات المقاومة فإنها أسقطت وهم القوة "الإسرائيلية" وأجبرت العالم كله على الوقوف والتعلم من غزة
غيرت معادلات كثيرة
الكاتب والمحلل السياسي ثابت العمور قال لـ"المجتمع": إن "هذه الجولة فرضت وستفرض وستفضي لمجموعة متغيرات ومعطيات جديدة في المنطقة، أهمها أن غزة مرغت أنف الاحتلال، وأن المقاومة التي هي تصنف أقل حتى من فاعل غير دولي في المعادلة الدولية، أسقطت وهم القوة "الإسرائيلية"، وأجبرت العالم كله على الوقوف والتعلم من غزة".
وتابع: ليس نحن فقط من يقرأ إحداثيات وحيثيات هذه المواجهة بل المحيط كله، وكل الجبهات تقرأ ماذا فعلت غزة وبضع فتية فيها بالاحتلال، بل إن الذين مروا إلى التطبيع الآن يقفون ويعيدون حساباتهم"، ولفت العمور إلى أن وهم القوة "الإسرائيلية" انتهى بلا رجعة، وأن غزة تضع بصمتها الآن في خارطة الشرق الأوسط، ولا يمكن استبعادها أو إسقاطها.
وأكد العمور أن أي اتفاق تهدئة سيكون بشروط المقاومة لا بشروط الاحتلال إطلاقاً، ولن يقتصر على غزة أو الضفة أو القدس بل سيكون أول اتفاق تهدئة في تاريخ القضية الفلسطينية يتعلق بفلسطين كل فلسطين ككتلة واحدة، لافتاً إلى أن هذه الجولة أعادت ترتيب المشهد الفلسطيني بامتياز، وأفضت لعملية إعادة التشغيل لمكونات الحركة الوطنية بل إنها أخرجت بعضها من المعادلة.
وبين العمور أن هذه الجولة من الاشتباك أفضت لإحداث نكسة في عملية ومشاريع التطبيع، وأن هذا التطبيع كان السلم الإستراتيجي الوحيد لنتنياهو الذي يستدعيه ويعول عليه، ويتبجح به من بين رؤساء وزراء الكيان فعطلته هذه الجولة وأوقفته، علماً بأن بايدن لم يختلف عن ترمب في موضوع التطبيع وكان يريده أن يستمر ويتمدد.
التلولي: هذه المعركة تختلف عن سابقاتها فهي معركة القدس التي يتآلف عليها الشعب الفلسطيني
أعادت الزخم العالمي للقضية
من جانبه، قال الخبير الإستراتيجي شفيق التلولي لـ"المجتمع": إنه بعد هذه الفترة من العدوان على قطاع غزة ما زال الشعب الفلسطيني يسطر أروع آيات الصمود والتضحية والفداء، متسلحاً بالإرادة والإصرار والثبات في المعركة رغم ما يتعرض له من حرب ضروس وشعواء وجرائم صهيونية عنصرية، تُرتكب بحقه طالت الشجر والحجر والبشر، وسحقت أبراجاً ومنازل على رؤوس ساكنيها، وقتلت ما يزيد على 215 شخصاً جلهم من النساء والأطفال ارتقوا شهداء بلا ذنب اقترفوه بحجة أن حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" تضرب أهدافا للمقاومة حددتها لتفضح المجازر المرتكبة بحق العائلات الفلسطينية التي قصفت وقتلت بالجملة هذا الادعاء الكاذب الذي يدل على تخبط الاحتلال وإفلاسه.
وأكد التلولي أن هذه المعركة تختلف عن سابقاتها من حيث ضراوتها ومعطياتها وتداعياتها، فهي معركة القدس التي يتآلف عليها الشعب الفلسطيني، ويجمع عليها ومكوناته السياسية كافة، من هنا تصر المقاومة على مواجهة آلة الحرب الصهيونية في كل مكان من أماكن الوطن والشتات.
وأشار التلولي إلى أن المعركة الدائرة رحاها وضعت القضية الفلسطينية من جديد في الصدارة، وعلى المائدة الدولية التي تحاول كل من الإدارة الأمريكية وحكومة الاحتلال "الإسرائيلي" الالتفاف عليها، من خلال مصادرة قرار مجلس الأمن الدولي الذي تحُول الإدارة الأمريكية دون استصدار قرار يدين "إسرائيل" وينهي عدوانها على غزة وكل الأراضي الفلسطينية، مؤكداً أن كل المؤشرات تشير إلى أن شعبنا الفلسطيني سينتصر على هذا العدوان بوحدته الوطنية التي باتت تتجلى في كل ساحات المواجهة على امتداد الوجود الفلسطيني وسيجبر العالم على وقف تلك الجريمة النكراء بحق شعبنا الفلسطيني التي ترتكبها حكومة الاحتلال "الإسرائيلي".