طبيبة الأسنان ترتل القرآن

أمين حميد

24 سبتمبر 2025

23

سيناريو: أمين حميد

رسوم: عصام الشرقاوي 


لطالما حذرت الأم ابنتها سعاد من مغبة الإكثار من أكل الحلوى، خاصة قبل النوم، لكن سلوى لم تكن تأبه لهذه التنبيهات المتكررة فتلتهم كل ما يقع تحت يدها من حلوى بشراهة، وأحياناً تخلد للنوم وآثار بعض الحلوى في فمها، دون أن تقوم بتنظيف أسنانها جيداً قبل أن تنام!

وفي صبيحة أحد الأيام، صحت سعاد على ألمٍ شديد أيقظها قبل موعد الاستيقاظ اليومي، وهي تصرخ وتنادي أمها والدموع تتساقط من عينيها من شدة الألم:

أمي.. أمي.. أسناني تؤلمني.. أسناني تؤلمني، أحس كأن هناك من يغرس مسامير تحت أسناني وأضراسي!

حاولت الأم التهدئة من روع ابنتها وأخبرتها أن هذا ألم عابر سيزول بعد قليل.

لكن الألم لم يخف، بل أخذ يزداد حتى لم تعد سعاد تستطيع أن تضع شيئاً في فمها.

قررت الأم أخذها إلى الطبيبة التي تعرفها من أيام الدراسة، فحملت سعاد بلطف إلى السيارة واتجهت بها إلى العيادة.


ودخلت سعاد العيادة وهي تصرخ من شدة الألم.

سألت الطبيبة والدة سعاد عن سبب الألم ومتى بدأ؛ فأخبرتها الأم بكل التفاصيل.

أصعدت الطبيبةُ سعادَ إلى سرير العلاج، وقبل أن تشرع في فحص أسنانها قالت لها: أولاً عليك يا سعاد أن تتعودي على الصبر، ولا تبالغي في رفع صوتك بالشكوى والبكاء، فإن المسلم قوي أمام الابتلاء وهو يتقرب إلى الله بالصبر حتى ينال الأجر العظيم للصابرين وحتى يكون ممن يحبهم الله، فإن الله يحب الصابرين.

وأخذت تتلو على مسامعها بصوت جميل وترتيل متقن آيات الصبر، كقول الله تعالى: (كَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 146)، وقول الله تعالى: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) (الأحزاب: 35).

اندهشت سعاد من حفظ الطبيبة لكتاب الله وحسن ترتيلها لآياته! فسألتها باستغراب: هل درستِ الطب يا دكتورة، أم درست القرآن الكريم؟!

ردت الطبيبة ببسمة تفيض حناناً: درستهما معاً.

قالت سعاد: وكيف استطعتِ التوفيق بينهما؟

قالت الطبيبة: وهل تصدقين أن حفظ القرآن الكريم وتعلّم سُنة نبينا صلى الله عليه وسلم يؤثر سلباً على دراستنا؟

قالت سعاد: أسمع كثيراً من صديقاتي يتعذّرن في تركهن تعلم القرآن الكريم بحرصهن على الدراسة.

التفتت الطبيبة إلى أم سعاد وهي تقول لسعاد: اسألي أمك من هن أذكى الطالبات اللاتي كن معنا في المدرسة؟

دون تردد قالت الأم: لقد كانت الدكتورة هي ورفيقاتها في تعلم القرآن هن الأُوليات في المدرسة، وعندما نعود إلى البيت سأريك صور حفلات التكريم التي كان اسم الطبيبة لا يغيب فيها طوال السنوات.

ابتسمت سعاد بسمة مخلوطة بالألم وقالت للطبيبة: بسرعة يا دكتورة، عالجي لي أسناني حتى أشرع في حفظ الله كتاب الله من أجل أن يساعدني على التفوق؛ لأني أنا أيضاً أريد أن أكون مثلك طبيبة تعالج الإنسان وتحفظ القرآن.


الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة