24 فبراير 2025

|

عائشة أبو ناصر.. صمود أسطوري أفشل التهجير

لا تستغرب من صمود غزة رغم شراسة الحرب ودمارها الهائل الذي أصاب البشر والشجر والحجر، فقد طال كافة مناحي الحياة في غزة العزة، لكنه حقيقة عجز أن يقترب من ثبات عائشة أبو ناصر (أم أيمن) (50 عاماً) زوجة شهيد وأم الشهداء وشقيقة الشهداء والأسرى.

مسافة طويلة

سارت على قدميها مشياً رغم مرضها من الجنوب إلى شمال غزة بمسافة تزيد على عشرات الكيلومترات دون توقف، لتصل إلى بيتها الذي أصبح ركاماً بفعل صواريخ الاحتلال.

صمود عائشة لم يكن عادياً، فقد أفشل بثباتها كافة مخططات الاحتلال بالتهجير رغم فقدانها منزلها والعيش تحت الركام بدون أدنى مقومات الحياة، إلا أن ارتباطها بأرضها كان أكبر من كافة المؤامرات التي تُحاك ضد غزة.

صمود أسطوري

حينما تتحدث عائشة، تجعل القلب ينتعش بحجم الإيمان والصبر والصمود الذي تتحلى به، كلماتها وتطبيقها العملي لذلك يؤكد أن غزة عصية على الانكسار بإذن الله تعالى.

حجم الصبر والاحتساب في قلبها أكبر بكثير من أن تصفها كلمات، فحكايتها لم تكن مجرد قصف منزلها الذي بنته مع زوجها بسنوات طويلة، فقد تجاوزت هذه المرحلة بالاحتساب والصبر.

وكانت تهون على زوجها وتشد من أزره، فكله في سبيل الله تعالى، كانت تأنس بدفء عائلتها وتهون عليهم المصاب.

ولم تكن تعلم أن أنيسها، ورفيق عمرها لسنوات طويلة ما هي إلا أيام قليلة وسوف ترثيه بكثير من الصبر، فكان أشق عليها من صبرها على بيتها، خاصة حينما يكون الوداع لزوجها ونجلها الأول وبعد فترة ليست بعيدة من وداع نجلها الثاني وحفيدتها، كان وداعاً صعباً على قلبها، لكن رباط الله تعالى على فؤادها بالصبر الجميل جعلها أكثر قوة وثباتنا.

هجرة الجنوب

ارتحلت قسراً إلى الجنوب، فكانت الهجرة الداخلية قاسية على قلبها كثيراً، فكيف لها أن تترك شمال غزة، ففيه ولدت وفيه تزوجت وأقامت، وجميع ذكرياتها بداخل بيتها وأحيائها.

جيرانها وأهلها وأحبتها وشوارعها وكل شبر في شمالها جعل من خطواتها إجبارية متثاقلة، وزادت معاناة صبرها حيث استشهد شقيقاها وأسر بعضهم.

العودة إلى غزة

ورغم مرضها، فإن كل التعب ذهب عن جسدها بمجرد أن سمح لها بالعودة إلى غزة، فقدت سارت على الأقدام وهي صائمة مسافة طويلة تجاوزت 10 كيلومترات، رغم أنها تعلم أن بيتها قصف، لكنها لن تتنازل عن العودة حتى وإن عادت تحت ركام البيت أو خيمة.

وحملت رسالة للعالم أجمع: «ما في بعد بلادنا حتى وإن كانت ركاماً، ولن نهاجر ونترك غزة بإذن الله تعالى صامدين محتسبين صابرين».

صبرها الجميل أثلج الصدر بأن غزة قوية وستعود بإذن الله تعالى أفضل، وستفشل كل مخططات التهجير، فإذا كان هذا صمود امرأة، فكيف صمود غزة ورجالها ومقاومتها؟!


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة