«مادلين» سفينة إغاثة ثانية من إيطاليا.. هل تنجح في كسر حصار غزة؟

سيف باكير

02 يونيو 2025

175

في مشهد إنساني مؤثر يُجسّد ضمير الشعوب الحية، أبحرت سفينة «مادلين» من ميناء كاتانيا الإيطالي، أمس الأحد، حاملة على متنها شحنة رمزية من المساعدات الإنسانية، إلى جانب 12 ناشطًا ومؤثرًا من جنسيات مختلفة، متحدّين الحصار الصهيوني المفروض على قطاع غزة، وموجّهين صرخة ضمير في وجه الصمت الدولي المطبق.

تندرج هذه الرحلة ضمن مبادرات «تحالف أسطول الحرية»، وتأتي بوصفها رسالة تحدٍّ أخلاقي للمجتمع الدولي الذي يقف عاجزًا أمام حرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون إنسان في قطاع غزة، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما جاء في بيان رسمي للتحالف.

«مادلين».. الاسم والرمز

رغم أن طولها لا يتجاوز 18 مترًا، تحمل «مادلين» في رحلتها رمزية تفوق حجمها بكثير، فهي السفينة رقم (36) ضمن جهود «أسطول الحرية»، وتحمل اسم الشابة الفلسطينية مادلين كلّاب، أول وأصغر فتاة احترفت مهنة صيد الأسماك في غزة، في تحدٍّ مزدوج للاحتلال ولقيود المجتمع، وسعي لكسب قوت عائلتها المحاصرة.

بذلك، لا تُمثّل «مادلين» مجرد قارب إغاثة، بل رمزًا لمعاناة الصيادين الفلسطينيين، ولدور النساء في خط الدفاع الأول عن الحياة في وجه الحصار.

مَن على متن «مادلين»؟

ضمّت السفينة ناشطين بارزين ومؤثرين عالميين، بينهم: ليام كانينغهام، الممثل الأيرلندي المعروف بمواقفه المناهضة للظلم والاحتلال، وغريتا ثونبرغ، الناشطة السويدية المعروفة عالمياً التي قالت قبيل الإبحار: «نحن نشهد تجويعًا ممنهجًا لمليوني إنسان في غزة، لا يمكن للعالم أن يقف متفرجًا، علينا جميعًا مسؤولية أخلاقية لفعل ما نستطيع من أجل فلسطين حرة».

كما شاركت عضوة البرلمان الأوروبي ريما حسن، التي أكدت من على متن السفينة: «الصمت ليس حيادًا، وإنما تواطؤ، يُقتل الفلسطينيون ويُجَوَّعون، والعالم يراقب بصمت، هذه السفينة لا تحمل فقط مساعدات، بل تحمل مطلبًا: أوقفوا الحصار، أوقفوا الإبادة».

وكانت الناشطة نيكول جينيس، التي سبق أن شاركت في طاقم سفينة «الضمير»، من أوائل من أعلنوا عن انطلاق «مادلين» عبر منصة «إكس»، مؤكدة سلمية الرحلة، وشرعيتها القانونية، ومحذّرة من خطورة استمرار الصمت الدولي على أرواح الأبرياء في غزة.

رسالة السفينة: لن نترك غزة وحدها

تحمل «مادلين» شحنة رمزية من حليب الأطفال، وإمدادات طبية، ومؤن أساسية، أرفقها المتبرعون برسائل مكتوبة بخط اليد تعبّر عن التضامن، والأمل، والصمود، لكن الرسالة الأهم، كما يصرّ النشطاء، ليست ما تحمله السفينة من مواد، بل ما تنقله من موقف سياسي وإنساني: لن نترك غزة وحدها، ولن نصمت على الجريمة.

وفي بيان رسمي، شدد «تحالف أسطول الحرية» على أن الرحلة سلمية تمامًا، وغير مسلحة، وتتماشى مع القانون الدولي، وأن أي تدخل عسكري ضدها يُعد عدوانًا متعمدًا على مدنيين عُزّل.

وقال البيان: «مادلين» تُبحر عبر المياه الأوروبية والدولية باتجاه السواحل الفلسطينية، وتحمل فقط مواد غذائية وطبية، لا تشكّل أي تهديد أمني، وأي اعتداء عليها يُعد انتهاكًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

ودعا التحالف حكومات العالم إلى تأمين ممر بحري آمن للسفينة، وحثّ وسائل الإعلام على تغطية الحدث بشفافية ومهنية، مطالبًا الشعوب الحرة برفع صوتها في وجه الحصار، والوقوف إلى جانب أهل غزة في محنتهم.

«الضمير» في الذاكرة.. والعدوان في الأفق

تأتي رحلة «مادلين» بعد أقل من شهر على الهجوم الصهيوني الذي استهدف سفينة «الضمير»، التابعة أيضًا لتحالف «أسطول الحرية»، أثناء إبحارها في المياه الدولية قرب مالطا.

ووفق التحالف، فقد تعرّضت السفينة لهجوم بطائرة مسيّرة «إسرائيلية»؛ ما أدى إلى اندلاع حريق وثقب في الهيكل، واضطر الطاقم إلى طلب المساعدة.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف مالطا» بأن طائرة عسكرية «إسرائيلية» حلّقت لساعات فوق موقع الحادث، ما اعتُبر تمهيدًا لهجوم متعمد على قارب إنساني لا يحمل أي طابع عسكري، وفق ما نقلته وكالة «الأناضول».

الاحتلال وتجويع غزة.. سياسة إبادة ممنهجة

منذ إغلاق معابر غزة بشكل شبه تام في 2 مارس الماضي، ومنع دخول المواد الغذائية والطبية، يعيش القطاع واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة أن سلطات الاحتلال تتبع سياسة تجويع متعمدة، تمهيدًا لتهجير قسري جماعي، وهو ما يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان.

وفي ظل هذا الحصار، ومع القصف «الإسرائيلي» اليومي، ارتكب الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023م مجازر وصفت بأنها «جرائم إبادة»، راح ضحيتها أكثر من 178 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين.

ويؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن الاحتلال يتبع سياسة تجويع ممنهجة تهدف إلى التهجير القسري، في انتهاك صارخ للقانون الدولي، وخرق لكل المواثيق الإنسانية.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة