13 فبراير 2025

|

غزة أم ريفييرا؟!

د. جاسم الشمري

10 فبراير 2025

5504

 

 

ريفييرا، (Riviera)، هي كلمة إيطالية تعني "الساحل"، وهنالك مدينتان تعرفان بهذا الاسم في فرنسا وإيطاليا، ويُمكن أن يُطلق مسمى "ريفييرا" على أي ساحل يمتاز بالأجواء المشمسة والهدوء والموقع الاستراتيجي، ولهذا فإن تسمية "ريفييرا" تطلق على عدة سواحل "مميزة" في مصر وتركيا والمكسيك والصين والولايات المتحدة وغيرها!

 

وهذه الأيام عادت "ريفييرا" للواجهات الإعلامية والسياسية ليس لكونها منطقة ساحلية تجذب السياح وتدر ملايين الدولارات، ولكن كونها تُشير لمشروع "أمريكي – إسرائيلي" خطير لا يقل خطورة عن سايكس بيكو!

 

ويبدو أن "ريفييرا" (الفرنسية والإيطالية) المليئتان بالمشاريع العملاقة دفعت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رجل الأعمال الملياردير، إلى القول يوم 5 فبراير/شباط 2025م بأن أمريكا ستتولى السيطرة على غزة، وأن المشاريع الاقتصادية المزمع إجراؤها ستحول المنطقة إلى "ريفييرا" الشرق الأوسط!

 

وهذا المشروع "الخرافي" يدعو لتهجير أهالي غزة إلى الأردن ومصر. ورغم الرفض الرسمي والشعبي الأردني والمصري للمشروع فإن الرئيس ترامب أكد لأكثر من ثلاث مرات بأنهما، الأردن ومصر، سيفعلان ما قاله، وبأن جميع سكان غزة سيهجرون إلى هذين البلدين!

 

ويبدو أن المقترح غير المنطقي والمعارض للقوانين الدولية والإنسانية والأخلاقية، الذي تزامن إعلانه مع زيارة نتنياهو للبيت الأبيض، قد يكون من المقترحات "الإسرائيلية" التي أرسلت لواشنطن قبل زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة بداية الشهر الحالي!

 

والهدف من هذا المقترح تخليص "إسرائيل" من سطوة المقاومة الفلسطينية بعد فشلها في تقليص قدراتها بعد 15 شهرًا من القتال المرير في غزة! 

 

وسبق لنتنياهو أن قال يوم 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2024م، بأن "حركة حماس لن تحكم غزة بعد انتهاء الحرب، وأن "إسرائيل" دمّرت القوة العسكرية للحركة"!

 

‏وهنالك عشرات الأدلة التي تؤكد تورط "إسرائيل" وموقفها الصعب بعد طوفان الأقصى، وسنكتفي بتصريحات هامة جدًا لوزير الدفاع "الإسرائيلي" السابق "يوآف غالانت" يوم السابع من شباط/فبراير 2025م، وقوله: "نتنياهو أخبرني أن آلاف الجنود سيموتون في ‎غزة"!

 

وتحاول "إسرائيل" بهذا المشروع الحفاظ على ما تبقى من "ماء وجهها" بعد أن توعدت بإنهاء المقاومة الفلسطينية لعشرات المرات وجميع وعودها فشلت، وقوبلت بمقاومة نادرة وباسلة!

 

وأخيرًا نقل موقع والا "الإسرائيلي"، يوم 7 شباط/فبراير الحالي، عن مسؤولين أمريكيين و"إسرائيليين" أن نتنياهو أكد خلال محادثاته قبل أسبوع في واشنطن عزمه الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق غزة بشرط "تخلّي حماس عن السلطة في غزة، ومغادرة كبار قادتها إلى الخارج"!

 

وهذه أدلة مؤكدة على أن المقترح الأمريكي هو في الأصل مقترح "إسرائيلي"، ومع ذلك، ونتيجة للرفض الكبير العالمي والعربي والفلسطيني، فقد تراجعت واشنطن خطوة إلى الوراء في خطتها "الجنونية!"

 

وأكد الرئيس ترامب يوم الجمعة 7 شباط/فبراير الحالي أنه "لا داعي للعجلة بشأن تنفيذ خطة غزة التي أعلن عنها"!

 

ورغم أن التراجع الأمريكي ليس نهائيًا، لكنه دليل قطعي على أن ملحمة "طوفان الأقصى" أنعشت القضية الفلسطينية في أرجاء المعمورة، وصارت فكرة القضاء عليها مرفوضة حتى من بعض الدول الغربية المؤيدة لـ "إسرائيل" والمساندة لها!

 

إن المشاهد المنقولة للعالم من غزة المدمّرة، وصور التشبث بالأرض تؤكد الثبات الفلسطيني بالوطن، وهي الرسالة الأقوى لواشنطن وتل أبيب، والتي فحواها بأن غزة، وهي مهدمة، أجمل من "ريفييرا" بناطحاتها وبناياتها الشاهقة وقدراتها الاقتصادية والسياحية!

 

غزة بالنسبة لأهلها، ورغم الخراب شبه التام، أجمل مدن الأرض، ولن يساوموا على مستقبلها ومصيرها وتاريخها، وإلا لما كانت هذه الفاتورة العالية من التضحيات!

 

اتركوا غزة لأهلها، ولا تعبثوا مع الفلسطينيين بمخططات غير قابلة للتطبيق!

 

غزة هي جوهرة الشرق الأوسط، وقرة عيون الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وهي عنوان البطولة والرجولة وليست عنوانًا للخنوع والميوعة مثل "ريفييرا"!

 

 


كلمات دلاليه

تابعنا

أحدث المقالات

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة