غزة في رمضان.. معركة بقاء تحت حصار خانق وجوع متفاقم

في جريمة حرب جديدة تزيد من تفاقم المأساة الإنسانية، يواصل الاحتلال الصهيوني إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود إلى قطاع غزة، لليوم الحادي عشر على التوالي، ما يهدد حياة 2.4 مليون إنسان في ظل كارثة إنسانية متفاقمة.
منذ بداية شهر رمضان، يشهد قطاع غزة منعًا تامًا
لدخول المساعدات الإنسانية، بينما المجاعة تدق أبوابه مجددًا، وفي ظل هذا الحصار
يبحث الأطفال عن الطعام وسط أكوام القمامة، بينما العالم يكتفي بالمشاهدة، يراقب
المأساة دون اتخاذ أي إجراء حاسم!
ومع استمرار هذه الجرائم، يُطرح السؤال مجددًا: متى
سيتحرك الضمير الإنساني قبل أن تتحول غزة إلى مقبرة جماعية؟
تحذيرات من
كارثة إنسانية ومجاعة جديدة
حذرت وزارة التنمية الاجتماعية في غزة من خطورة اتساع
دائرة المجاعة مجددًا بسبب منع الاحتلال دخول المساعدات الإنسانية، مشيرةً إلى أن
الاحتلال لا يلتزم بالمواثيق الإنسانية الدولية، بل يمعن في سياسته عبر منع القطاع
الخاص من العمل، وتدمير الأراضي الزراعية والبنية التحتية.
وأكدت الوزارة، في بيانٍ اطلعت عليه «المجتمع»، أن
وقف دخول المساعدات ينذر بكارثة إنسانية وعودة المجاعة، حيث يعتمد أكثر من 2.4
مليون مواطن على تلك المساعدات كمصدر وحيد للغذاء، في ظل عدم توافر أي مخزون غذائي
للأسر نتيجة استمرار الحصار الصهيوني.
وأوضحت الوزارة أن منع دخول المساعدات يعني:
- توقف
المخابز بسبب نفاد الطحين والوقود.
- انعدام
غاز الطهي، ما يجعل تحضير الطعام مهمة شبه مستحيلة.
- تعرض أكثر من 289,824 طفلًا و139,764 مسنًا لخطر
الموت جوعًا وبردًا، لعدم توافر الغذاء والأغطية ووسائل التدفئة.
- تفاقم أزمة الإيواء مع استمرار الاحتلال في منع
إدخال الخيام، مما يترك آلاف العائلات بلا مأوى.
وناشدت الوزارة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل
العاجل لوقف هذه الإجراءات التعسفية، مؤكدة أن ما يحدث جريمة تتنافى مع كل الأعراف
والقوانين الدولية.
من جانبه، أكد المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة
لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، أن منع «إسرائيل» دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع
غزة يتنافى مع مسؤولياتها بموجب القانون الدولي.
وأضاف: إن «إسرائيل»، كقوة احتلال، ملزمة بتوفير
الغذاء والإمدادات الطبية للسكان وضمان وصول المساعدات دون عوائق. ووصف قرار بوقف
المساعدات بـ(غير المقبول) وينتهك الالتزامات الدولية، محذرًا من تداعيات زيادة
أسعار المواد الغذائية وانتشار الجوع، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يشكل عقابًا
جماعيًا ويهدد حياة المدنيين، وفق ما نقلت وكالة الأناضول.
أصوات من غزة:
"إنها حرب تجويع ممنهجة"
ناشطون من غزة أطلقوا نداءات استغاثة، محذرين من
خطورة الموقف، حيث وصف الأكاديمي الفلسطيني نائل بن غازي الوضع بقوله: أقسم بالله
إنها حرب تجويع! المعابر مغلقة، الأسواق فارغة، والأسعار وصلت إلى مستويات خيالية..
نحن نعيش أسوأ فصول الخذلان المرعب.
أما الناشط تامر فقال: حرب التجويع تتفاقم، والكارثة
تتفاقم، بينما لا يوجد أي تحرك جدي لوقف إسرائيل عن قتل أهل غزة جوعًا، بدعم أميركي،
وفي شهر رمضان المبارك!
وتساءل: ما فائدة خطط منع التهجير إن لم يتم توفير
الطعام، وهو أساس البقاء على قيد الحياة! رغم أن العرب يمتلكون أدوات ضغط مهمة على
الأمريكيين لوقف التطهير العرقي؟!
كما أكد الصحفي أنس الشريف، مراسل الجزيرة في غزة، أن
الوضع الإنساني كارثي، قائلًا: لا تنخدعوا بصور الإفطارات هنا وهناك، فغزة محاصرة،
معابرها مغلقة بالكامل، والمساعدات ممنوعة، سكانها بلا مأوى، بلا طعام، بلا ماء
نظيف، بلا مستشفيات، بلا مدارس، بلا كهرباء… فقط دمار وجوع وأمل محاصر بين الركام.
الاحتلال يقطع
الكهرباء بالكامل ويلوّح بوقف المياه
في تصعيد خطير، أعلن الاحتلال الأحد الماضي وقف تزويد
قطاع غزة بالكهرباء بشكل كامل، رغم أنها قطعتها منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.
جاء القرار على لسان وزير الطاقة الصهيوني إيلي
كوهين، الذي قال في تصريح متلفز: سوف نستخدم كل الأدوات المتاحة لدينا لإعادة
الرهائن، وضمان عدم وجود حماس في غزة بعد انتهاء الحرب. وفق ما نقل موقع بي بي سي
عربي.
وأكدت حكومة الاحتلال أنها لا تستبعد وقف إمدادات
المياه أيضًا، ما يعني أن القطاع مقبل على أسوأ كارثة إنسانية في تاريخه.
ويرى مراقبون فلسطينيون أن قرار الاحتلال بقطع
الكهرباء عن قطاع غزة يأتي في إطار محاولاته للضغط على حركة المقاومة الإسلامية
(حماس) من أجل إطلاق سراح الأسرى الصهاينة لدى المقاومة.
غير أن هذا الإجراء، وفقًا لهؤلاء المراقبين، يعمّق
الكارثة الإنسانية في القطاع، حيث يعيش أكثر من 2.4 مليون فلسطيني في ظروف مأساوية
نتيجة الحصار الخانق.
حماس: الاحتلال
يمعن في العقاب الجماعي
وفي تعليقها على القرار، أكدت (حماس) أن ما يقوم به
الاحتلال هو إمعان في سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها ضد سكان غزة منذ اليوم
الأول للعدوان في 7 أكتوبر 2023. وأوضحت الحركة أن قطع الكهرباء بشكل كامل جاء بعد
أن حُرم السكان من الغذاء والدواء والماء والوقود، في محاولة يائسة للضغط على
الشعب الفلسطيني ومقاومته عبر سياسة الابتزاز الرخيص والمرفوض.
وفي بيانٍ لها شددت الحركة على أن إصرار الاحتلال على
إغلاق المعابر، ووقف المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومنع إدخال الوقود، وتجويع
السكان، يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان.
وأشارت حماس إلى أن هذه الإجراءات تُشكّل انتهاكًا
صارخًا للاتفاقات الدولية، وتجاوزًا لكل القوانين والأعراف الإنسانية، مؤكدةً أن
الاحتلال لا يحترم أي التزامات أو تعهدات دولية.
كما اتهمت رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
بالسعي لتعطيل الاتفاق الذي شهد عليه العالم عبر محاولاته فرض خارطة طريق جديدة
تخدم مصالحه الشخصية على حساب حياة الأسرى الصهاينة، متجاهلًا بذلك حتى مطالب
عائلاتهم التي تطالبه بإيجاد حل.
ومع استمرار الحصار، وانقطاع الكهرباء، وغياب الغذاء
والماء، وتفاقم أزمة الوقود، يجد أكثر من مليوني فلسطيني أنفسهم في مواجهة الموت
البطيء، بينما يمضي الاحتلال في تصعيده الوحشي دون أي تحرك دولي جاد لوقف هذه
الجريمة.