فأين أُخـوَّتُنا الإسلامية؟!

شريف قاسم

02 أكتوبر 2025

34


في غمرة ابـتزاز طغاة الأرض في هذا العصر للأمة الإسلامية المترامية الأطراف، ومحاولات سلخ الأمة من مكانتها العالمية، ومن عزتها الإيمانية بالله، ومن مجدها التاريخي العظيم، ومن السيطرة على البلاد والعباد والخيرات التي تكتنزها بلاد المسلمين، بل وطرد أهل فلسطين منها، وتمكين الغزاة المحتلين من صهاينة العالم من احتلالها بعد الفظائع التي ارتكبوها أمام جميع الخلق.

في ظل كل هذا، هـل يستيقظ شعور المسلمين بوعي واعتزاز بالله ومحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإيمانهم ببشرياته صلى الله عليه وسلم بسيادة الأمة الإسلامية، وبهموم إخوانهم المسلمين أمر مطلوب، بل هو دليل على صدق الإيمان.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى» (متفق عليه)، وهو دليل على أن شعور المسلم بأحوال إخوانه المسلمين أو انعكاس أحوالهم في السَّـــــــراء والضَّــــــــــراء عليه دليل على اتصافه بصفات المسلمين:

المــــــــــــــزايا ولــلـــــوفـا تــــرجمانُ        وبأفيائهـا الخِصالُ الحِسانُ

فهي الأخلاقُ الحميدةُ تزكـو        حيثُ فـاحتْ كأنَّهـا الريحـانُ

لــم يـزل صادقا قـرينُ صفاتٍ        عطــراتٍ يحبُّها الأخـدانُ

فـأخٌ يحفظُ الــودادَ ويحيا         مطمئنًـا وهــــــــكذا الفتيانُ

فتيةٌ آمــنوا بربٍّ كــريـــمٍ         فحباهــــــــــــــم فربُّــــنــا الرحمنُ

وبآياتِ ربِّهم قـــــــــد تغنَّوا        إذ أثارَ استشرافَهم فـرقانُ

فتهادوا بهــنَّ بين قلوبٍ        شأنُهُنَّ الهـدى فطابَ الأمــانُ

فَتَثَنَّى بــــهــا التَّقيُّ ابتهاجًـــا        ولإخـوانــه الكـرامِ امتنــانُ

ما جفاهـم إنَّ المحاسنَ تبقى        شاهـداتٍ آثارُهــا واللســـــــــــانُ

فحديثٌ مترجِمٌ عن فـؤادٍ        في ثناياهُ صدقُــه والحــنـانُ

والإخـاءُ المحمودُ رفــرفَ فخـرًا        بيديه ويصدقُ الوجــدانُ

فالجَنَى في حقوله طاب شَهدًا        والسَّجايا في زهـوها الأفنانُ

وعلى الموردِ الهنــيِّ شبابٌ        قـــــد أظلَّ انبجاسَه القـرآنُ

ليس يشقى أخو العقيدةِ إنْ مــا        هـذَّبَـــــتْـهُ آياتُــــــه والبيــانُ

ومن السُّـــــــــــــنَّةِ الشَّريفةِ تحظـى        أنفُسٌ بالمنى فيحلو الزمانُ

ورعتْهـــــم آدابُهــم ما عَرتْهــم        نغــــــزاتٌ أو نالَهـــم خسرانُ

في مغاني الإيمان باللهِ عاشوا        فلهــــم رِفعــةٌ تُـرَى واتِّــزانُ

ولهم ذكـرُهم كمجدٍ تسامى        تــتـــغـــنَّى بشــــــــــدوه الركبانُ

كيف لا تُعْمَــــــــــرُ البــــــــلادُ رُقِيًّــا        ولديهــا شـــــــــبابُهـا الفرسانُ

وهُــمُ الصِّيدُ والفضائلُ كُثــرٌ        والمــزايــا لأهلِــــــــــهــا الشُّكـرانُ

ولهم في وجه الليالي حكايا        مقمـــــــراتٌ نــديمُهـا جــذلانُ

وتــرقُّ الأخــلاقُ في كلِّ قلبٍ        وينالُ استحسانَهـا السكانُ

أثمرتْ جنَّــةُ الإخـــاءِ وغابت        عــن جناها الأهــواءُ والأضغانُ

أطيبُ الــذكـر للتُّقـاةِ فطوبى        لشــــــبابٍ تقـواهُــمُ العنــوانُ

إنَّ وُدًّا آثـــــــارُه باقـــــــــــياتٌ        منه يُسقَى الحيرانُ والظمــآنُ

فَتَحَــرَ الرفاقَ واحــذرْ فسادا       في نفوسٍ يسوقها الشيطانُ

وتناءى -أخا العقيدةِ- عمَّنْ        زاغَ وانحــازَ مــالَــه إيـوانُ

وتعــــرَّى من المحاسن خِبٌّ        وتولَّـى مشوارَه العُــريانُ

فالإخاءُ المحمودُ نعمةُ ربــي        لقلـــــوبٍ بسـتانُهـا فينانُ

فهو الوعيُ والعقيدةُ يُمـلي        بهما للأفاضـــلِ العرفــــــــــــــــانُ

وتواصوا بالحقِّ حيثُ لديهم        للـوصايا بالمكرمــات اقتــرانُ

هـو فضلُ الإيمانِ في كلِّ قلبٍ        فظلالٌ رخــــيَّــةٌ وحــــنــانُ

نُـزعَ الغِلُّ من نفوسٍ تصافتْ        فتناءتْ عن وصفها الأضغانُ

فالفتى الفــذُّ عاشَ مخمومَ قلبٍ        فَتَقِـيٌّ هذا الفتــى مِعوانُ

وحـواليه في الأُخُـــــوَّةِ ركبٌ        أكبَـرَتْ مجــدَ سعيِه الركبانُ

ذكَّـرتْهـم آياتُ ربِّــي حقوقًـا        حيثُ تُصغي لوقعِهـا الآذانُ

فتسامتْ عــن الدنايا نفوسٌ        وحباهـــــــا مقامَــه الإحسانُ

ليس تخشى من ظالمٍ أو أثيمٍ        أو خَــؤون مـآلُـه الخسرانُ

مُجْتَناهـا مـــــــــــن العقيدة عــــــــزٌّ        وجهـادٌ أفـواجُه الفرسانُ

ومـداها بــذلُ العقيدةِ تحمي        من ضـلالٍ يثيرُه العصيانُ

في زمانٍ أشــــــــرارُه قـد تمادوا        وأُثـيـــــــرتْ بوجهـهـم أضغانُ

والليالي فلــــــــــم تكــــنْ آمناتٍ         فالتَّمـاسيحُ دأبُهــا الحيتانُ

فصدورٌ مـمــــزَّقاتٌ وفــــــيهـا       من حكايــا يـذوبُ منهــا الجَـنَــانُ

ولأهــــــوالِهـا الفظيعـــةِ تُـدمي        من قلوبٍ من أهلها الولدانُ

لا تســـــلْهـا فالفاجعاتُ يُعاني        من لظـاهـا وشرِّهـا السُّكانُ

غير أن الإخـــاءَ يبقى جليًّـــا        في أيادٍ يصونُهــا الشجعانُ

فتصدَّوا لكلِّ طـــــــــــــاغٍ أثيـــمٍ        واضمـحـلَّ الترهيبُ والإذعانُ

فهـي الأمَّــةُ التي ليس تفنى        فعظيمُ ابتعاثـــــها الإيمانُ

ولـديها من إخــــــــــــــــوةِ العزِّ ركبٌ        لا يـــــبالي بالمحنــةِ الأعيانُ

هـم ليــوثُ الوغى إذا الساحُ نادتْ       وتراءتْ للمـؤمنين الجِـــنانُ

فالأضاحي هم الأهالي وهـذي        واجباتٌ وأهلُـهــا مـا هانـوا

فهـم القومُ نهجُهم في المثاني        قد دعاهـم لفضلـِه الرحمنُ

فبإسلامنا العظيمِ انتصارٌ        سَـــــيُوافي وعـــــزَّةٌ وأمـــانُ

وستُطوَى مكائدُ الغزو مهمــا        قد تَمَنَّى اجتثاثَنـا العدوانُ

بيدِ اللـــهِ وحــدَه ما عرانا        وستُطوى أحقادُهم والهوانُ

ظنُّنـا باللـــهِ القديــــــرِ يقينٌ        لن يسودوا فللطغاةِ امتهــانُ

ولهذي المؤامـــــــراتِ اندثارٌ        وذووها والعربداتُ تُهــانُ

قبَّــحَ اللــهُ رأيَهـم فأمانيهم        ســــرابٌ تلفُّــه الأكـــفانُ

وقُـواهم من فوقـها قوةُ اللهِ        وتفنى الحشودُ والصولجانُ(1)

فانتظرها: مشـــــيئةُ اللـهِ أبقى        ولديهـا رغـم العدا البرهـانُ

 

 

 

_______________________

(1) الصولجان أو المِيحار أو المِيجَار: قضيب أو عصا اعتبرت دائماً علامة على السلطة، والمراد هنا تسلط الأعداء وتطاولهم واستخفافهم بغيرهم.

الرابط المختصر :

تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة