فتيان وفتيات الكويت.. جيل قرآني صاعد

محمد العبدالله

24 سبتمبر 2025

166

مع القرآن لا تشعر بالوحشة، حتى لو كنت في غرفة مغلقة لأيام، بل تشعر بالسعادة والنجاح عندما تحقق إنجازك، بل يكبر الإنجاز مع جيل قرآني صاعد عماده فتيان وفتيات ساروا في محراب الذكر الحكيم.

مع القرآن لا تندم على وقت طال في حفظه، بل تستشعر أنك لم تعطه الوقت الأكمل وأنه يستحق المزيد والأفضل.

مع القرآن، تذوب كل التحديات وتسهل المشاق، حتى لو كنت خارج بلدك وموطنك.

ما أجمل رحلة القرآن من أولها حتى نهايتها! فكل شخص تقابله في رحلتك محفّظاً ومحفّزاً هو طاقة من طاقات السعادة فتحت لك.

هذا ما تمثل في مقطع فيديو للطفل الكويتي طارق الإبراهيم (10 أعوام)، الذي توجه إلى المسجد النبوي الشريف لاستكمال حفظ القرآن الكريم، مع التلاوة بصوته الجميل لآيات من الذكر الحكيم.



وعلى غرار طريق الرحلة إلى الحرمين، ظهر أيضاً أحد أطفال الكويت في المسجد الحرام تعلوه الابتسامة، معلناً أنه خلال فترة الاعتكاف بالمسجد الحرام تمكن من حفظ 15 جزءاً، وأنه شدّ الرحال للمسجد الحرام بدلاً من الحفظ في أحد مساجد الكويت؛ لأن والده علّمه بركة الزمان والمكان في تيسير الحفظ، فاختار أن يكون حفظه في المسجد الحرام.

ولم يكن الطفل طارق وحده ممن سار على طريق حفظ القرآن وتجويده، بل تداول نشطاء مقطعاً صوتياً آخر يأسر القلوب لأحد أطفال الكويت؛ الذي تلا آيات من سورة «الزخرف» بصوت عذب في جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم.

أسماء مشرفة

مقطع الفيديو الذي انتشر للطفل طارق يكشف في الحقيقة نمط حياة وإرادة وعزيمة كويتية تمرّ عبر الأجيال؛ حيث سبق الإبراهيم عدد من أبناء الكويت حققوا قبل سنوات مراتب عالية وأداءً مشرفاً في المسابقات الدولية لحفظ القرآن، كان منهم:

1- ماجد بن جابر الحسون العنزي: تخرج في كلية دار العلوم وحصل على ماجستير بالفقه المقارن وأصول الفقه، وهو باحث في درجة الدكتوراة في تخصص الاقتصاد الإسلامي بجامعة القاهرة.

العنزي شارك في العديد من المسابقات المحلية والدولية منذ إتمامه حفظ القرآن، وحصد المركز الأول في مسابقة الكويت الكبرى للقرآن الكريم وعلومه لأربع سنوات.

وكان الشيخ العنزي قد أسند إليه منصب إمام مسجد الدولة الكبير؛ الذي أمّ ما يقرب من 130 ألف مصلٍّ في ليالي رمضانية قبل أعوام.

بدأت قصة العنزي مع كتاب الله في السابعة عشرة من عمره، حيث كان يذهب بصحبة أخيه الأكبر مع عدد من زهور الإيمان إلى المسجد المجاور لمنزله لحضور حلقة قرآن كان يقودها أحد المشايخ.

وأتمّ العنزي حفظ كتاب الله في عام وتسعة أشهر، تخللتها فترة انقطاع لاختبارات الثانوية العامة، مؤكداً أن حفظ كتاب الله ساعده على التفوق في دراسته، ويرى أن قوة الذاكرة تزداد ببركته.

وحول طريقة تثبيت القرآن، أوضح أنه أثناء فترة الحفظ كان يقوم بمراجعة الورد اليومي عقب العودة من المدرسة مباشرة، ثم يتناول طعام الغداء ويخلد إلى النوم، ثم يقوم لأداء صلاة العصر ويظل يراجع حتى يأتي وقت الحلقة.

كما نوه العنزي، في تصريحات صحفية، إلى أن حفظ كتاب الله هو نقطة البداية والمدخل الرئيس لبقية العلوم الشرعية، فهو حقاً بمثابة تربية للسلوك والذات على جميع الخصال الحميدة.

2- عمر يوسف الشعلان: على مسار الجيل الصاعد والرائد في حفظ القرآن الكريم، كانت هناك مفاجأة قرآنية جميلة أبدع فيها قبل سنوات المتسابق الكويتي عمر يوسف الشعلان، الذي تقدم في فرع القراءات السبع من طريق الشاطبية.

الشعلان ظهر في جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن وتجويد تلاوته بأدائه المتميز وتمكنه من استحضار القراءات والروايات بإتقان، وقد حاز على إعجاب الحضور واستحسان لجنة التحكيم.

3- محمد العلي: في نوفمبر الماضي، تجلى في سماء الكويت قمر جديد من أقمار حفظة كتاب الله، وهو الشاب محمد حمد العلي الذي شارك في جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم وقراءاته وتجويد تلاوته في نسختها الثالثة عشرة، حيث حصد المركز الأول بفرع القراءات العشر.

وأوضح العلي حينها أن بداياته في حفظ القرآن كانت منذ الصغر مع الوالدين، حيث كانا يسعيان لتحفيظي لكتاب الله، ويذهبان بي إلى الحلقات في المساجد والمراكز القرآنية.

مهر كويتية

لم يكن الذكور فقط في مقدمة حفظ القرآن، بل كان للفتيات نصيب مشرف ومبهر، ظهرت فيه القيمة المجتمعية وحسن التربية للفتيات، التي كشفت وعي أبناء وبنات الكويت بقيمة وجود القرآن في حياتهم علماً وعملاً، حساً ومعنى، وأن بركة القرآن هي المكسب الحقيقي.

قبل عامين، كانت المفاجأة مع فتاة كويتية؛ التي تقدم لها شاب كويتي والده مليونير، فلم يكن طلبها سيارة فارهة أو قصراً في مكان مرموق، ولكن كان طلبها ومهرها أن يحفظ القرآن كاملاً.

العجيب أيضاً هو رد فعل المتقدم للزواج، حيث قام بالفعل بحفظ القرآن في أقل من سنة وتزوجها، إضافة إلى أنه صار محافظاً على أداء الفروض كلها في المسجد.

كما لم تنسَ الكويت يوماً المعجزة القرآنية في سرعة الحفظ، التي كانت من نصيب 15 فتاة تمكنَّ من حفظ القرآن الكريم في زمن قياسي لم يتعدَّ الشهرين، وذلك خلال رحلة العمر إلى رحاب مكة المكرمة، التي نظمتها ورعتها عدة مؤسسات خاصة قبل سنوات.

وتمّ استقبال الفتيات حينها في مطار الكويت الدولي، وهن عائدات في مشهد يعلوه الوقار والعفة، وذلك بعد قضاء شهرين في رحاب بيت الله الحرام، تمكنّ فيهما من حفظ القرآن الكريم، حيث تم نثر الورود والحلوى فوق رؤوسهن لحظة وصولهن لأرض المطار.

دعم حكومي

إذا كانت الحكومة الكويتية داعمة لأبنائها في حفظ القرآن وتلاوته، فإنها في مسار مواز، لم تقف مكتوفة الأيدي أو عاجزة حول ما يعوّق حفظ كتاب الله أو الإساءة إليه، حيث قررت طباعة 100 ألف نسخة من المصحف الشريف، مترجمة إلى اللغة السويدية وتوزيعها بالسويد، في خطوة دبلوماسية ذكية، وذلك رداً على حادثة حرق نسخة من المصحف التي قام بها متطرف حاقد على الإسلام.

وأيضاً في إطار النشر والتحفيز على حفظ كتاب الله، وزعت الحكومة الكويتية عبر جمعيات العمل الخيري مليون مصحف في أفريقيا، حيث يعد هذا المشروع من أعظم المبادرات الإنسانية التي تنشر نور الإسلام حول العالم.


اقرأ أيضاً:

الراسخون في العلم تحتفي بختمة الحافظ توفيق الجراح

الكويت تفخر بأبنائها البررة: الشيخ محمد العلي نموذج يحتذى به في خدمة القرآن الكريم

اختتام جائزة الكويت الدولية لحفظ القرآن الكريم الـ12


تابعنا

الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة