فرانشيسكا ألبانيز.. صوت غربي منصف يعري الاحتلال الصهيوني

في زمن تماهت فيه مؤسسات القانون الدولي مع صمت العالم حيال واحدة من أبشع
المآسي الإنسانية في التاريخ الحديث، برز صوت جريء من قلب المنظومة الأممية، يصدح
بالحقيقة في وجه آلة التضليل والإنكار.
إنها فرانشيسكا ألبانيز، الحقوقية الإيطالية التي تجاوزت دورها التقليدي
كمقرّرة أممية لتغدو شاهدًا أخلاقيًا على فصول الإبادة، وضميرًا عالميًا يواجه
الكذب المنظّم باسم العدالة.
منذ اندلاع العدوان الصهيوني على غزة، في 7 أكتوبر 2023م، وضعت ألبانيز
نفسها في مواجهة مفتوحة مع الرواية «الإسرائيلية»، لم تتردد في تسمية الأشياء
بمسمياتها، مؤكدة أن حق الفلسطينيين في المقاومة متأصل في حقهم في الوجود كشعب،
وأن ما يجري في غزة ليس نزاعًا مسلحًا، وإنما تطهير عرقي ممنهج.
وفي مارس الماضي، وخلال ظهور إعلامي، قطعت الشك باليقين بقولها الصريح: لا
أريد أن أسمع ما تقوله «إسرائيل»، رافضة كل تبرير لجرائم الاحتلال، أما حين تعلّق
الأمر بخطة توزيع المساعدات «الإسرائيلية»-الأمريكية في غزة، علّقت بغضب: هذا أسوأ
ما يمكن أن تفعله البشرية.
وفي وقتٍ بات فيه الدفاع عن فلسطين تهمة، تحوّلت ألبانيز إلى حالة استثنائية داخل أروقة الأمم المتحدة، لم تكتف بإبداء القلق أو إصدار بيانات دبلوماسية باهتة، بل واجهت الاحتلال بخطاب حازم، وعرّت الصمت العربي والدولي.
«لقد استخدمت «إسرائيل» تجويع الفلسطينيين كسلاح حرب لفترة من الزمن، أتساءل: إن كان الوقت قد حان أخيرًا للدول العربية أيضًا لقطع علاقاتها مع «إسرائيل»، هل ستفعل ذلك؟!»، بهذه الكلمات القوية، عبرت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عن موقفها عبر حسابها على منصة «إكس» لتطلق نداءً أخلاقيًا، وتعيد تسليط الضوء على واحدة من أخطر جرائم الاحتلال.
ورغم حملة ضغوط غير مسبوقة قادتها منظمات موالية للكيان الصهيوني وبعض الحكومات الغربية لإقصائها، صوّت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في أبريل 2025م لصالح تمديد ولايتها حتى عام 2028م، في صفعة دبلوماسية للاحتلال والدول التي سعت لعرقلتها، وعلى رأسها المجر والأرجنتين.
من هي ألبانيز؟
محامية دولية وباحثة أكاديمية إيطالية، وُلدت عام 1977م، وتشغل منذ مايو
2022م منصب المقررة الخاصة بشأن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعرفت
بمواقفها الجريئة في الدفاع عن القضية الفلسطينية استنادًا إلى القانون الدولي.
تشغل ألبانيز أيضًا منصب كبيرة المستشارين في قضايا الهجرة والتشريد القسري
لدى منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية، وهي باحثة في جامعة جورجتاون، كما
أسست الشبكة العالمية المعنية بالقضية الفلسطينية، وتُعد من أبرز الأكاديميين
الغربيين المدافعين عن حق الفلسطينيين في العودة.
أصدرت عدة دراسات مرجعية، أبرزها كتابها «اللاجئون الفلسطينيون في القانون
الدولي» (2020، مطبعة جامعة أكسفورد)، الذي يُعد مرجعًا قانونيًا شاملًا حول واقع
اللاجئين الفلسطينيين منذ «النكبة» حتى اليوم.
وتحاضر بانتظام في جامعات أوروبا والمنطقة العربية حول القانون الدولي
والتشريد القسري، وشاركت كخبيرة حقوقية في عدد من مؤسسات الأمم المتحدة، حيث قدمت
استشارات متخصصة في حقوق الإنسان، خاصة للفئات الضعيفة كالمهاجرين واللاجئين.
تحمل ألبانيز إجازة في الحقوق من جامعة بيزا، وماجستير في حقوق الإنسان من
جامعة سواس في لندن، وتُكمل حاليًا دكتوراة في القانون الدولي للاجئين بجامعة
أمستردام.