قراءة في كتاب «التعدد شرع ورحمة»
تطرح مؤلفة كتاب
«التعدد شرع ورحمة» د. رانيا هاشم أسانيد الدين والمنطق والعقل في دعوتها إلى تعدد
الزوجات، في محاولة لإطلاق حوار نسائي-نسائي، يناقش القضية من وجهة نظر المرأة
نفسها.
الكتاب يرد على
الشبهات الاجتماعية التي تحيط بزواج الرجل من ثانية وثالثة ورابعة، مؤكداً أن
الأمر جاء لتكريم المرأة، واحتوائها، ورعايتها، وليس لإهانتها أو النَّيْل منها.
تتناول المؤلفة
الأسباب التي تدعم التعدد، وتجعل منه حاجة مجتمعية وحياتية ضرورية، مشيرة إلى أن
أول شيء ذكر من الحب هو النساء، في قوله تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ
وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّة) (آل
عمران: 14).
ترى هاشم، وهي
استشارية مصرية في العلاقات الزوجية، أن امرأة واحدة لا تكفي الرجل في بعض
الأحيان، ربما لعلة ما في الزوجة، أو رغبة في الإنجاب، أو تجنباً للطلاق حال وجود
خلافات أسرية، أو رغبة في إعفاف النفس، أو لأسباب أخرى.
العنوسة والطلاق
تقول الكاتبة،
في كتابها وعدد صفحاته 158 صفحة: إن التعدد يعد حلاً ناجعاً لمعالجة قضايا العنوسة
والطلاق، ومواجهة مشكلة الخيانة الزوجية، منوهة بأن الكتاب يخاطب أغلب الحجج
المساقة لرفض التعدد، وهو لتوضيح حكم شرعي تم تشويهه عن عمد، في قوله تعالى: (فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ
النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) (النساء: 3).
وتؤكد المؤلفة
أن في الواقع الاجتماعي في البلدان العربية والإسلامية، من ناحية ارتفاع معدلات
الطلاق والعنوسة، وتجاوز الملايين من الشباب سن الثلاثين عاماً دون زواج، فضلاً عن
كثرة عدد الأرامل، ما يكفي لإقناع المترددين والمتشككين، بجدوى التعدد.
وتطالب هاشم
وسائل الإعلام، والمؤسسات التربوية والدينية، بالعمل على تغيير قناعات سلبية
مترسخة وإرساء نظرة موضوعية عن التعدد، مشيرة إلى أن الإسلام وضع إطاراً للأمر،
ولم يترك الرجل يتزوج مثلما يُريد، قال سبحانه: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) (النساء:
3)، إذا خاف ألا يقوم بالواجب؛ يكتفي بواحدة.
لا تكتفي
المؤلفة بطرح الأمر في كتابها الصادر عن دار «اكتب» للنشر والتوزيع، عام 2017م، بل
تؤكد قبولها بتطبيق التعدد على نفسها وعلى كل من يعنيها أمره وأمرها، مقدمة نماذج
واقعية لمن قمن بتزويج أزواجهن، أو رحبن بالزواج الثاني لأزواجهن.
مصير الأرامل
وتوضح هاشم أن
حديثها عن تعدد الزوجات نابع مما كفله الشرع بالعدل في المبيت والنفقة وحسن
العشرة، نافية أن يكون الطلاق وراء خراب البيوت، بل الواقع يقول: إن نسب الطلاق في
ارتفاع رغم أن التعدد يقابل بالتجريم الاجتماعي، والقليل من يرضى به.
وتتساءل الكاتبة
عن مصير المطلقات والأرامل، في ضوء محاربة التعدد، والتحريض عليه، مشيرة إلى أن
فطرة الرجل تجعل في استطاعته الزواج من 4 نساء، ولولا وجود هذه الفطرة ما حلل الله
تعالى تعدد الزوجات، كما أن الأمر يحمي المرأة من التحرش والاغتصاب والتورط في
علاقات محرمة.
وللتعدد فوائد
أخرى، منها البعد عن الفواحش، وإعفاف الناس؛ فليس كل امرأة تجد رجلًا، قد يكون
الرجال أقل من النساء، ولا سيما عند الحروب، ففي ذلك إعفافها، وفي ذلك أيضًا
الإنفاق عليها، وصيانتها، ومن الفوائد أيضاً كثرة النسل، وتكثير الأمة؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: «تزوجوا الودود الولود؛ فإني مكاثر بكم الأمم يوم
القيامة»، فوجود النسل، وكثرة الأولاد في هذه الأمة أمر مطلوب ومقصود.
ولفتت هاشم إلى
أن التعدد ليس ظاهرة إسلامية، فهو ظاهرة من قديم التاريخ، ومن قبل ظهور الإسلام،
لكن ديننا الحنيف وضع للتعدد أطراً وقواعد وضوابط للأمر، فالتعدد مشروط وغير مطلق.
واستطردت
الكاتبة بالقول: إن ما ينفق على الحرام، من عشيقة أو فتاة ليل أو غيره، يفوق
الإنفاق على زوجة أخرى، كما أن معظم الصراعات الاجتماعية المنتشرة في الآونة
الأخيرة زادت بشكل متفاقم في وقت ينحسر فيه التعدد، وهذا معناه أن التعدد ليس سبباً
في مشكلات المجتمع، وإنما حل لها.
الكتاب في حاجة إلى القراءة المتأنية، خاصة من قبل النساء، قبل مهاجمة مؤلفته أو الفكرة التي تطرحها، في ضوء كون التعدد حلاً شرعياً لمشكلات عدة، منها العنوسة والطلاق، والترمل المبكر للمرأة، والتحرش والاغتصاب والإباحية، وغير ذلك من تفكك وأزمات ضربت استقرار الأسرة المسلمة.
اقرأ
أيضاً:
10 أسباب عاجلة لفتح ملف «التعدد»
مناهضة تعدد
الزوجات.. ظلم للمرأة بقناع حقوقي