5 لغات وحب واحد..
قراءة في كتاب «لغات الحب الخمس» لـ غاري تشابمان

تختلف لغات
الناس في التعبير عن مشاعرهم المختلفة كل حسب شخصيته، وتختلف التعبيرات حسب شخصية
كل فرد وطريقة نشأته وتربيته، وحسب ثقافته وفهمه، وتفشل الكثير من العلاقات
الأسرية بسبب عدم فهم تلك اللغة، فقد يعبر الزوج عن حبه لزوجته بطريقته الخاصة
ولغته التي يحسنها، غير أنها لا تتلقاها بفهم، فتحسب بسوء فهم أنه توقف عن حبها.
وكذلك الزوجة،
قد تنهك نفسها في تنظيف البيت والسهر على راحته وتنتظره بينما هو عائد من عمله
بكوب من المشروب الدافئ معبرة بطريقتها عن حبها له، تهتم بمدارسة أولاده،
ونظافتهم، وأخلاقهم وتربيتهم، لكنها يحسب أنها توقفت عن حبه، فهي لم تعد تعبر له
بالكلام، ولم تعد تبوح له بمكون الحب في قلبها.
هو يستخدم لغته
الخاصة، وهي تستخدم لغتها الخاصة في التعبير عن الحب، غير أن تلك اللغات قد لا
تكون مفهومة عند الطرف الآخر، فيحسب جهلاً أن الحب انتهى.
وقد أتى هذا
الكتاب القيم في مجال الإرشاد الأسري ليقول فيه مؤلفه الذي عمل في مجال الاستشارات
الأسرية لفترات طويلة: كل إنسان له لغة حب رئيسة، إذا لم تُفهم ويُتواصل بها، فإن
العلاقة ستفتقر إلى الدفء مهما كانت النوايا طيبة، بمعنى أن الحب لا يُفهم دائمًا
بالطريقة التي نعبر بها عنه، بل بالطريقة التي يستقبلها الطرف الآخر.
ولهذا، كثير من العلاقات تفشل لا لأن الحب غائب، بل لأن لغته غير مفهومة بين الطرفين؛ أي أن الزوج المحب، والزوجة المحبة يجب عليهما أن يفهما أن هناك توضيحات يجب أن تتم ليطمئن الطرف الآخر أنه ما زال هناك قلب يتعلق به ويحبه ويقدره، على الزوج أن يفهم أن مجرد العمل والإنفاق ليس كافياً للتعبير عن الحب، وعليها أن تعي أن مجرد الاهتمام بالأولاد ونظافة البيت ليس كافياً عن التعبير عن الحب، بل هناك احتياجات، ولغات أخرى يجب أن تقال.
الفكرة الأساسية للكتاب
يرى تشابمان أن
للحب لغة يجب ألا تفهم فقط، وإنما يجب أن تمارس بطريقة يفهمها الطرف الآخر، فأنت
حين تكتفي لغتك (غير المفهومة) للطرف الآخر، فقد تدفعا أنتما الاثنان معاً الثمن،
وهو الوقوع في حالة من الجفاف العاطفي المبرر بعدم فهم لغة الآخر في التعبير عن
حبه.
لغات
الحب الخمس
1-
كلمات التقدير:
تتمحور هذه
اللغة حول الكلمات كوسيلة أساسية للتعبير عن الحب، فالبعض يشعر بالدفء حين يستمع
لكلمات التقدير وإبداء الإعجاب عن شيء فعلوه من مدح، وتشجيع، ودعم لفظي يقدم بصدق،
وكلمات التقدير هي كلمات إيجابية تقال بهدف التشجيع والتعبير عن الإعجاب أو تقدير
الجهد المقدم من طرف لطرف، ومن أمثلة تلك الكلمات بين الزوجين: أنا فخور بك لما
تقوم به من جهد تجاه أبنائنا، شكراً لما فعلته اليوم، تبدين جميلة، أنت ذكي ومبدع.
أنواع
كلمات التقدير
- عبارات
التشجيع: تعزز ثقة الآخر بنفسه، مثل: أنا واثق أنك ستنجح.
- كلمات الدعم:
تواسي وتخفف الألم، مثل: أنا هنا بجانبك مهما حدث.
- المدح الصادق:
يسلط الضوء على الصفات الجميلة أو الإنجازات، مثل: أحب فيك لطفك مع الآخرين.
- الطلب بلطف:
وذلك باستخدام أسلوب لبق ولين بدلاً من أسلوب الأوامر.
أمثلة
من الحياة اليومية عن كلمات التقدير
- إذا أعدت
الزوجة طعاماً جيداً، فيكافئها بكلمات، مثل: كان الطعام لذيذاً جداً، أشكرك على
جهدك، فتلك الكلمات في هذه الحالة أفضل من الهدية، عليك أن تكون سعيداً معها، عليك
أن تقدرها ببعض الكلمات.
2-
قضاء وقت نوعي:
البعض لا يشعرون بالحب إلا بقضاء وقت خاص ومتميز، وقت خال تماماً من أي انشغال، يخصص لقضاء وقت مشترك مع الزوج يكون خاصاً به دون غيره ليشعر بالحب والاهتمام، والوقت النوعي لا يعني التواجد الجسدي فقط، وإنما يمتد لإظهار الاهتمام والانتباه والاستماع للطرف الآخر، ويتضمن الوقت النوعي: حسن الاستماع، الحديث العميق والمشاركة الوجدانية، النشاطات المشتركة كالمشي معاً، أو تناول طعاما خارج المنزل معا منفردين، ومن أنواع الوقت النوعي: المحادثات الهادفة: حيث يسمع الطرف الآخر باهتمام دون مقاطعة أو أحكام، الأنشطة المشتركة حتى لو كانت بسيطة أو رمزية كالوقت أو اللعب أو المشي، الوجود العاطفي الكامل، ويتحقق ذلك بالبعد عن الهاتف أو التلفاز والتركيز في العلاقة بين الطرفين.
أكثر من يؤلم أحد الطرفين
- الانشغال
أثناء الحديث معهم (كالانشغال بالهاتف).
- قضاء الوقت
معاً جسدياً، ولكن بلا تفاعل أو اهتمام.
- الإلغاء
والتأجيل المتكرر للقاءات المشتركة، ومن أمثلة ذلك: إذا عاد الشريك من العمل
متعبًا، وكان الطرف الآخر يتحدث، فالاستماع إليه بعينين يقظتين وقلب مفتوح يعبر عن
الحب أكثر من مئة كلمة.
3-
تلقي الهدايا:
الهدية هي اللغة
الأقوى من لغات الحب، والبعض يهمه الهدية مهما كانت بساطتها، فليس مهماً كم تساوي،
بقدر ما هو مهم أن تقدم، هي لغة تقول: أنا أفكر فيك، أنت مهم عندي.
بالنسبة لبعض
الناس، الهدايا هي رمز ملموس للحب، ليست قيمة الهدية المادية ما يهمهم، بل النية
والمعنى خلفها، الهدية تقول لهم: أنا أفكر فيك، وأنت مهم بالنسبة لي، والهدية قد
تكون وردة من حديقة، أو كتاباً يحبه الشريك، أو بضع كلمات مكتوبة بخط اليد على
ورقة رقيقة، أو نوعاً من الحلوى المفضلة.
4-
أعمال الخدمة:
وهي أفعال عملية
يقوم بها أي طرف من أجل راحة أو دعم الطرف الآخر، وهي لغة واضحة من لغات الحب، ومن
أمثلتها غسل الصحون أو المشاركة في إعداد الطعام، أو إصلاح شيء في المنزل يضايق
الطرف الآخر، أو مساعدته في مهامه اليومية، أو مساعدته في الدراسة أو المهام
اليومية، ولغة أعمال الخدمة مهمة بين أي زوجين لأنها تعني «أنا اهتم بك»، و«أرد أن
أساعدك»، و«راحتك مهمة عندي».
ولنجاح هذه
اللغة:
- يجب ألا تأتي
بعد إلحاح.
- يجب تنفيذها
بحب وليس بتذمر.
- تلبي
الاحتياجات الحقيقية للشريك الآخر.
وهناك أمور تؤذي
من يتحدث بهذه اللغة، وهي أن يكون مهملاً في المشاركة المنزلية، أو أن يكون كسولاً
تجاهها، أو يكون كثير الوعود بغير فعل.
5-
اللمسات الجسدية:
وبالنسبة للبعض،
تعتبر اللمسة الجسدية اللغة الأعلى للتعبير عن الحب، فالعناق، والإمساك باليد، أو
القبلة، أو أي شكل من أشكال التواصل الجسدي هو التعبير الأسمى عن الحب.
لماذا هو مهم؟ لأن
اللمسة الجسدية توصل الحب مباشرة إلى القلب، وتزرع الطمأنينة، وتعبر عن القبول
والاهتمام والرعاية.
ومن أشكالها:
التودد الجسدي العفوي والمتكرر، والحضور الجسدي وقت الألم والاحتياج مثل الإمساك
باليد والتربيت على الكتف، والمعانقة عن اللقاء والوداع، مع الأخذ في الاعتبار أن
بعض اللمسات في بعض الأوقات قد تكون جارحة ومؤذية نفسية، مثل العلاقة الحميمية في
وقت الحزن والاحتياج لتواصل من نوع إنساني آخر.
خلاصة
الكتاب
- الحب ليس ما
نشعر به فقط، بل ما نفعله لنُشعِر الآخر بأنه محبوب.
- الحب ليس أن
تتوقع أن يُفهمك الطرف الآخر، بل أن تسعى لفهمه أولاً.
- بين الزوجين: سوء
الفهم بين الأزواج لا يعني انعدام الحب، بل اختلاف في لغته
- حين تعرف لغة
شريكك، يصبح التعبير عن الحب أكثر دقة وتأثيرًا
- في التربية: الطفل
الذي لا يسمع كلمات التقدير قد يبحث عن قيمته في الخارج
- الذي لا يتلقى
لمسات حنونة، قد يطلبها من مصادر غير آمنة.
- في العلاقات
الاجتماعية: حتى الأصدقاء وزملاء العمل قد تتأثر علاقتنا بهم عندما نحترم لغتهم
الإنسانية.
فإلى فهم جديد،
ندرك من خلاله كيف يمكن وضع قواعد لإعادة الصياغة في البيوت بما يتوافق مع
مفاهيمنا الإسلامية السامية، وذلك لن يتأتى إلا برغبة مخلصة في التغيير للإصلاح
والتعافي.